آخر تحديث :الأربعاء-16 أكتوبر 2024-11:42ص

عفواً ايها القانون !! لقد نسينا روحك

الخميس - 04 أبريل 2024 - الساعة 01:56 م
عبدالناصر السنيدي

بقلم: عبدالناصر السنيدي
- ارشيف الكاتب




كنت بالامس وبالصدفة في امسية حضرها محافظ ابين الاسبق وعضو رئاسة الانتقالي الجنوبي الخضر السعيدي

هذا الرجل يعطيك للوهلة الاولى من خلال وقاره وهندامة وحديثه انطباعاً مقنعاً.. كنت قد قابلته لاول مرة البارحة ، وكان عائداً لتوه من اجتماع مع محافظ عدن ومدير أمنها.. حول قضية العميد الحنشي وانتهاك حرمة منزله...

الاخ الخضر السعيدي يعتبر رئيسا للجنة التي شكلت من ابناء ابين لاحتواء المشكلة ومحاصرتها في مهدها..
انا لست في صدد شرح ملابسات المشكلة التي كانت في طوق الانزلاق وكادت ان تتحول الى قضية راي عام

لقد استمعت مستمتعاً لهذا الشخص بينما يشرح لنا خطوات تحركهم لاحتواء الازمة بشكل مارثوني متسارع الخُطى تواصلا مع كل الاطراف في عدن ذات العلاقة بالاجهزة الامنية التي باشرت الانتهاك لمنزل قائد عسكري معروف بشكل ربما يتجاوز حدود القانون والتصريح وخرق برتكولي لما يسمح به القانون...

اجمل مافي الامر كان اعجابي بروح ضبط النفس وفرضيات اللجنة ليس بالدفع نحو عدم سوء النية او الترصد لشخص الحنشي بذاته بل لضعف التدريب والتأهيل والخطاء الفردي.. ولم تذهب اللجنة للانتصار لذات الحنشي او لقبيلته ولكن لتنبه الجهات المختصة بخطورة ذلك مستقبلا على النسيج الاجتماعي وكيفية عدم تكراره

في الحقيقة انبهرت لامكانات الاخ الخضر السعيدي كرئيس للجنة الاهلية وكاني واقفا مستمعاً مستمتعاً امام محاضر في ادارة الازمات على منصة الجامعة في قاعة المحاضرات.. خطوة بخطوة ويستحق ماقاموا به ان يدرس او يعمم... وقد كان الخائف الحريص على النسيج الاجتماعي..

انتهت القضية بالاعتذار.. وبترفع العميد الحنشي وبتفهم محافظ عدن ومدير امن عدن نؤيد ذلك وندعمه ولكن هل هذا يكفي هذا!!
فلتسمحوا لي ان اقول هذا لايكفي -؟

فهناك فرق بين تطبيق العدالة والانصاف!!
وتعريفها المبسط ان تطبيق القانون بحذافيره هو العدالة بينما ما يحقق الانصاف هو تطبيق روح القانون...
ولن تكتمل العدالة الا بالانصاف..

جميل ان يحضر القانون والعدالة الشعب يتمنى هذا ويطبق على الجميع فردا دون اي تمييز.. ولكن علينا ان نضع اعتبارات للظروف المحيطة... ولظروف كل قضية على حدة... معاملة القضايا بشكل متشابه هذا خطأ
لهذا يدرس القضاه والعاملون في سلك القانون عند تنفيذ القانون شيء اسمه روح القانون...

روح القانون تعني انسنت القانون اي تتفيذ القانون وفق معايير ان الشخص المنفذ به انسان يعيش في مجتمع له وضعه الاجتماعي له عائلة له جيران له قبيلة... اي ان ينفذ اي شيء قهري بعد استنفاذ كل السبل التي تتحاشى ذلك... الدولة مهمتها تحقيق العدالة والبشر العاملون بسلك القضاء مهمتهم الانصاف..

يحفظ قانون لاي متهم حقوق كبيرة وعظيمة لا لشيء لسبب واحد هو انسانية المتهم.. يمنع التعذيب والاهانة وعدم الحديث الا امام محامي.. حتى حقه بعدم الكلام او الانكار.. حرمة بيته وماله وهاتفه وخصوصياته ومكالماته وعدم كشف عن اي سر يتم الحصول عليه وفق ذلك..
حقه في الاستئناف حقه في الدفاع عن نفسه باي شكل يراه.. وحقه في تفسير اي دليل ضعيف لصالح المتهم..

اذا امتلك حامل الامر القهري أمر النيابة لدخول اي منزل عليه ان يخطر صاحب المنزل بالامر.. وان فتش عليه تفتيش الموضوعات المحددة بالامر والاماكن التي يشتبه ان لها علاقة بالجريمة بحضور صاحب المنزل وشهود مرافقين... والاهم هو دخول المنازل في الفترة من شروق الشمس حتى غروبها وليس في اخر الليل لان ذلك مستفز جدا شعبيا...

وحتى اكون دقيقاً فان القانون صرح بتفتيش المنازل ليلا ولكن هذا ليس قاعدة الا في الجرائم الجسيمة ويكون فيها المتهم خطراً او هارباً من وجه العدالة.. وقد حدد قانون الاجرائات الجنائية ضوابط ذلك... ويتم ذلك مع مراعات كل الحقوق للمتهم المذكورة اعلاه...

هناك مسؤلية قانونية امام جهات الضبط القضائي ان تتجنب الاخطاء المقترفة من قبل جنود ربما غير مؤهلين يذهبون وفي رؤسسهم تصور ان المتهم المقبوض عليه عدواً في جبهة قتالية وليس متهم اعتبره القانون بريئا حتى تثبت ادانته ومنحه حقوق كثيرة جدا تحفظ كرامته وادميته... لهذا لم تنسى اللجنة المذكورة بهذه القضية ان تطالب الجهات الرسمية بتاهيل الكادر الامني قبل السماح بتعامله مع المواطن... وتقع على عاتق النيابة التشديد في ذلك قبل منح النيابة باوامر القبض التي اصبحت لدى بعض ماموري الضبط مثل الرخصة المفتوحة وهذا خطاء..

مافائدة الاعتذار ومافائدة رد الاعتبار، وذبح الاثوار اذا كنا في كل مرة نمارس نفس الاسلوب ونحصل على نفس النتائج...

انا هنا لست في دور الواعظ او استخدم هذه الحادثة او ضد انفاذ القانون او للنيل من احد بل للتصحيح.
انفذوا القانون بيد من حديد.. لكن القانون هو جامد بلا مشاعر اذا لم يرافق تنفيذه روح القانون...

يثبت عقلاء ابين يوما بعد الاخر انهم رجال دولة مدركين تعقيدات المرحلة
فالف تعظيم سلام..... اتمنى الحذو حذوهم


كتب العميد ركن حقوقي
عبدالناصر السنيدي