آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-07:50م


لاخوف على القرآن

الثلاثاء - 14 يونيو 2022 - الساعة 03:44 م

علي المحثوثي
بقلم: علي المحثوثي
- ارشيف الكاتب


القرآن قوي في ذاته، معجز للخلق في لغته، مذهل مدهش في عِلميته، محير للألباب في جماله وجلاله، ولو لم يكن كذلك لما تحدى الله الخلق أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو بسورة، وعجزوا أمامه، وأخبرهم أنهم لن يقدروا، لأنه يعلم قوة كتابه وضعف خلقه العبيد {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، ومن حاول منهم أن يأتي بسورة صار أضحوكة الناس، لأن لغته البشرية لاترقى إلى اللغة التي أتى بها الله في كتابه، مع أن اللغة واحدة وهي العربية، لكن التركيب يختلف، لأن الله غير عبده، وكتابه غير كتاب عبده {لَيْسَ كَمِثْلِهٖ شَيْءٌ ۚ}.

وعليه فلاخوف على القرآن، لأنه محفوظ من الله، ولأن لغته فوقية عُلْوية معجزة، ولأنه يحمل فيه عناصر القوة والبقاء والخلود والدفاع عنه، وإنما الخوف على قلوبنا الضعيفة، وعقولنا الجاهلة، وبسبب جهلها وضعفها قد تخترقنا بعض الشبهات من بعض الثغرات، والواجب سد هذه الثغرات بالعلم والمعرفة وتكثيف التعرف على كتاب الله؛ على لغته العبقرية، وخصائصه، وتنوع إعجازه، وحسن تأليفه، ونظمه، وقوة حروفه، وطبيعة تسويره، وتجدده، ومناهجه، وحججه المقنعة، وحواراته العالية، وحسن المطلع والختم فيه، وإحاطته بعالم النفس والعقل، وحركة التاريخ والإنسان فيه، وعالم السنن وقوانين التدافع، وصناعته للب والفقه والفكر، ومعرفة الإجابة عن مقاصد تنزيله؛
لماذا أنزل بالإعجاز؟
ولماذا أنزل بالتجويد؟
ولماذا أنزل مفرقا منجما؟
ولماذا أنزل مسوّرا؟
ولماذا أنزل بالترتيل؟

حينئذ ستدرك قوة القرآن، وأنه فوق الذين يجترئون عليه، وأنهم لن يصلوا إليه، وأنه عال عال {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} وأنهم كنافخ بفمه الشمس ليطفئ نورها، وأنى له ذلك {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.