آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-12:30ص


نحتاج ثورة وعي تزامنًا مع ثورة البندقية

الثلاثاء - 04 يونيو 2024 - الساعة 09:46 م

حسين الحماطي
بقلم: حسين الحماطي
- ارشيف الكاتب


نحتاج ثورة وعي تزامنا مع ثورة البندقية لان البندقية اللتي بلا ثقافة وبلا وعي تقتل ولا تحرر، فلو كان لدى شعبنا وعي وثقافة وطنية سليمه لما حصل ان تخرج الملايين لمناصرة عفاش ثم يقتل وحيدا لا جيوش ولا شعب ولا قبائل معه ، ولأننا ندرك جميعا ان المجتمع ينقصه الوعي فكما كانت الملايين من أبناء الشعب تخرج تمجد وتطبل لعفاش ونظامه خرجت ايضا تطبل للإخوان وثورات الخريف العربي التي أتت ودمرت الشعوب والدول التي هي بالأساس دول هشة في نظامها وهيكلها المؤسسي، وبالأخير الشعب نفسه اللي مجد عفاش وناصره وتظاهر لأجله خرج ضده فيما يسمى بثورة الخريف العبري ، وهو الشعب نفسه الذي تحوث بين عشية وضحاها ورجع يصرخ بالخرافات والخزعبلات وتملشن بعد أن كان شعب ينادي بالدولة والنظام والعدل والحكم الديمقراطي المدني .

واعطيكم مثال آخر هنا فيما يخص المجتمع السلطوي والنخب الحاكمة اتمنى ان ارى مسؤول واحد يقر بوجود فساد في وزارته او إدارته ويقدم استقالته ويوضح سبب الاستقالة ويبرر موقفه ويضع الشعب في صورة الحقيقة كما يحصل من الشرفاء في كثير من بلدان العالم، لكن في اليمن مستحيل يحصل هذا إلا مرتين حصل الاول استقالة الاقتصادي الشهير رئيس الوزراء فرج بن غانم في عهد النظام السابق والثاني عبد العزيز المفلحي .

فلماذا لا تشاهد مسؤول يستقيل اليوم خصوصا والبلد مدمر والشعب منهك يصارع الازمات وتردي الخدمات وتدهور التعليم وتكون اسباب الاستقالة اخلاقية وادبية ووطنية ويثبت ان ضميره وامانة المسؤولية لن تسمح له ان يتسمر في منصبه.

طبعا هذا لن يحصل لان حب المال فتنة اولا، ولأن النظام الصارم العادل لا يوجد ولا مبدأ الثواب والعقاب، والفساد اصبح سلوك وثقافة، فالمسؤول الذي لا يغتنم الفرصة ويبني عمارته ويملي شوالته ويشتري سيارته الفارهة ويحقق أحلامه الشخصية لا يعتبر رجل احمر عين وغبي حسب الوعي المجتمعي السائد اليوم مع الاسف، نعم اصبح الفساد واكل الحرام وخيانة امانة المسؤولية وظلم الشعب ثقافة وسلوك مألوف لدى النخب الحاكمة بمختلف توجهاتها وانتمائاتها السياسية والحزبية، فلم يعد الفساد واكل المال العام يعتبر عمل حرام او عمل مدان بشكل واضح من قبل النظام والمجتمع، فالمسؤول يمارسه بكل فخر والمجتمع لا ينكره بشكل واضح وعملي وهذه مشكلة اذا نظرنا اليها بمنظور ديني ووطني وأخلاقي .

والفساد يعتبر اهم اسباب انهيار الدولة والأنظمة وضياع الشعوب و الصراع على الحكم و سبب مشجع لتشكيل التكتلات الحزبية والقبلية وحتى السياسية التي تقف بوجه بعضها ليس لأجل الوطن والشعب او مشاريع سياسية وطنية ناجحه، ولكن لاجل الوصول إلى السلطة مصدر الثروة .هكذا تشكل الوعي العام والثقافة السياسية للنخب الحاكمة، ان السلطة تعني الثورة والجاه وليس مسؤولية دينية ووطنية وإنسانية تجاه الشعب والوطن .

ومع هذا كله فكما لكل قاعدة استثناء، فالخير يظل موجود في امة محمد والشرفاء ايضا وقد يحصل يوما تنتهي هذه الصراعات بتأثير ظروف اقليمية ودولية وضغط داخلي وتتشكل حكومة وتستقر البلاد استقرار ولو نسبي لكن المشكلة الكبرى التي ربما تظل عقود من الزمن يعاني من اضرارها الوطن والشعب هي ثقافة الفساد وتحتاج معالجات استراتيجية لأن الفساد بجميع أنواعه اصبح سلوك وثقافة مدمره وعقبه امام إقامة دولة ونظام وتعليم وبناء واستقرار دائم ونهضة وتطور .

وهي فرصة ان ندعو هنا الإعلام الحر المستقل والوطني ومنظمات المجتمع المدني والناشطين والنخب ان يكون لهم دور بارز في جعل جزء بسيط من عملهم وبرامجهم توعية وتثقيف المجتمع من خطر الفساد على مستقبل الاجيال والمجتمع والوطن بشكل عام ، نعم نحتاج ثورة وعي ثورة ضمير، ثورة قيم ومبادئ نزرعها في الشباب والمجتمع بشكل عام، فالمعرفة والقيم والمبادئ وثقافة حب النظام والتعامل الحضاري في اطاره والتعليم واهميته وانكار الفساد ومحاربته أهم أسس في نهضة وتقدم الدول والشعوب.