آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-09:26م

الشرق الأوسط القديم يهتز!

السبت - 21 نوفمبر 2015 - الساعة 09:56 ص

محمد الرميحي
بقلم: محمد الرميحي
- ارشيف الكاتب


بذل الفلاسفة والمفكرون جهوًدا مضنية وصرفوا ردًحا من الزمن، لمحاولة الإجابة عن سؤال يتمحور حول: لماذا يعجز الإنسان عن الاستفادة من دروس التاريخ؟ بل ويكرر الأخطاء تقريًبا نفسها، مما يجعل التقدم الإنساني على شكل حلزوني، طالع هابط، وليس على شكل صاعد دائًما باطراد كما هو متوقع، عدم الاستفادة من دروس التاريخ تضاعف الأثمان الغالية التي تدفع من الموارد وحياة البشر على مر العصور، بسبب تقدم العلم، فالحرب التي كانت تحصد آلاف البشر أصبحت اليوم تحصد الملايين. حقق العلماء في المنهج الذي يوصلهم إلى فهم تلك الأحجية، فوجدوا مبدئًيا أن ثمة حقيقتين (بشريتين) تتحكمان في ضعف الاستفادة الإيجابية من دروس التاريخ؛ الأولى هي هامش الفرق بين (الحقيقة) السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، كما هي على الأرض، وبين فهم وقناعة أغلب الناس حولها! والثانية هي أن البشر يفسرون الأمور في الغالب من وجهة نظر مصلحتهم! وليس أكثر من تلك الحقيقتين المتداخلتين وجوًدا في مواجهة الإنسان العربي، الذي تشهد دوله اهتزاًزا وتفكيًكا في شكلها القديم دامًيا ومشتًتا، على الأقل في الخمس سنوات المضطربة التي مرت علينا حتى الآن. فهناك حقائق موضوعية يرغب البعض أن يتجاهلها، أو أن ذلك البعض يفهمها بالطريقة التي تناسبه، بصرف النظر عن العوامل الموضوعية التي تحرك دينامية الأحداث على الأرض وتفعل فعلها. بعد التلخيص لندخل في الموضوع. أفضل ما يلخص ما نواجهه كعرب يشير إلى التغيير، ظهر في مكانين؛ الأول منتدى صير بني ياس، الذي أصبح علامة فارقة في الجهد النقاشي الجاد والمنظم والصريح للبحث عن الحقيقة السياسية على مستوى مساحة فضائنا العربي، وعلاقتنا بالعالم، واللقاء يفرض على من يساهم فيه عدم الإشارة إلى المتداخلين أو نسبة الأقوال للأشخاص، كما يعرف اليوم بقواعد «تشاتم هاوس»، وبالتأكيد كاتب المقال سوف يتقيد بذلك. لا شك أن النقاشات بينت بلا ظلال شك أن الوضع العربي «شائك وربما خطير» وأن حرب استنزاف قد تكون طويلة المدى تخاض ضدنا باتجاه تفكيك القائم، وتركيب المحتمل، كما أن التدخلات في شؤون المنطقة من لاعبين كثر، فاقت أي مرحلة سابقة، مع تزامن تبعثر الرؤى العربية وغياب البوصلة المحلية، بسبب كل ذلك غابت معالم طريق الخروج من المأزق. ما خرجت به شخصًيا أن النقاشات كانت كاشفة لحقيقة المأزق، وهو أن هناك قليلاً من رجال الدولة، وكثيًرا من السياسيين في ساحتنا العربية، والفرق بين الاثنين، أن الأول يراعي مصالح أمته في التفكير والتنفيذ، والآخر يراعي مصالحه الذاتية أو بالكثير مصالح من حوله! افتقاد رجل الدولة هو تلقائًيا أفقدنا معالم الطريق، ويعرض مصالح العرب الكبرى للمخاطر. أما المكان الثاني الذي يلخص ما نحن فيه، فهو علني يختصر لمن يريد أن يفهم بعض تعرجات ذاك النفق المعتم الذي يسير فيه العرب، وأقصد موضوعات العدد الأخير من مجلة «الفورن أفيرز» الأميركية (تصدر كل شهرين وواسعة النفوذ).