آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-05:59م

ومضات بين يدي وداع عام مضى ،،،

السبت - 30 ديسمبر 2023 - الساعة 07:00 م

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


ونحن نودع عاماً مضى من تاريخ حياتنا ،  ونستعد لاستقبال عاماً جديداً ..
ينبغي لنا أن نستذكر أنَّ تلك الأعوام التي تمضي مسرعةً  .....إنما هي استنزاف من رصيدنا الزمني المحدد لنا للبقاء في الدنيا .

فالإنسان في حقيقة الأمر ....إنما هو زمن كما عرفه كثير من العلماء .
ذلك أنَّ فترة مكوثه في الدنيا محددة بزمن محسوب بالدقيقة الواحدة ...مثله كمثل العام ، والشهر ، واليوم ، والساعة .
فكما ينقص العام بذهاب أشهره ، واليوم بذهاب ساعاته ، والساعة بزوال دقائقها ...
فحال الإنسان شبيه لذلك تماماً ...فهو أيام مجموعة كلما مضى يوم ...كلما نقص بعضه ، فإذا نقص البعض ..يُوشك أن يذهب الكل .

فإذا أفترضنا أنَّ الله حدد لإحدنا ( ستين عاماً ، وستة أشهر ، وست ساعات ، وست دقائق ).
فمرور الساعة معنى ذلك ...نقص من زمنك .
ومرور اليوم نقص أكثر ، ومرور الشهر إستهلاك أكثر لرصيدك ، ومرور العام ذهاب كبير لرصيدك .
وأما إذا استهلكت ( خمسين ، أو ستين ، أو سبعين عاماً ) هنا توشك على استنفاد الرصيد المقرر لك .

فطي الأعوام في حقيقته ...طي لوقتك الزمني ، واستنزاف لرصيدك المحدد ، ونفاد لوقتك المعلوم .

لذلك ونحن نرى عام ( 2023م ) يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ويوشك أن يستنفد رصيده الزمني ، ويتجهز للملمة أوراقه ، ووثائقه ، وأماناته ليسلم الحساب الختامي ، ويتهيأ للمغادرة .

على الواحد منا أن يتذكر أنه ... ..
كما استنفد عام ( 2023م ) زمنه المحدد له ،،،ستأتي علينا جميعاً هذه اللحظات التي سينفد فيها رصيدنا الزمني،  وسنطالب فيها بتسليم كلما بحوزتنا ...ونغادر الدنيا مرغمين .

فكم هو جميل ، ورائع ، وعظيم ...أن نتجهز لتلك اللحظات ، ونستعد لتلك الأوقات ، ونحتاط لتلك الساعات ...حتى إذا ما انتهى الرصيد الزمني للبقاء في الدنيا نكون على أهبة الاستعداد .

ومما تجدر الإشارة إليه هنا.... أننا لا ندري كم تبقى لأحد من رصيده الزمني ، والأشد إيلاماً من ذلك أنه ليس هناك منبه يذكرنا بما تبقى لنا من الرصيد ليقول ( رصيدك منخفظ ) ....وإنما الحال أن يتم قطع الرصيد دون سابق إنذار .

لهذا .....فالكيس من تنبه لذلك واستنفر جهوه ، واستعد لتسليم ما بحوزته من وثائق وملفات 
في أي لحظة من اللحظات .

فعلى أعتاب وداع عام ( 2023م ) الذي يتهيأ لتسليم ملفاته ...على كل إنسان منا أن  يراجع ما استودعه فيه..... من خير أو شر ، ومن حق أو باطل ، ومن صدق أوكذب، ومن صلاح أو فساد ، ومن معروف أوإساءة ،،،
فكل ذلك  عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى .
﴿ ويَقُولُونَ يا ويْلَتَنا مالِ هَذا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلّا أحْصاها ووَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَدًا﴾

فلك أن تتخيل أيها الإنسان أنك ستُعرض على ربك ليقررك بما قدمت أنت في دنياك ...
ذلك أن كل عمل تقوم به ( خير أو شر ) مدون في سجل خاص بك لحالك ..
قال سبحان وتعالى ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) ..بمعنى نعمل لك نسخة في سجلك  ويوم الحساب سيُعرض شريط أعمالك أمام ناظريك كأنك تشاهده في شاشة عرض ، فيقررك الله بتوقيت وزمن كل قول أو فعل 
قال ربنا :( يومئذِِ تُعرضون لا تخفى منكم خافية ) .

في تلك اللحظات الفاضحات هناك أناس تعودوا اللف ، والدوران ، والكذب ، والخداع في الدنيا ...فيحاولوا تكرار  نفس الأسلوب فينكروا ما يُعرض عليهم ...
عندها يختم الله على أفواههم التي اعتادت  الكذب فتتحدث الأعضاء بما عملت ..
وهذا ما أكده ربنا بقوله :
( اليوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )

معذرة ليس هناك مجال للكذب اليوم ، ليس هناك فرصة للفهوة ، ليس هناك مساحة للف والدوران ... 
انتهى كل شيء... وهذه سجلاتك ، وهذا رصيدك ، وهذا نشاطك في الدنيا .
( إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً)

فما أجمل ..._ ونحن نستذكر تلك الأحداث ، ونتأمل لحظات وداع عام مضى يلفظ أنفاسه الأخيرة _ .... 
ما أجمل أن نتأمل تلك اللحظات التي ستمر بنا شئنا أم أبينا ، وسنتجرع مرارتها ، وسنذوق علقمها ...وسنغادر هذه الدنيا إلى عالم الآخرة

فجدير بنا أن نزيل كل الملفات التي نظن أن  فيها شوائب ربما تعكر صفو علاقتنا بخالقنا ..
وجدير بنا كذلك أن نتحلل من كل إنسان نشعر أننا أسأنا في حقه ...ولو بكلمة ،،
والأجمل من ذلك كله ....أن يعيش الإنسان بقلب نظيف  ، وبلسان عفيف ، وبضل خفيف ، وبنفس زكية ...
فالدنيا دار ممر....
لذلك لا تستحق أن نعكر صفوها بالأحقاد ، والضغائن ، والصراعات ، والمشكلات .

إذا أخطأت في حق الله ...أطلب المغفرة .
إذا أسأت بحق إنسان ...أطلب السماح.
إذا دعتك نفسك إلى باطل ... تذكر وقوفك بين يدي ربك .
إذا قسى قلبك ...ألنه بذكر الله ، وكلامه .
إذا غفلت عن الأخرة ...تذكر كم ودعت من أحبابك خلال هذا العام .

عش بالحب ،،
عش بالسعادة 
عش الأمل ،،
كن متفائلاً ،،
.....وقدر قيمة الحياة