آخر تحديث :السبت-23 نوفمبر 2024-10:14ص

الحامل السياسي !

الأحد - 12 يونيو 2022 - الساعة 07:26 م
رواء عبدالله مجاهد

بقلم: رواء عبدالله مجاهد
- ارشيف الكاتب


 

ينص دستور الجمهورية اليمنية ،  و القوانين ذات الصلة على استقلال السلطة القضائية  المطلق ، كما نصت على حظر الإنتماء السياسي للقاضي ، فالأصل  ان القضاة لا سلطان عليهم إلا سلطان القانون ،  ولا انتماء لديهم إلا الإنتماء للحق والعدل ، وهذا لن يتأتى إلا بوجود قضاة أكفاء لا يتبعون طائفة و لا حزب ولا جماعة ولا  مليشيا ،  ولا تنظيم سياسي ،  ولا يعملون تحت ( مظلة ) أي طرف سياسي .

واقع الحال أثبت أن كل هذا الكلام الجميل في كثير من الأحوال مجرد حبر على ورق ،  كلام للاستهلاك الإعلامي،  يتشدق به ممثلي السلطة التنفيذية لتلميع أنفسهم،  وللتغطية على الخروقات الفجة التي يتم من خلالها انتهاك الإستقلال القضائي ،  و هذا في ظل صمت مخزي ، بل ومباركة من القيادات القضائية التي لا هم لها إلا المحافظة على الكرسي وزيادة  أرصدتهم البنكية ، ومنح أقاربهم والمقربين منهم مناصب ،  وامتيازات ، ودرجات قضائية . الأمر الذي أدى إلى السقوط المدوي  لركن من أركان الدولة وتعطيل أعماله ، وحرمان المواطن من حق بسيط جداً وهو اللجوء للعدالة .

الآن ..  وبعد تشكيل المجلس الرئاسي انتظرنا بداية  الغيث ،  وكان التعيين لمنصب النائب العام من نصيب القاضي قاهر مصطفى رئيس نيابة عدن (سابقا) ،  وعضو مجلس القضاء الأعلى،  ومستشار النادي الجنوبي ،  النادي الذي أعلنها صراااحة أنه يعمل تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي بحسب تصريحاتهم .

لا خلاف حول نزاهة المعين في منصب النائب العام ولكنه مجير سياسياً،  ففي ذات الوقت وبعنجهية سياسية مفرطة _ و ما آراها إلا غباء سياسي _  يبارك المجلس الانتقالي الجنوبي على لسان ناطقه الرسمي تعيين النائب العام . 
وطالما وأن المجلس الانتقالي حصل على نصيبه ، فسيكون الحق لبقية  المكونات السياسية  من إصلاح ،  اشتراكي ، ناصري ، ...الخ المطالبة بنصيبهم 
من الكعكة ، لاسيما وأن من هذه المكونات من شارك الانتقالي في ذرف دموع التماسيح على تعيين النائب العام السابق المخالف للقانون ،  والذي بلا شك هو تعيين مخالف للقانون ،  ولكنهم تناسوا  و غضوا  الطرف عن كل القرارات والتعيينات السابقة المخالفة للقانون والتي ضربت مبدأ الإستقلال القضائي في مقتل ، و قصدوا ذرف دموعهم ، و إصدار  بياناتهم المنددة  عقب إتفاق الرياض حتى تدخل السلطة القضائية ضمن المحاصصة السياسية .  

من الذي أعطى الحق لأي مكون سياسي أن يرضى أو يسخط على التعيين في منصب قضائي ؟ !

من الذي منح الحق لأي مكون سياسي أن يطالب بنصيبه من السلطة القضائية؟ !

من الذي منح الحق لأي مكون سياسي أن يتدخل في أعمال السلطة القضائية ويغلق مقراتها بواسطة القوة  المسلحة ؟ !

ألا تخجلوا ..


ما يمارس بحق السلطة القضائية،  ويمس استقلالها صلف عجيب و الاعجب أن التلويح والتلميع للمجيرين سياسياً قائم بمزيد من المناصب و التعيينات  !

أعلم أن المنتفعين ، وطبالين الزفة سيشنوا هجومهم المعهود ،  وسيلحقوا بي كل إتهاماتهم  السياسية السخيفة ، فأقول  لهم مقدماً قولوا ما شئتم فلا يهم ،  الأهم هو مصلحه العدالة ومصلحة الوطن الغائبة عنكم منذُ عام 2015 م .

اعلموا .. أن القضاء المجير قضاء تابع ، قضاء يخدم سيده ولا يخدم الحقوق ،  ولا يحافظ على الحريات ،  ولا يحقق عدالة ولا يعمر وطن .و سيكون ما يحدث جنوباً هو ذات الشيء الذي يحدث شمالاً من تعيينات بحسب الإنتماء و الأصل .  

وليعلم المجلس الرئاسي أن رضوخهم هو استمرارية إنهيار وطن ،  ودليل واضح انهم لم يأتوا للإصلاح والبناء ،  وستتحطم كل آمال وأحلام المواطن بقضاء مستقل على صخرة الواقع الذي فرضه المجلس الرئاسي .  

وليعلم المجلس الرئاسي أيضاً   أنهم سيسنوا  سنة  ما سبقهم بها من أحد ،  وهي ضرورة وجود حامل سياسي لكل قاضي كفء و مستقل ليكون له الحق في التعيين في مجلس القضاء الأعلى .

وأخيراً ..  فليعلم المجلس الرئاسي أننا ما نريد منهم إلا صلاح حال هذه السلطة عبر تعيينات بعيدة كل البعد عن المحاصصة السياسية ،  وإلا فليتركوا المجلس كما هو عليه فهي مخروبة مخروبة فلا فرق .. و حسبنا الله ونعم الوكيل .

القاضي .د/ رواء عبدالله مجاهد