توفيق السامعيتحتفل المملكة العربية السعودية اليوم باليوم الوطني لتأسيس المملكة، في أفضل ظروفها وأزهى حللها، في ظل قيادة حكيمة تنقل المملكة نقلات نوعية إلى الأمام لتأخذ صفها في ركب الحضارات.هذه النقلة الجديدة لم تعشها المملكة إلا وقت التأسيس، بل هي تأسيس ثانٍ لمملكة أكثر تقدماً وازدهاراً، وأكثر أمناً، بما تعيشه من مشاريع عملاقة على كافة المستويات؛ سياسياً واقتصادياً وثقافياً.من يراقب الأداء للقيادة الحكيمة للمملكة اليوم يجد فرقاً كبيراً خلال الثمان السنوات الماضية إلى الأمام؛ حيث جعلت مكانة المملكة كدولة عظمى ذات دور ريادي عالمي وتأثير استراتيجي، ونقلة نوعية في كافة المسارات، وما زالت تلك القيادة تفاجئ الجميع بإنجاز كل جديد، وبشكل متسارع. من يتأمل الحال العربي اليوم يجد المملكة هي القوة الأولى فيه سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، لا يمكن اتخاذ قرار بحق العرب دون الرجوع للمملكة أو الأخذ في الاعتبار دورها ورأيها، فصارت القلعة الحصينة للعرب جميعاً، وقائدة السياسة للوطن العربي.مسار جديد تمضي فيه المملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هو مسار الانفتاح، وبناء اقتصاد منافس عالمياً، ومسار بناء قوة كبرى تزاحم كبريات الدول، وتكوين علاقات متوازنة بكل الدول الكبرى، مؤثرة عالمياً على أساس الندية والشراكة الدولية، خاصة وهي تمتلك كل مقومات التنافس والتأثير.لم تكن احتفالات السعودية اليوم لوحدها بهذه المناسبة، بل إن اليمنيين قيادة وحكومة وشعباً يحتفلون معهم، ويشاركونهم فرحتهم، كما هو الحال بالنسبة للمملكة قيادة وحكومة وشعباً، وهم يشاركون اليمن أفراحها وأتراحها، ويقفون إلى جانبها في الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن اليوم. لم تكن العلاقات اليمنية السعودية يوماً عادية كعلاقات الدول ببعضها بسبب الجغرافيا والجوار وحسب، بل هي علاقة متداخلة واستراتيجية في كل شيء؛ سياسياً وأمنياً وجغرافياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.مصالح مشتركة ومصير واحد، ما يجمعهما وحدة استراتيجية واحدة في المنطقة، متكاملة الأركان في الأمن والاقتصاد، وكذا تداخل الشعبين الشقيقين في كل شيء؛ فكل منهما رئة الآخر التي يتنفس منهما الشعبان المتجاوران والمتشابكان مع بعضهما البعض، وكل منهما عضد الآخر وسنده القوي في الشدائد والملمات.وكتوأمين سيامين تعيش اليمن والسعودية نفس الأهداف، ونفس التهديد، ونفس المصير في المنطقة من قبل إيران أو غيرها، وقد أثبتت الأحداث التاريخية بين البلدين، وعبر كل المراحل، هذه الحقيقة التي لا يمكن نكرانها مهما وُجدت من آراء مكابِرة أو اصطيادات عَكِرة تحاول التفريق بين البلدين الجارين الشقيقين من قبل من لا يروق لهم أن يكون البلدان سنداً لبعضهما في المنطقة لمواجهة الأخطار المحدقة بهما داخلياً وخارجياً، ويعيشان أمناً واستقراراً.يفرح اليمنيون للمملكة بكل ما يفرح الشعب السعودي، ويشاركونها تلك الاحتفالات والابتهاجات، ليس فقط عبر وسائل الإعلام أو الكتابات المعبرة هنا وهناك، بل وحتى في المواقف والغايات والأهداف والمبادئ المشتركة.لا ينسى اليمنيون أن المملكة العربية السعودية هي أكبر الداعمين الاقتصاديين لليمن عبر التاريخ المعاصر، ففي كل مؤتمرات المانحين التي أقيمت خلال العقود الأخيرة كانت المملكة في صدارة تلك الدول، وأكثرها عطاءً وكرماً، كان آخرها بالأمس من إيداع وديعة سعودية في البنك المركزي اليمني بمقدار مليار دولار، فضلاً عن المساعدات في المواقف السياسية والعسكرية والإنسانية الأخيرة في حربها ضد المشروع الإيراني الداعم لانقلاب المليشيا الإرهابية الحوثية على الدولة.فالعلاقات بين البلدين تستند على الاستراتيجيات التاريخية، ووشائج القربى والرحم والدم والجوار، والمصير الواحد، والآمال والتطلعات والغايات المشتركة، والقوة الموحدة والأمن الواحد.لا تذكر المواقف السياسية اليوم في المنطقة إلا وكان ذِكر اليمن والسعودية معاً لا يفترقان روحين في جسد واحد، وستظلان هكذا على الدوام.