آخر تحديث :الأربعاء-16 أبريل 2025-07:31م
ملفات وتحقيقات

رغم العوائق.. نساء في لحج يقاومن الفقر بخلايا النحل وحليب الأبقار

الثلاثاء - 15 أبريل 2025 - 07:24 ص بتوقيت عدن
رغم العوائق.. نساء في لحج يقاومن الفقر بخلايا النحل وحليب الأبقار
(عدن الغد)محيي الدين الشوتري- بلقيس:

تقف عائشة سويد (45 عامًا)، كل صباح، أمام خلايا نحلها في منطقة "بئر جابر" بمديرية "تُبَن" في محافظة لحج، متفقدةً حالها مع اقتراب دخول فصل الصيف الحار.

ترى عائشة أن النحل، في هذا الوقت من العام، يحتاج إلى رعاية مضاعفة، من حيث توفير الماء والسكر بشكل مستمر، خصوصًا في ظل شح الأشجار وقلة المراعي في المنطقة، حتى لا تضعف الخلايا، أو تغادر إلى مناطق أخرى أكثر وفرة.

في المنطقة نفسها، تخوض عدد من النساء تجربة مماثلة بعد أن تلقين دعمًا من إحدى المنظمات، شمل تزويدهن بخلايا نحل، وأدوات تربية، مما شجَّعهن على دخول هذا المجال الجديد بالنسبة لهن، واستكشاف آفاقه الاقتصادية والمعيشية.

تقول عائشة سويد "إن العمل في تربية النحل أصبح أكثر حضورًا في حياتي بعد حصولي على دعم من إحدى المنظمات الدولية، إلى جانب عدد من نساء قريتي الواقعة شرق مديرية تُبَن.

وأضافت: "في السابق، كنت أساعد أحيانًا بعض أقاربي في هذا المجال، لكن بعد امتلاكي عشر خلايا نحل، بدأ اهتمامي يتعمق أكثر، وخلال العام الأول تضاعف عددها ليصل إلى نحو 20 خلية"

وأوضحت عائشة أن تربية النحل تتطلب جهدًا مستمرًا لتطوير الإنتاج والاستفادة منه بشكل أكبر. لكنها تواجه تحديات كبيرة، أبرزها محدودية مواقع تواجد خلاياها، حيث لا تستطيع نقلها إلى مناطق أخرى أكثر خصوبة؛ بسبب عدم قدرتها على تحمّل تكاليف النقل.

وتابعت: "بعض النحالين يمتلكون إمكانيات تمكنهم من نقل خلاياهم إلى محافظات مثل أبين أو شبوة، أو حتى مناطق أخرى في لحج، أما أنا فلا أملك وسيلة نقل، وتكلفة استئجار سيارة خاصة تتجاوز إمكانياتي".

وأشارت إلى أن إنتاج العسل لديها كان ضعيفًا خلال الفترة الماضية؛ بسبب ندرة المراعي في منطقتها، وغياب شجرة السدر، التي تُعد من أفضل الأشجار في إنتاج عسل عالي الجودة.

واستطردت بالقول إن محافظتي شبوة وأبين تمتازان بكثرة أشجار السدر، ما يجعل من نقلهن لخلايا النحل إلى تلك المناطق فرصة لرفع الإنتاج.

وأعربت عن أمنيتها في توفير وسيلة نقل دائمة لهن كنساء عاملات في تربية النحل؛ لتسهيل تنقلهن نحو المناطق التي تتوافر فيها المراعي، وهو ما من شأنه تحسين الإنتاج، وتحقيق مردود مالي ينعكس إيجابًا على حياتهن المعيشية.

من جهتها، تقول فتحية أرشد، مديرة تنمية المرأة الريفية في لحج، إن نساء الريف في المحافظة يقمن بدور محوري في دعم أسرهن، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب.

وأوضحت أن العديد من النساء أصبحن يعتمدن على أنفسهن في تأمين دخل ثابت من خلال امتهان مهن متعددة؛ مثل تربية النحل، وصناعة الزبادي، وتحضير الحقين، وطحن الحناء، وبيع المخللات.

وأضافت أن أكثر من 100 امرأة في ريف لحج يعملن حاليًا في هذه الأنشطة، عبر العمل التشاركي ضمن معامل صغيرة لإنتاج الزبادي والحناء، أو من خلال خلايا النحل التي تُدر عليهن دخلًا يحسِّن من مستوى معيشتهن.

وتابعت حديثها مؤكدة أن منتجات المرأة الريفية في لحج أظهرت قدرة كبيرة على المنافسة مع منتجات الشركات الصناعية، خاصة في مجالات؛ مثل طحن الحناء وإنتاج الزبادي، حيث باتت هذه المنتجات مفضلة في أسواق عدن ولحج لجودتها وطبيعتها المحلية.

لكنها، شددت على ضرورة تقديم دعم وتمويل أكبر لهذا النوع من المشاريع، بما يعزز دور المرأة الريفية، ويمكِّنها من تطوير منتجاتها لتنافس المنتجات الصناعية، في ظل تزايد ثقة المستهلكين بالمنتجات المحلية والطبيعية.

وفي سياق متصل، تقضي سامية محمد ساعات النهار داخل مزرعتها في القرية، حيث تتولى حلب الأبقار التي تملكها، وتبلغ نحو 15 بقرة.

تقول سامية إن مهمتها لا تقتصر على الحلب فقط، بل تشمل إرسال الحليب إلى معمل صغير في القرية، خُصص لإنتاج الحقين والزبادي والسمن، بدعم من إحدى المنظمات الدولية، في وقت سابق.

وأضافت: "العمل شاق ومرهق، خاصة مع شحة الإمكانيات، فلا توجد مضخات لري الأرض الزراعية، ونواجه صعوبة في توفير الأعلاف للأبقار، ما ينعكس سلبًا على استمرارية إنتاج الحليب، خاصة في أوقات الجفاف".

وأوضحت أن الأبقار التي تشرف على رعايتها مملوكة لها ولعدد من نساء القرية، وقد قمن بتوزيع المهام بينهن، حيث تتولى هي الإشراف على الحلب، بينما تعمل بقية النساء في المعمل، ويقمن بتعبئة وتوزيع الحقين والزبادي على البقالات القريبة.

ورغم أن هذا المشروع وفّر دخلًا جيدًا للنساء، إلا أنهن ما زلن يواجهن تحدِّيات، أبرزها عدم توفّر وسيلة نقل خاصة لتوزيع المنتجات على نطاق أوسع داخل المحافظة، إضافة إلى نقص في عبوات التعبئة اللازمة لحفظ المنتجات قبل تسويقها.