آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-06:10ص

ملفات وتحقيقات


ذا ناشيونال: المهمّشون في اليمن.. محنة الأقلية السوداء المنسية

الثلاثاء - 08 يونيو 2021 - 04:32 م بتوقيت عدن

ذا ناشيونال: المهمّشون في اليمن.. محنة الأقلية السوداء المنسية

(عدن الغد) متابعات

تمت معاملة اليمنيين المنحدرين من أصل أفريقي كمواطنين من الدّرجة الثانية لعدة قرون، لكن الصراع زاد الطين بلة.

ترقد "جماله علي"، وهي تصرخ من الألم، في الشارع الرئيسي المزدحم بقريتها في محافظة الضالع، جنوب اليمن.

تم تحطيم ساقها من قِبل سائق، صدمها وهرب، لكن لم يتوقّف أحد للمساعدة حتى وصل أشخاص من أقليّتها العرقية - المعروفة باسم المهمّشين.

وقالت السيدة علي (52 عاما): "إن شابا يقود دراجة نارية اصطدم بي، بينما كان يسير في الشارع الرئيسي وهرب. ظللت أصرخ وأصرخ طلباً للمساعدة، لكن كل المارّة تجاهلوني حتى نقلني بعض الجيران من مجتمعنا إلى المستشفى، حيث أجريت جراحة لإصلاح الكسر".

يعاني أفراد مجتمعها، الذين يُشار إليهم أيضا باسم "الأخدام"، من تمييز اجتماعي عميق الجذور في اليمن.

التقت صحيفة "ذا ناشيونال" بأم لخمسة أطفال بالقرب من منزلها العشوائي المصنوع من الخردة في قرية "صنعاء" شمال الضالع، وهي الآن خط المواجهة في الحرب الأهلية اليمنية. جلست السيدة علي في الغبار وساقها المكسورة ممدودة، وتبيع حساء البطاطس الذي تطبخه لدعم أطفالها. ازداد التمييز المنهجي ضدّ الأقليّة منذ اندلاع الحرب في عام 2014. 

لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد المهمّشين في اليمن.

نعمان الحذيفي، رئيس منظمة المهمّشين في اليمن، قال إنهم يشكلون 12 في المائة من السكان، بينما أفادت الأمم المتحدة أن هناك ما يصل إلى 3.5 مليون عضو من الأقليّة في اليمن، يتعرّضون لسوء المعاملة والقمع أينما ذهبوا. 

في المدارس، يتعرّض أطفالهم للتخويف من قِبل التلاميذ والمعلّمين الذين يعاملونهم كخدَم.

قال جبران غلاب، الذي يعيش في 'قعطبة" جنوب اليمن، لصحيفة "ذا ناشيونال": "لم يعد أبناؤنا يذهبون إلى المدرسة، لأنهم تعرّضوا لسُوء المعاملة والتحرّش".

وأضاف: "كان ابني يذهب إلى المدرسة القريبة، لكنه توقف، لأن المعلّمين جعلوه ينظّف الفصل كل يوم، وإلا فإن معلّمه سيضربه".

تعود معاناة المهمّشين إلى قرون، وتشمل القمع المنهجي، وسُوء المعاملة من قِبل الطّبقات الاجتماعية الأخرى، والسلطات الحكومية.

قال الحذيفي لصحيفة "ذا ناشيونال": إن "الحرب الحالية أثرّت بشكل كبير على المجتمع اليمني بأسره، لكن وضع الأشخاص المهمّشين كان أسوأ بكثير". 

وأوضح: "أجبر الصراع غالبية أبناء مجتمعنا على الفرار من العشوائيات الدائمة، خاصة في المحافظات التي اندلعت فيها الحرب، مثل صنعاء وتعز والحديدة والجوف والضالع ومأرب، بحثا عن مأوى في محافظات أخرى.

أدى التمييز الاجتماعي، الذي مورس ضد مجتمعنا لقرون عديدة، إلى تعقيد وضعنا المزري خلال هذه الحرب". 

وبيّن "لم يُسمح لشعبنا بالانضمام إلى مخيمات [النازحين داخليا] التي يشغلها أشخاص لهم صلات قبلية، وهذا التمييز جعل من الصعب على مجتمعنا الوصول إلى المساعدة الإنسانية". 

مع محدودية الموارد، أقام النازحون أكواخهم في أماكن نائية وغير آمنة. كان بعض هؤلاء على مقربة من الخطوط الأمامية. يمكن العثور على مستوطنات أخرى بالقرب من مكبات النفايات. 

*يفتقرون إلى المرافق الأساسية 

قال طاهر محمد، وهو شيخ في مخيم المهمّشين في صنعاء، إن النازحين داخلياً من الطبقات الاجتماعية الأخرى تلقوا المزيد من المساعدة.

وأوضح: "انتقل الكثير منهم إلى ملاجئ في مؤسسات الدولة بما في ذلك المدارس العامة". 

وأضاف: "لكن بالنسبة لنا في المجتمع المهمش، كان علينا إيجاد مخيمات خاصة بنا، لأن حياتنا لا تهم أي شخص في هذا البلد". 

ولفت إلى أنهم "حتى في هذا المخيم القائم بذاته، لسنا آمنين، لأن صاحب الأرض يأتي مرارا ويهددنا إما بدفع إيجار له أو بمغادرة أرضه. نحن نفتقر إلى الاحتياجات الأساسية للحياة، مثل: المياه النظيفة، والملاجئ المناسبة. وعندما تمطر، يتحول المخيم إلى مستنقع". 

*التمييز القانوني

تعرّضت النساء من الأقلية لخطر أكبر منذ انهيار الدولة في اليمن في عام 2014.

تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي ضدهن في السنوات الخمس الماضية بسبب الفراغ الأمني. في مايو الماضي، تم اختطاف واغتصاب فتاة من فئة المهمشين تبلغ من العمر 17 عاما من قِبل خمسة رجال في محافظة تعز، جنوب غرب البلاد.

وقال الحذيفي: "مرّ عام على الجريمة. العدل ما زال غائبا، لأن الفتاة من منطقة المهمّشين".

وأضاف أن "النيابة تعمدت تأخير إجراءات المحاكمة، لأن الضحية تنتمي إلى الأشخاص المهمّشين، ولكن إذا تم ارتكاب الجريمة نفسها من قِبل أفراد من المهمّشين، لكُنا قد رأيناهم [الجناة] يُعدمون في اليوم نفسه".