آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-07:50م


ليس في القرآن مصادفة

الجمعة - 25 مارس 2022 - الساعة 08:17 م

علي المحثوثي
بقلم: علي المحثوثي
- ارشيف الكاتب


كل ماوُضع في القرآن من حرف وكلمة وجملة وآية فلمقصد ودلالة، وأي توافق في القرآن بين مطلع وختم، أو قصة وقصة، أو كلمة وكلمة فليس للصدفة، بل لحكمة أرادها الله وفق علمه هدى للخلق ورحمة منه {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً}، وهذه الحقيقة تجري في كل آيات القرآن وسوره ومطالعه ومقاطعه، ومنها #سورة_الكهف التي ظهرت فيها بعض التوافقات البديعة، منها لفظة (الإيواء) في قصة فتية الكهف، وفي قصة موسى والخضر، ففي خبر الفتية ﴿ إِذْ أَوَىٰ الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ هذا الأول، والثاني {إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا}، وفي قصة موسى والخضر {قَالَ أَرَءَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُۥ ۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِى ٱلْبَحْرِ عَجَبًا}، فأولئك آووا إلى الكهف {أَوَىٰ} {فَأْوُوا} وهذان آووا إلى الصخرة {أَوَيْنَآ}.

وفي لفظ الإيواء معنى البحث عن السكن والهدوء والإستقرار والخروج من حالة القلق، والجامع بين الإيوائين أن كليهما كان يبحثان عن الرشد حال آويا إلى الكهف والصخرة {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ وموسى بعد أن التقى بالخضر عند الصخرة {قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، وهذا يعني أنهما وجدا مظنتهما في الرشد عند (الصخرة) وفي (الكهف)، وفي هذا العرض الموجز يتبين أن الرشد له مظانه وأشخاصه، وعلى الرائد أن يبحث عنه لكن بشعور الباحث عن المأوى، فالرشد مأوى وسكن وعدة وقوة وحياة، وبدون البحث عن الرشد التوفيقي لن يظفر به، وإذا كان هؤلا قد ظفروا ببغيتهم من الرشد في الكهف وعند الصخرة بما أودع عندهما من رحمة وإيمان وعلم، فقد تلقَاه أنت في مسجد أو جامعة أو كتاب أو معهد أو في جبل أو في سفر أو عند شخص قريب منك مكانا أو بعيد، فاللهم هيّئ لنا من أمرنا رشدا.