آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

العِشرون دولارَ يا بِنْ مُبارك

الخميس - 15 فبراير 2024 - الساعة 06:41 م

د. مجيب الرحمن الوصابي
بقلم: د. مجيب الرحمن الوصابي
- ارشيف الكاتب


العِشرين دولارَ يا بِنْ مُبارك ! (سيميائيةُ الإشارةِ) وروعةُ البداياتِ

بينَ الأمَلِ المنْشودِ، والسُّخطِ المَلحوظِ ... وحضورِ (التطبيلِ) المعهودِ، شاهدَ الناسُ واقعةَ (العشرين دولارَ): امرأةٌ تشْكو مِن سوءِ الأوضاعِ والفسادِ ومعاشِها الهزيلِ الذي لا يتجاوزُ العشرينَ دولارَ، ورئيسُ الوزراءِ الجديدِ يضعُ يدَه على صدرِه بإنصاتٍ وتقدير وكلّ احترام على أنّ وضعَ اليدِ بهذهِ الطريقة أثارتْ تأويلاتٍ متناقضةٍ، فلغةُ الجسدِ كثيرًا ما تكونُ أكثرَ صِدقًا من الُلغة الملفوظةِ.

هلْ كانَ وضعُ اليدِ على الصدرِ عفويًا أم مدروسًا؟ لاسيما واحتفاءُ الإعلامِ الرسميّ بهذه الواقعةِ بشكلٍ مُبالغٍ فيه.

الدراساتُ تؤكّدُ أنّ النساءَ أكثرُ قُدرةً على التقاطِ إشاراتِ الجسدِ من الرجالِ ويدرِكنَ توافقَ لُغة الجسدِ مع كلماتِ الشخصِ من تناقضها.

وضعُ اليدِ وبسطُها على الصدرِ أو الرقبةِ يُفسّرُه علماءُ (الإشاريات) بشكلٍ مُطلقٍ على أنّها محاولةٌ للدفاعِ عن النفسِ طوَّرها الدماغ البشري ويجمعون على أنّ " تغطيةَ منطقة الرقبة أو الحنجرة أو الثُّلمة الموجودة فوق القفص الصدري أثناءَ أوقاتِ القلق دليلاً عامًّ على أنّ المخّ يُعالج بطريقة فعّالة أمرًا مّا خطيرًا، او كريهًا أو مقلقًا، أو مشكوكًا فيه أو مؤثِّرًا "؛ فهل كان بن مبارك يدافع عن نفسه حقًّا من أمور يُدركها يختزلها معبّرًا عنها بــ(الظروف الصّعبة ) وهل كانت المرأة (تهاجمه)

هذا بشكل عام لكن علينا أن ندرسَ الإشارةَ في سياقِها وفي ضوء الاختلافات الثقافية، ويجوزُ التأويل أنّ (ابن مبارك)، استخدم هذه الإشارة إظهارًا للتقديرِ والتفهُّم؛ كما هو الحال عندما تُستخدم للتحيّة والتبجيل كما نشاهده في تحيّة الجمهور أو عزفِ النشيد الوطني في بعض الثقافات.

إنّ ملاحظةَ مجموعات الإيماءات والتأكُّد من انسجام أو تناغم التعابير الشفويّة مع تعابير لغة الجسد هما أساس فهمِ المواقف بشكلٍ صحيحٍ عن طريقِ لُغةِ الجسدِ على أننا يجبُ أن نقرأ الإيماءات في سياقها، ويبدو أن رئيس الوزراء الجديد في اليمن ذو وجه حيويّ يَسهُل معه قراءة تعابير وجهه.

إنّما البداياتُ في بلدي تكونُ ورديّةً حالمةً ... يشفعها شوق للحياة الكريمة ..، وتبقى مأساةُ النهاياتِ والوسط حيث الرّتَابة وضياع الحماس والفتور.

لم يعدْ يُغري الناس في بلدي جمال البدايات فجميعهم في البداية رائعون وفي النهاية حدّث ولا حرج؛ وربّما للأسف قد تكذِّب النهايةُ البدايةَ؛ العبرة بالنهاية وليست في البداية أبداً، فالبدايات ..... مهما كانت مُقنِعة والنهايات صادقة مهما كانت قاسية .

أتذكَّرُ جماليّات البدايات والحماسة حينها بأسفٍ المحافظ "لَمْلَس" وهمّته العالية وآمال الناسِ في المحافظةِ المتدهورِ حالها وزياراته الميدانية، والتهديد بتعليق الفاسدين على أعمدة الكهرباء ( علّقه في الكامبة ) ، حركة (الكوفية) لمحافظ البنك أحمد المعبقي التي هبط بسببها سعر الدولار لبضعةِ أيام ثم ازدادت الأوضاع سوءًا وارتفعت لارتفاعهِ الأسعار، فخابت الآمال.

يقولُ الكاتبُ الشهيرُ وليم شكسبير: "لا تهتمّ بمن يكون رائعّا في البداية ... اهتم بمن يبقي رائعا الى ما لا نهاية "

ومع هذا أتمنى لرئيس الوزراء الجديد المعروف بحنكته وحيويته التوفيق والسّداد، ومواصلة الزّخَم دون انقطاع ولا فتور واجثتات الفساد والمفسدين دون تعليقهم على الكامبات.... وفي قرارة نفسي أتمنى أن أرى فاسدا مربوطا على الكامبة.
فهل يحقق أمنتي ( بن مبارك)

مجيب الرحمن الوصابي