مثّل انهيار سد مارب قديماً، في المصادر التاريخية وعند الإخباريين العرب، حدثاً مزلزلاً ومحطة تاريخية فاصلة ليس في تاريخ اليمن وحسب بل في التاريخ العربي كله، فزيد في الحدث ونقص، ونسجت الروايات المختلفة للحدث حتى تداخل غثها في سمينها، وصار الغث منها والأساطير هي الطاغي الأكبر على الأصل دون تمحيص وروية، ولم يدون الحدث في المصادر المادية كالنقوش المشندي والآثارية التي تعتبر أهم الدلائل المادية والشواهد التاريخية على ذلك.
وفي هذه الدراسة إعادة تمحيص لكتابة تاريخ ذلك الحدث، وتفنيد الكثير من الروايات التاريخية والأساطير الملفقة لنصل إلى الحقيقة.
اندثار مارب وإحياؤها:
بدأت مارب بالاندثار بشكل تدريجي وليس بشكل كلي بعد أن تغلب الحميريون على السبئيين في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت ما تزال تسمى سبأ بالإضافة إلى مسميات مصاحبة مثل مملكة سبأ وذي ريدان ويمنات وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، مع أن هذه التسمية استمرت إلى عهد أبرهة الذي سمى نفسه ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، بحسب نقشه المذكور عند سد مارب، واقتصرت تسمية "دولة حمير" على الإخباريين فقط، وتم نقل العاصمة بعد ذلك بعد الميلاد إلى ظفار، وأحياناً إلى صنعاء وناعط في عمران، وهنا انتهت "سبأ" وبدأت الهجرة الكبيرة من مارب هجرة داخلية وخارجية، وبقي بعض سكانها مقيمين فيها مع وجود السد وبقائه أيضاً، وتم في الفترات المتلاحقة تهدمه وإعماره وإصلاحه عدة مرات حتى آخر بناء له في عهد أبرهة الحبشي، مما يعني أن مارب كانت ما تزال حاضرة وعامرة.
ومن الطبيعي جداً في عهد الدول أن ينزاح بعض السكان من المدن تبعاً للتحولات الجديدة في الحكومات والممالك والتي تجذب عواصمها المتغيرة السكان من كل مكان لارتباط مصالحهم بالمركز سواء كانت مصالح سياسية أو اقتصادية أو إدارية، وقد شاهدنا ذلك مثلاً في تحول العاصمة إلى ظفار أو صنعاء من خلال السكان والارتباط بالدولة هناك، أو ما شاهدناه ولمسناه من التحول بعد ذلك إلى صنعاء في عهد الحميريين المتأخرين، وكذلك الحكم الحبشي وصولاً إلى الحكم الإسلامي حينما ازدهرت صنعاء ونمت بفعل هذه التحولات من عهد سيف بن ذي يزن والفرس والأبناء وعبهلة (الأسود العنسي)، أو بعد ذلك في عهد عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروة بن مسيك المرادي، والذي هو من مارب أساساً، أو وبر بن يحنس الخزاعي، وبعد ذلك عهود ارتباطها بالدولة الأموية فالعباسية وصولاً إلى اليوم. أو كذلك حينما تحولت العاصمة إلى تعز بفعل الدولتين الأيوبية والرسولية وشهدت جذباً للسكان من أنحاء اليمن لارتباطهم ومصالحهم بالدولة هناك.
وكذلك من أسباب تدهور مارب بسبب سيطرة الأحباش على طرق التجارة والقوافل في اليمن وفي البحر الأحمر، أو تحويل طريق التجارة من مارب إلى الغرب والهضبة الشمالية الغربية من قبل أبي كرب أسعد فيما عرف بدرب أسعد الكامل، خاصة طريق التجارة للقوافل القادمة من الموانئ الجنوبية الغربية المخاء وعدن وذو باب.
بعد الإسلام كانت الدفعات الكبيرة من الهجرات سواء إلى عاصمة الدولة الإسلامية في المدينة وما بعدها في دمشق وبغداد بسبب الانخراط في جيوش الفتوحات وما تتناقله الأسماع من الاستقرار والإعمار في أراض جديدة أو حتى إلى عواصم الدولة الإسلامية في اليمن كصنعاء والجند وزبيد وغيرها، وانتقال الجنود أو الدعاة والعلماء أو حتى من سمع بالأراضي الجديدة من بقية الأسر انتقل الجميع بأسرهم إلى البلدان الجديدة وكانت من أعظم وأكبر الهجرات اليمنية عبر التاريخ، وهذه الهجرات مستمرة حتى اليوم.
بسبب هذه الهجرات والصراعات المختلفة علاوة على الظروف الطبيعية من جفاف وتصحر وغيرها زحفت الرمال على مارب وطمرتها ردحاً من الزمن وكل ما يعرف عنها من تاريخ اليوم إنما بفعل الاستكشافات الأثرية والدراسات التاريخية لهذه الاستكشافات، ولم تكن السيول التي هدمت السد عدة مرات أو التي عمت أرجاء اليمن إنما هي واحدة من عشرات الأسباب الأخرى لهذه الهجرات التي لم يعرف زمنها على وجه التحديد حتى اليوم.
واللافت في أمر هذه الهجرات على أن ظاهرها في القرآن الكريم عقوبة إلهية مسلطة عليهم بفعل الإعراض والكفر، والكفر هنا كفر النعمة وليس كفر الدين والعقيدة، كان من وجه آخر رحمة باليمنيين وإيذاناً إلهياً باستزراع شعوب أخرى جديدة من هذا التمزيق، فقد زرعوا قبائل وكونوا شعوباً مختلفة في المنطقة وكانوا أصل العرب بحق.
ولم يكن السبئيون معتمدين على الزراعة فقط حتى يهاجروا بسبب تهدم السد، فقد كانوا رواد التجارة العالمية يومها، وكانت بلادهم على طريق البخور المتحكمين بها، وجعلوا لها محطات يومية يأوون إليها بشكل حاميات عسكرية تابعة للمملكة كما هو الفاو (كندة) مثلاً ودادان العلا وغيرها، وهذا ما وضحته الآيات السابقة أيضاً ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾ سبأ(18)، والظهور يعني هنا القوة والمنعة والنصرة كما هو تفسير اللفظ ودلالاته في بقية الآيات القرآنية: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرض﴾ غافر(29)، ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً﴾ التوبة (8)، ﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ الأحزاب (26)، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ الصف (14)، أي إنها كانت محميات عسكرية لطرق التجارة؛ وأن اليمنيين لم يتأثروا كثيراً بتهدم السد فيكون سبب هجرتهم بل بأسباب أخرى.
حيث إن هذه التجارة كانت تعتبر لهم المورد الأول قبل الزراعة في بعض الأحيان، وبالتالي فبإمكانهم عبر هذه التجارة تأمين توريد أغذيتهم المختلفة كبدائل مؤقتة عن التي تلفت جراء تهدم السد وتلف زراعتهم.
وقد يكون كثير ممن عرف التجارة واشتغل بها ذهاباً وإياباً إلى الأمصار المختلفة في الشام ومصر وأفريقيا وأواسط آسيا وفارس، أعجب بأرض من الأراضي التي تاجروا إليها فاستقروا فيها وهاجروا إليها.
وبالنظر إلى الآثار الظاهرة اليوم في مارب فقد كانت تجمعات بسيطة لا ترقى إلى مستوى المدن العملاقة والتي إن تفرقت نتج عنها شعوب ودول كثيرة، ويبدو أن هناك مدناً مطمورة تحت الأرض الحالية لمارب نتيجة التصحر وعوامل القدم والدهرية الزاحفة وغيرها، وهو ما لم ينقب عنه حتى الآن إلا قليلاً، وعلى سبيل المثال مدينة صغير مطمورة في منطقة "يلا"( ) من مارب والتي كشفت عنها ونقبتها بعثة إيطالية في ثمانينات القرن الماضي برئاسة أليساندرو دي مجريت، وأيضاً الدليل طمر معبدي أوام وبرآن (عرش بلقيس) اللذين لم يكن ظاهراً منهما سوى الرأس فقط، وهناك مدن يمنية كثيرة مطمورة أصبح الناس يزرعون فوقها وفي أسطح منازلها على أنها حقول زراعية كما في الجوف وتعز ولحج وحضرموت.
وقد تكشف التنقيبات الآثارية المستقبلية عن مكان الجنتين اللتين صارتا مطمورتين بالكثبان الرملية وزحف التصحر عليها، وكذلك عن بقية المدن هناك. فحضارة عاد إرم مثلاً مطمورة في رمال حضرموت وشبوة والربع الخالي، وهناك مدينة مطمورة تحت رمال مدينة صبر لحج ظهر بعض آثارها بالتنقيب الصدفي عام 1996 ( )، فما من أرضٍ يمنية يتم اليوم البحث في الأعماق لإرساء مداميك البيوت والأبنية إلا وجد بعض آثار البناء والسكن في الأسفل مطموراَ ما بين 4 و6 أمتار.
معظم الدراسات والأبحاث تفيد أن جزيرة العرب وصحراء الربع الخالي إنما كانت أودية وغابات ومروجاً وأنهاراً قبل 4 آلاف عام، وطمرت بفعل التصحر وعوامل أخرى كعقوبات الأمم البائدة التي كذبت الرسالات السماوية وأفسدت في الأرض فعاقبها الله بعقوبات مختلفة كالخسف والتدمير والإغراق والرياح التي تدمر وتطمر كل شيء، وبالسحب والعواصف الرملية ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الأحقاف(24).
ففي مصر مثلاً كل القصور والمعابد الفرعونية التي تم التنقيب عنها وجدت مطمورة تحت ركام رمال الصحراء في الجيزة وطيبة وغيرها..
فأغلب الظن عندي أن كلاً من محافظات لحج ومارب وأبين وشبوة وحضرموت والجوف فيها مدن مطمورة بالرمال، خاصة ونحن نعلم أن بعض الحضارات القديمة البائدة أقيمت في هذه المحافظات ولم تكشف عنها الأبحاث الآثارية حتى اليوم، ومنها على سبيل المثال سبأ ومعين وأوسان وقتبان التي وجدت بعض نقوشها وما زالت غير مكتملة المعالم والأخص منها أوسان التي تتضارب حولها المعلومات حتى اللحظة.
وكذلك من أسباب وعوامل اندثار مارب تغيير الديانة الرسمية لسبأ من عبادة النجوم والكواكب إلى المسيحية واليهودية، فتم هجران مارب على اعتبار أنها مقر المعابد الكبيرة للسبئيين مثل معبد أوام ومعبد برآن، وبناء الكنائس في ظفار وغيرها وتقلصت أهمية مارب بسبب انهيارات السد المختلفة والتحول في العبادات وتحول العاصمة إلى ظفار وصنعاء وناعط...ودخلت اليمن المسيحية في عهد الملك ثاران يهنعم بين الأعوام 349 و351م بسبب حملة التأثير والتبشير التي قادها ثيوفيلوس مندوب الامبراطور قسطنطين الثاني "الذي كان قد تمكن من إقناع ملك حمير في الدخول في النصرانية، فدان بها وأمر ببناء كنائس في ظفار وفي عدن. وكان القيصر قسطنطين الثاني (350-361م هو الذي أرسله إلى العربية الجنوبية ليدعو إلى النصرانية بين أهلها، ويؤيدون رأيهم بالكتابة المذكورة التي يرجع عهدها إلى سنة 378م أو 384م فهي غير بعيدة عن أيام الملك ثاران يهنعم ويحتمل أن يكون لذلك هو الملك الحميري الذي دخل في ديانة التوحيد"( )..
وبدأت تظهر كتابة إلهن ذي سموي إلى الملك ملك كرب يهأمن ابن الملك ثاران يهنعم( ).
وبعد الملك ثاران جاء ابنه الملك أب كرب أسعد (أبو كرب أسعد الملقب عند الإخباريين بأسعد الكامل)، والذي اعتنق اليهودية وبدل الديانة المسيحية والكوكبية إلى اليهودية وقتله أخوه عمرو بتآمر مع علية القوم لهذا السبب، ثم انتشرت بعده اليهودية.. فكانت تمارس في اليمن ثلاث ديانات: عبادة الكواكب (الشمس والقمر)، والمسيحية واليهودية، ويطلق على الأخيرتين (التوحيدية).
ويدعم هذا القول دليل مادي مجسم مريم العذراء وابنها عيسى المسيح عبارة عن إطار مرايا من البرونز عليه صورة مريم العذراء وابنها المسيح دون أية إشارة للصليب عليه مما يعني أنه كان في الزمن التوحيدي الأول للمسيحية، وعثرنا عليه في ماوية من محافظة تعز، تم فحصه في مقر المعهد الألماني للدراسات الآثارية بصنعاء وأفادوا بأن تاريخه يعود للخمسين السنة الأولى الميلادية( ).
وتذكر بعض المصادر أنه أقيمت كنيسة في إحدى جبال ماوية شرقي تعز في الفترات الأولى للدولة الحميرية، قبل الاحتلال الحبشي لليمن وقبل انتشار عقيدة التثليث المسيحية. إذ لم تكن هناك بقايا أطلال لكنيسة مسيحية لقلنا إن هذا الدليل ربما جاء عن طريق بعض التجارة التي اشتهر بها اليمنيون في تجارتهم الخارجية قديماً.
***
وتحيا مارب اليوم مجدداً وتنبعث من تحت الركام بفعل عوامل عديدة، منها الاستكشافات النفطية والغازية وتراكم ثروتها، وكذلك عملية إعادة إنشاء السد من جديد بعد بنائه في عام 1984م.
لكن أهم عوامل إحيائها اليوم هو لجوء كل اليمنيين الهاربين من بطش المليشيات الحوثية الإمامية إلى مارب، وتم إحياؤها بشكل لم يسبق له مثيل، وعملية الإحياء هذه تذكرنا بعودة الفرع إلى الأصل، وأن النار المتقدة تحت الرماد إنما كشفت عنها الرياح التغييرية اليوم، وعادت مارب مدينة مكتظة بالسكان من كل مكان، مزدهرة بعوامل البناء والاستقرار والتجارة، خاصة وأن أبناءها لم ينزعوا إلى النزعات العنصرية والمناطقية المقيتة التي شهدتها بعض المناطق اليمنية، وهو عامل جذب للإنسان اليمني.
وتعد محافظة مارب اليوم هي العاصمة الفعلية للشرعية اليمنية التي تأوي كل اليمنيين، ولا أعتقد البتة بعد الاستقرار فيها اليوم أن يتم النزوح منها مجدداً وهجرها كما تم من قبل حتى لو أعيدت العاصمة صنعاء لحكم الشرعية وعاد أهلها المهجرون منها، فهي دورة كونية لإعمار الأرض والمدن تجري سنة الله عليها إيذاناً بإحيائها كما أحيا مكة الجرداء القاحلة شديدة الحرارة بفعل الأماكن المقدسة، فإذا أراد الله إحياء أرض هيأ لها أسباب هذا الإحياء.
الخلاصة:
- سد مارب بني على الأرجح في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.
- لم يكشف حتى اليوم( ) بدليل مادي من نقوش ونحوها عن الزمن الأول لبناء سد مارب التاريخي ولا أول من أنشأه.
- سيل العرم وخراب السد حقيقة واقعة مسلم بها بتسليمنا للنص المقدس في القرآن الكريم كونه أوثق الأدلة والتدوين، عضده نقش شرحبئل يعفر (Glaser 554) بنسبة كبيرة.
- الجنتان عن يمين وشمال قد لا يكون مقصود بهما جنتي مارب وإنما جنان ممتدة على يمين وشمال أرض سبأ التاريخية ويمين وشمال البحر الأحمر في ضفتي الدولة الشرقية اليمن الحالية، والغربية أثيوبيا وأرض الحبشة.
- قصة الفأر الذي ساعد في هدم السد قصة خرافية أسطورية لا يصدقها عقل ولا منطق، ولم توجد أدنى الأدلة عليها، وهي من رواية وتدليس الإخباريين وبفعل التنافس والصراع بين العصبيات التي ظهرت بين القحطانية والعدنانية في فترات الدولتين الأموية والعباسية، وكانت تلفق الكثير من القصص الخرافية تحط من شأن ومكانة كل فريق.
- تهدم السد أكثر من ثماني مرات وبناء وإصلاحات لأكثر من ثماني مرات أيضاً، وبالتالي فلا يستطيع أي باحث كان أن يسقط هذا التهدم المتكرر على سيل العرم لمرة واحدة، ويكون استمرار السيل مهدداً في كل مرة لهذا السد بدليل تعدد الخراب والإصلاحات.
- هجرة اليمنيين لم تكن بسبب تهدم السد وحسب وإنما بفعل الصراعات السياسية بين الممالك المختلفة والأسر الداخلية للملوك، وحب التوسع، والاحتلال الحبشي، وعامل التجارة أيضاً، واستيطان أراضٍ جديدة أكثر خصوبة من بلادهم، وكذلك الجفاف والقحط، وسيل العرم واحد من تلك الأسباب لا كلها، وكانت هجرات على مراحل متعددة تحدث بين فترة وأخرى لأكثر من سبب، وتكون هجرات من مختلف مناطق اليمن لا من منطقة معينة، وهي مستمرة حتى اليوم.
- لم يكن اليمنيون يعتمدون اعتماداً كلياً على الزراعة حتى يهجروا أوطانهم بفعل القحط والجدب وخراب السدود وسيل العرم، فقد كانوا رواد التجارة العالمية القديمة المتحكمين بطرقها البرية والبحرية ومتحكمين بالسلع النادرة، وقد ذكر المؤرخون اليونانيون بذخهم وغناهم اللامحدود بفعل هذه التجارة.
- كانت هناك هجرات تدريجية ومتتالية من بعض المناطق اليمنية وخاصة مارب والجوف وما حولهما، وأوسان بفعل التنكيل السبئي بهم، وهجران مدينة مارب قبل الإسلام وبعده وهو ما كشفته الرمال الزاحفة وعوامل التصحر وقلة المياه، وانتقال العاصمة السياسية منها إلى ظفار وصنعاء.
- قصة التمزيق المذكورة في القرآن توحي بعقوبة تجارية (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا)، والسفر والتنقل لم يكن إلا للتجارة التي كان السبئيون روادها، وحينما حلت عليهم العقوبة أقام كثير منهم في البلاد التي كانوا يتاجرون إليها.
- آثار السد الموجودة اليوم ليست للبناء الأول للسد وإنما لبناء الملكين شرحبئل يعفر وأبرهة الحبشي، كون النقشين يذكران إعادة بناء كاملة.
* رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية والاستراتيجية (يمان)
- الصورة لمعبد أوام بعدسة هلال المرقب