مطار المخاء بوابة للتلاحم والتحريرتوفيق السامعيظلت المخاء – عبر التاريخ- هي بوابة اليمن الغربية التي يتواصل بها اليمنيون دولاً وأفراداً مع العالم الخارجي عن طريق الملاحة البحرية، وأهم مرفئ تجاري رافد لاقتصاد وديمومة الدول اليمنية المختلفة السبئية والقتبانية والأوسانية والحميرية، وعبره وبه قامت دول وصمدت، وانهارت وتساقطت، ليكتشف اليمنيون أهمية تلك البوابة وشريان الحياة القديم.سعدنا جميعاً كيمنيين اليوم، في الوقت الذي لا نرى فيه إلا أنفاقاً مظلمة وسحباً سوداء أحاطت باليمن واليمنيين من خلال الانقلاب الحوثي، وما قام به من تدمير لمؤسسات الدولة المختلفة؛ فضيق على اليمنيين داخلياً وخارجياً، سعدنا أن نرى ضوءاً في نهاية النفق المظلم قادماً إلينا من المخاء، وهذه المرة لتكون الملاحة فيه جواً عبر بناء مطار جديد يكون نافذة اليمنيين داخلياً وخارجياً، ينجزه عضو مجلس الرئاسة العميد طارق صالح، قائد حراس الجمهورية، بتمويل من دولة الإمارات الشقيقة.فبعد سيطرة المليشيا الإرهابية الحوثية على صنعاء والجزء الشرقي لتعز، وكذا الحديدة بمطاراتها المختلفة، خنقت المليشيا بها كل اليمنيين، ومن المطار الجديد في المخاء سيجد اليمنيون بوابة أخرى للعبور من الغرب والتواصل مع العالم، ونافذة لكسر الحصار عن تعز التي ذاقت الأمرين أكثر من أية محافظة أخرى، وجنوب الحديدة.ثمة شريان حيوي آخر يقوم العميد طارق صالح بشقه وتمهيده وهو طريق المخاء - الكدحة - تعز؛ الذي يعتبر الطريق البري الموصل إلى مدينة تعز وكل مناطقها الشرعية، والناقل من وإلى المطار الجديد.هذان الشريانان الحيويان لن يكونا فقط مجرد عبور للأماكن المغلقة؛ ولكنهما سيكونان شريانين للحياة مؤديين إلى ترابط القلوب قبل ترابط الأماكن الجغرافية، وترابط القوى البشرية في المحافظة الأكثف سكاناً في البلاد، إذا توحد الجميع فيها وتصافت القلوب وصدقت نوايا كل الأطراف والقوى الفاعلة فيه، واءتلفوا فيها على غايات سامية متمثلة في التصدي للعدوان والانقلاب الحوثي وتحرير المحافظة، والتوجه نحو بناء البلاد التي دمرتها الحرب، فإنها ستكون عامل قوة وجذب لكل مؤيدي الشرعية في البلاد والتي ترفض الوضع المهلهل الراهن في كل اليمن، وستكوِّن قوة صلبة في البلاد للتصدي لأية خروقات أو غدر حوثي مستقبلاً بأية اتفاقات تبرم معها.شخصياً أنا متفائل كل التفاؤل بهذه الإنجازات الهامة، وربما تكون أهم منجز للقوى المناهضة للانقلاب الحوثي حتى الآن في غرب ووسط البلاد، خاصة إذا تكاملت مع فتح الميناء بمصراعيه لكل اليمنيين لتفعيل الاستيراد والتصدير من الميناء التاريخي دون عراقيل أو تصنيفات ومضايقات، سيخفف عناء اليمنيين كثيراً في أربع محافظات؛ تعز ولحج وإب والحديدة.كفانا تمترساً وتباينات في صفوف الشرعية وصفوف المقاومة للمليشيا الحوثية، فهذه التباينات والتمترسات البينية شقوق وفجوات تسللت منها المليشيا الإرهابية إلى بلادنا، وفعّلت سياستها المعروفة عبر الزمن (فرق تسد) فزادت التفريق بين الإخوة، وغذت العداء والصراعات بينهم لإضعاف قوتهم ومواجهتهم منفردين والاستفراد بكل طرف على حدة، فكانت الخسائر باهظة، والتكلفة أشد، والمعاناة مستمرة، بعكس لو تم توحيد القوى العسكرية والاقتصادية وإزالة الحواجز وردم الفجوات بين المقاومين للحوثية.لقد ظل الوسط اليمني قلب اليمن الكبير على الدوام؛ به تتوحد البلاد، وتأتلف القلوب، وتجبر الخواطر، وتنهض اليمن، وتواجه المشروع الإمامي عبر التاريخ، وما أحرانا أن نعيد هذه الاعتبارات إلى نصابها، والتوجه نحو بناء مشروع صلب ومقاوم على الدوام للمشاريع الإمامية التمزيقية التي أساءت للبلاد، وأذلت الشعب بين شعوب المنطقة، فهل يتوجه الجميع نحو بناء هذه الكتلة الصلبة لوسط اليمن وتخليص البلاد من حالة الوهن التي وصلت إليه؟!نأمل ذلك، ونتطلع إليه في القريب العاجل.