آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-07:50م


أكتوبر من المنبر

الجمعة - 14 أكتوبر 2022 - الساعة 04:05 م

علي المحثوثي
بقلم: علي المحثوثي
- ارشيف الكاتب


 

قبل سنوات قليلة توافقت ذكرى ١٤ أكتوبر بيوم الجمعة، وكان حينذاك احتفالا كبيرا في ساحة العروض بخور مكسر، يومها كنت خطيبا في أحد مساجد عدن الرئيسية، فتطرقت للحديث عن ثورة أكتوبر وجهادها، ودور الثوار وبطولاتهم، ورحيل عجوز الشر #بريطانيا عن عدن، وآثار عدم الحفاظ على الثورة، وتجاوز الخلاف السياسي، والتصالح والتسامح، وبهذا الحديث اشتعلت مكائن الثورة عند الثوار الأحياء والموجودين في المسجد حينها، والذين هرع بعضهم بعد الصلاة للوقوف مع خطيب الجمعة لإبداء رأيهم والتعبير عن نفسياتهم تجاه اكتوبر بعد مضي أكثر من خمسين سنة عليها، رأيت أحدهم يجر عصاه وعليه سيماء الوقار وهو ينادي علي بصوت ضعيف: ياولدي أنا من ثوار أكتوبر، وما إن أراد التعبير حتى خنقته العبرة، وانصرف متألما، وأعقبه الآخر وولده الدكتور الجامعي (الشرعي)، فقال الوالد للخطيب: ياولدي، خرجت بريطانيا فمن خلفها في الوطن، الرفاق لم يحافظوا على الثورة ولا على الوطن، وكأننا أخطأنا على أنفسنا بالثورة، أو لم نحافظ عليها!! فقاطعه ولده الدكتور: يا أبه لكن بريطانيا كفار! وهنا تدخلت بينهما: وهل الذي خلفوا بريطانيا كانوا يحكمون بالإسلام؟ أو حتى يرفعونه شعارا أو مادة دستورية (دستور الدولة الإسلام)، نعم كانت بريطانيا كافرة، لكنهم كانوا (أهل كتاب) وأهل سياسة وحنكة، أما أصحابنا فـ (نظامهم السياسي) لم يكن مسلما ولاكتابيا ولاذكيا، على أننا لانقر بصوابية بريطانيا أبدا. واستطرِد هنا: أن نظام الرفاق هو امتداد لسياسة بريطانيا التي توعدت بتفجير المناحات في كل بيت في عدن، يقول همفري تريفليان آخر مندوب سامٍ بريطاني في عدن، وقد سأله أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني: لماذا أقدمتم على تسليم السلطات للجبهة القومية؟ فقال: اطمئنوا سأجعل المَناحة (النياحة) تدخل كل بيت في عدن .

وبريطانيا كما يقول عنها الشيخ الخبير بها
(محمد بن سالم البيحاني): 
والإنجليز مثل داءِ السلِّ
يكادُ لايخرجُ من مُعتلِّ.
ولمن أراد القراءة في خلفيات الثورة، وتحليل أحداثها، واستخراج معالم للاستفادة من عدم تكرار تجارب الماضي الخاطئة، فقد كتب عنها الكثير من الثوار من الداخل والخارج، لكن أبرزهم كتاب #الاستقلال_الضائع للثائر عبده الأدهل. وأيضا كتاب شهادتي للتاريخ عبدالقوي مكاوي وغيرها من شهادات وذكريات مختلفة الشرائح الثورية والسياسية، وأملنا صناعة وعي عام، والحفاظ على ماتبقى من مقدرات الوطن والعيش المشترك بالتصالح والتسامح والنظر إلى المستقبل، والتفكير لأجيالنا، ويكفي جلد الذات ومحاكمة للتاريخ أو استرجاع وجهه السييئ، فالتاريخ فات، وحياتنا لم تعد مرهونة إلا بالواقع الذي نحن مطالبين بإصلاحه وتطويره والنهضة به.