آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-08:39م

في ذكرى نكبتها.. 17 سبتمبر "حضرموت" مارد ينبعث من عمق التاريخ

السبت - 17 سبتمبر 2022 - الساعة 02:45 م

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


اشرأبت أعناق الطامعين إلى السيطرة على حضرموت والاستفراد بخيراتها متخذين في سبيل ذلك شتى الذرائع والأعذار .. ولم يعلموا أنها عصية على أمثالهم من الطامعين منذ فجر التاريخ وميلاد البشرية.

توعّدوا أنهم قادمون إليها بجحافلهم الجرارة .. وهم في عزمهم ماضون .. بينما الحقيقة أن كل ذرة في رمل صحاريها ستلفظهم .. وسترميهم هضابها ووديانها إلى قعر المجهول.

حضرموت مارد انطلق من عمق التاريخ .. وكسر عن عنقه قيد السجّان .. صحيح أنها تعرضت للكيد في عهد الاحتلال البريطاني ولمؤامرات أغيار الجبهة القومية والرفاق وأساطين الشيوعية ..

حتى نزعوا عنها اسمها التاريخي وأعطوها مسمى ( المحافظة الخامسة) .. لكنها لا شك قد استفادت اليوم من دروس الأمس ولن تُلدغ من جحر مرتين.

في عظمة حضرموت وأبنائها الحضارم يقول أديب الفقهاء علي الطنطاوي في ذكرياته : ( والعجب أن حضرموت، هذه البقعة الصغيرة الفقيرة، قد غزت بأبنائها الشرق كله؛ فما في الملايا ولا في أندونيسيا بلد ليس فيه ناس منهم. وهم تُجّار بارعون وأمناء صادقون ومغامرون شجعان ) ..

ويقول في موضع آخر : ( والحضارمة فينيقيّو العصور الحديثة، يضربون في كل لُجّ ويخوضون كل بحر ويوغلون في البلاد، ولا تزال جالياتهم تملأ أندونيسيا والملايا، أي ماليزيا ، ومن بلاد الهند، ولا سيما من كُجُرات على الشاطئ الغربي ).

وإذا كان الحضارمة كذلك في غربتهم فليأمن وليطمئن من يكون في أرضهم .. وكيف يخاف من مغول اليوم وبرابرة الكهوف وقد صدّق بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ) !!

ألا يعلم الغازون أن في حضرموت ( بئر برهوت) حيث تهوي إلى دركاتها أرواح الظالمين النتنة .. وتتردى في سفولها كل نفس طغت وبغت وتجبرت وزرعت في الأرض كل طغيان وفساد .. فهم في قعرها يسجنون وفي أسفل ثراها يجازون بسوء فعالهم.

حضرموت .. إليها يَفدُ النازحون ويطمئن تحت جناحها الخائفون وبستظل بأفيائها المشردون ..

( حضرموت ) .. ما أحسن الكلمة وما أروع إيقاعها، لقد كان وما يزال لها وقع كبير في قلوب المستضعفين في كل زمان ومكان .. فاستمسكوا ـ أيها الكرام ـ بأرضكم وصدوا عنها كل غازٍ وشرير .. لتنعموا بعيش كريم وحياة آمنة.