آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-07:50م


لماذا غاب كثير من العلماء عن المشهد؟

الخميس - 31 أغسطس 2023 - الساعة 10:55 م

علي المحثوثي
بقلم: علي المحثوثي
- ارشيف الكاتب


يدرك هوامير القرار السياسي أهمية علماء الشريعة في التأثير على الجماهير وإيقاظ الشعوب، والمشاركة الفاعلة في تحرير الأوطان، فعمدوا إلى مخطط خطير جدا، شاركهم الغرب بمراكزه ودوائر الحكم فيه ومؤسساته الأمنية في إنجاحه وتحقيق غاياته، ونجحوا إلى حد بعيد في تجميد حركة العلماء، وتعطيل فاعلية تأثيرهم، والحد من حضورهم، وذلك من خلال الآتي:
. إشراك العلماء في الوظائف الرسمية للحكومات، وذلك عن طريق وزارات الأوقاف ومراكز الإفتاء الرسمية، والظهور في القنوات الحكومية، والوظائف الجامعية، وهذا يستدعي قفلا على ألسنتهم، وخاصة في القضايا الحساسة، والمشكلات المصيرية، ولن تجد عالما موظفا، وليس له مصدر دخل إلا ذلك؛ إلا وهو ساكت.
. إغداق الأموال عليهم وعلى مراكزهم وأربطتهم ومؤسساتهم وجامعاتهم وكفالة دعاتهم، أما بالمال الداخلي، أو الخارجي، والخارجي أخطر، ومن يضحي بالمال لأجل الموقف الشرعي، إلا من صدق مع الله، وهم قليل.
. خلق طائفة متطرفة في توجهها ومواقفها عن طريق المخابرات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وحالئذ تكون المتطرفة شماعة تُلقى تهمتها على من يكون مستقلا في قراراته، وصادقا في مواقفه، ويخلق واقع التطرف على بعض العلماء حالة من الهدوء الجبان، وإيثار السلامة المذمومة.
. ارتباط العلماء بالأحزاب والكيانات المؤسسية المرتبطة بالأنظمة، ولايستطيع عالم متحزب حينئذ أن يكون له موقف فاعل، وقراراته التنظيمية تُملى عليه من أعلى هرم حزبه أو كيانه المؤسسي.
. إغراق بعض العلماء والدعاة في مشاريع مالية كشركات وأسهم، وفخ الإسقاط لهم بالمرصاد، وبوق التشهير جاهز للصياح.
. استقطاب محسوبين على العلماء بالمال والمناصب وأشياء أخرى، وتوظيف مواقفهم لضرب غيرهم من العلماء الفاعلين والتهجم عليهم، والضرب على وتر الخلاف الديني بين الجماعات، وتسليط بعضهم على بعض بالتصنيف والإتهام للتخفيف من قوة تأثيرهم.
. ضرب طائفة العلماء والدعاة بالإغتيال أو الاعتقال مما يتسبب في سكوت بعضهم، أو هجرتهم، وغيابهم عن المشهد تماما.
. اغتيال بعض رموز الاتجاهات الأخرى غير الإسلامية، والقاتل مجهول، وإلقاء التهمة على العلماء بحجة أنهم من أفتى ومن حرض، واستغلال الخطاب العاطفي عند بعضهم لرمي التهمة عليهم.
. فتح المجال لهم للمشاركة السياسية والعسكرية، ومن دخل حظيرة الواقع السياسي حتما سيقدم التنازلات، ويضحي بالمواقف الشرعية، لأجل مكاسب سياسية، ومناصب آنية، وامتيازات مالية وسفريات، وحج وعمرة واستضافات فندقية وأخرى، وإن كانت لهم مشاركة دينية ففي إطار المسموح به، دون تجاوز الخطوط الحمراء، ويكون حضورهم الدعوي حينئذ أشبه بـ (بمايطلبون المستمعون) ومايأمر به السمّاعون.

لكن الغريب أن طائفة العلماء في هذه المرحلة لاتوجد لديهم خطط ذكية لتلافي هذا الشر، ومدافعته والتخفيف منه، حتى يحافظوا على مواقفهم الشرعية الأصيلة، ويحفظوا ثقة الأمة بهم، بل يتماهون مع مخططات أعدائهم، ويتساقطون في فخاخها، فترى أكثرهم مرتبطا بحزب أو جماعة مكفولة أو جمعية خيرية، أو كسولا لايستطيع الحركة لكفاية نفسه، وأخطر من هذا بلادة البرامج الدعوية المواكبة، وغياب صناعة الدعاة الإحتياط، ولولا أن الله حفظ دينه؛ لكان مصيره كمصير دين بني إسرائيل وكتبهم..

علي المحثوثي