آخر تحديث :الأربعاء-09 أبريل 2025-06:07م
أخبار المحافظات

الدكتور عبدالله أحمد النسري، تاج النضال، وموثق التاريخ الجنوبي للأجيال- كتاب الجنوب العربي وطن وهوية ووجود

الإثنين - 07 أبريل 2025 - 05:56 ص بتوقيت عدن
الدكتور عبدالله أحمد النسري، تاج النضال، وموثق التاريخ الجنوبي للأجيال- كتاب الجنوب العربي وطن وهوية ووجود
((عدن الغد))خاص

عرض: د. شمسان عبيد*

الأدوار النضالية للفقيد الدكتور عبدالله أحمد النسري العسكرية والإعلامية والسياسية علاوة عن الدور الأهم في التوثيق للتاريخ النضالي لشعب الجنوب العربي وهويته، تجعلنا نقف أمام بطل استثنائي همه الجنوب العربي وشعبه، فالتوثيق العامل الأهم الذي تبنى عليه حضارة الشعوب وهويتها وتفاخرها بين الشعوب والدول...

حيث قام الفقيد بالتوثيق للتاريخ والأجيال القادمة لكل مجريات الأحداث التي مر بها الجنوب التي سعى الاحتلال اليمني في تزوير حقائقها؛ لتشويه التاريخ الناصع للجنوب العربي وطمس الهوية الجنوبية وربطها بالهوية اليمنية...

الجهد الذي بذله الفقيد في سرد تاريخ الجنوب العربي والبناء العسكري وفقاً لما عايشه بنفسه في السلك العسكري على الواقع ليقدم مادة توثيقية متكاملة للتاريخ والأجيال ،تجعلنا نقف أمام رجل عظيم همه الجنوب العربي وقضيته التي سعى الفقيد بكل الوسائل المتاحة لنصرتها.

*من أهم الكتب التي ألّفها الفقيد والتي وثّقَ بها مجمل الحقائق عن الجنوب العربي وتاريخه النضالي وهويته "كتاب الجنوب العربي وطن وهوية ووجود"،* إذ احتوى هذا الكتاب على أربعة عشر فصلاً، مكون من (٤٢٤) صفحات، تحدث في الفصل الأول عن الأهمية الاستراجية للجنوب العربي وموقعه الهام على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وما يملكه ميناء عدن من القدرات والإمكانيات ما لا يملكه ميناء آخر في الجزيرة العربية، وهذا ما زاد من الأطماع الخارجية على هذه المنطقة، حيث انتهاء الصراع القديم بدخول القوات البريطانية مدينة عدن بقيادة الكبتن هنس في 19 يناير 1839م، وتم بعد ذلك توقيع معاهدة صداقة مع سلاطين وأمراء ومشائخ الجنوب العربي.

كتبَ في الفصل الثاني عن الجنوب العربي وهويته

حيث سخر الفقيد جل جهده في تجميع الحقائق والبراهين الشاهدة على هوية وحضارة الجنوب العربي الراسخة في أعماق التاريخ بطريقة سلسة وبمصداقية في توثيق مجريات الأحداث، والتي سعى الاحتلال اليمني على تزويرها وطمسها، وفي هذا الصدد يمكننا القول بأن الفقيد وطن وليس مجرد فرد يعيش في هذا الوطن.

حيث بين الفقيد الحقائق التاريخية لتسمية الجنوب العربي وقال بأن الجنوب العربي هو الجزء الممتد من جزيرة سقطرى والمهرة وحضرموت شرقاً إلى جزيرة كمران وباب المندب والنادرة والضالع غرباً، فالدول المستقلة التي تمثل السلطنات والمشائخ والإمارات كان يطلق عليها دولة سلطنة أو دولة مشيخة أو دولة إمارة في الجنوب العربي على سبيل المثال دولة سلطنة القعيطي- حضرموت في الجنوب العربي ودولة إمارة خرفة حالمين ثم دولة إمارة الضالع في الجنوب العربي ودولة مشيخة المفلحي في الجنوب العربي ...الخ

ولم يشار لأي من دول الجنوب العربي هذه بأنها تتبع اليمن بل هي وطن وهوية ووجود مستقل يسمى بالجنوب العربي تدل عليه الصور والطوابع البريدية والخرائط والجوازات (كتاب الجنوب العربي وطن وهوية ووجود الفصل الثاني الطبعة الأولى ٢٠١٤م، الفصل الثاني ص ٤٤-٥٦)، حيث بين الفقيد عدم صحة ما يقوله البعض بأن بريطانيا هي من أطلق تسمية الجنوب العربي، وقال بأن بريطانيا احتلت الجنوب في ظل الدول المذكورة آنفاً على أراضي الجنوب العربي وهي دول مستقلة بعضها عن بعض وتقع في منطقة جغرافية اسمها الجنوب العربي، وبين بأن بريطانيا أضافت إلى الأسم لفظ محمية فقط (محمية الجنوب العربي).

في الفصل الثاني ص٣١ دوّن الفقيد ما بداخله من ثورة متقدة وأطلق سهام قلمه الصاروخي على مزوري التاريخ حيث قال:

*"نقول لمن يحاولون لي ذراع الحقيقة والواقع وينكرون بل ويزورون التاريخ المشرق للوطن والوجود والهوية للجنوب العربي، موتوا بغيظكم فالشعوب لا تمحى بجرة قلم ولا بلفظة شفاة ولا حتى بجنازير الدبابات وطمس الهوية، بقوة النفوذ، فالشعوب دائماً وأبداً شعوب حية، فهي الأصل وهي الوجود وهي التاريخ، فالشعوب تُغيِّر ولا تتغير أو تستبدل وفق أهواء الطامعين بها، فمليونيات الجنوبيين المطالبة بالتحرير والاستقلال خير دليل على ذلك.."*

كما تحدث في الفصل الثالث على الصراع البريطاني التركي على الموقع الاستراتجي للجنوب العربي، والذي اشتد مع زيادة السفن الأجنبية الآتية إلى ميناء عدن في تبادل التجارة على طريق البحر الأحمر علاوة على فتح قناة السويس عام 1869 م كان لما ذكر آنفاً دوراً في زيادة الأطماع الخارجية على موقع عدن الاستراتجي، وتطرق الفقيد إلى الصراعات بين العائلة الكثيرية والتي أدت إلى تدخل الإمام الزيدي اليمني إلى بسط نفوذه على بعض مناطق حضرموت،فأثار هذا الأمر حفيظة العائلة الكثيرية، حيث استطاع أحد أفراد العائلة الكثيرية وهو المردوف أن يستقدم ستة ألف مقاتل من يافع استطاعت تحرير مناطق حضرموت من الاحتلال الزيدي، كما تطرق بالتفصيل عن الصراع بين حكومات القبائل اليافعية في حضرموت الدولة(الكسادية في المكلا والدولة البريكية في الشحر) مع السلطة الكثيرية، علاوة على التحالف بين الكسادي والقعيطي وما تلاه من صراع بينهما، وكيف انتصر القعيطي في نهاية المطاف على الكسادي، وتحدث الفقيد عن التدخل التركي في المحمية الغربية للجنوب العربي، حيث شنت بريطانيا هجوما تمكنت من خلاله تحرير المناطق التي احتلها الأتراك، وفي نهاية الصراع وقّع البريطانيون والأتراك على ترسيم الحدود بين الجنوب العربي واليمن..

وفي الفصل الرابع من هذا الكتاب تحدث الفقيد عن محميات الجنوب العربي وأسماء حكامها والعلم الوطني لكل دولة فيها،

حيث أظهر الفقيد لجميع القراء لهذا الكتاب الجهد الذي بذله في نشاطه البحثي من خلال التوثيق لأسماء القيادات المركزية لمحمية الجنوب العربي في عدن وأسماء حكام دول السلطنات والمشيخات والإمارت للجنوب العربي والفترة الزمنية لكل حاكم فيها والصور التوثيقية لعلم كل سلطنة أو إمارة أو مشيخة.

وفي الفصل الخامس كتب عن الصراع البريطاني اليمني على الجنوب العربي، وفي الفصل السادس تطرق الفقيد إلى عوامل البناء العسكري(الاقتصادية- -السياسية- التخصصية- تبادل الخبرات والقدرات القتالية مع الدول الشقيقة) حيث بين بأن البناء العسكري الخاطئ يؤدي إلى وقوف القوة العسكرية ضد الشعب وترتبط مصيرها بمصير الحاكم ونظامه السياسي، ويأتي النظام الجديد بنظام سياسي يعيد البناء العسكري من جديد على الأسس التي تضمن له ولنظامه السياسي البقاء والولاء.

وفي الفصل السابع تناول نشأة وتطوير جيش الجنوب العربي ومؤسساته العسكرية،

وتطرّقَ في الفصل الثامن إلى إعادة تنظيم مؤسسات الجنوب العربي العسكرية على طريق الاستقلال،إذ سعت الحكومة البريطانية في تقديم النصائح والمساعدات للجنوب العربي للارتقاء في المجال السياسي والاقتصادي والدفاعي واعادة تنظيم شرطة الجنوب العربي والجيش النظامي وتصفية العناصر اليمنية منه، على ضوء توصيات لجنة الزعيم البريطاني "فاينر" حيث أصبحت المؤسسات العسكرية للجنوب العربي بعد الاستقلال من أبنائه، حيث دون الفقيد في هذا الفصل بيانات احصائية دقيقة عن جيش الجنوب العربي ورتبه العسكرية والمرتبات والعلاوات.

وتناول الفقيد في الفصل التاسع العوامل التي عجلت بالانسحاب البريطاني وحصول الجنوب العربي على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 بدلا عن الموعد المحدد الذي حددته بريطانيا للانسحاب، أما في الفصل العاشر فقد تطرق فيه إلى نص خطاب أمين عام رابطة الجنوب العربي شيخان الحبيشي أمام لجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار البريطاني ومنح الجنوب العربي استقلاله.

وتناول في الفصل الحادي عشر وثيقة التقبيض والاستلام لمدينة عدن بين القوات البريطانية وجيش الجنوب العربي الذي حل محلها في السيطرة على مدينة عدن،

ودون في الفصل الثاني عشر عدداً من الوثائق والمرفقات ومن أبرزها النص الكامل لدستور دولة سلطنة العبدلي- لحج، ووثق بالصور زيارة الملكة البريطانية اليزابيث وصورتها على طابع بريدي صدر من عدن عام 1953م وغيرها من الصور والعروض العسكرية الخاصة بهذه الزيارة، ودون أيضاً معاهدة الصداقة والحماية الموقعة بين بريطانيا والجنوب العربي وغيرها من المعاهدات، وفي الفصل الثالث عشر وثق العديد من الصور العسكرية للجنوب العربي وشعار المحميات وجيش الاتحاد النظامي والصور العسكرية لبعض الضباط البريطانيين وصور العروض العسكرية، وفي الفصل الرابع عشر وثق العديد من الصور في زمان الاحتلال البريطاني للمباني في كريتر وساعة برج التواهي وشارع المعلاء وفندق الصخرة في التواهي ومسجد السلطان في لحج وخليج حقات وجزيرة صيرة وصور للقادة والعملات البريطانية وغيرها.

الجهد الذي بذله الفقيد لا تتسع الصفحات للكتابة عنه، فما دوَّنهُ الفقيد نستطيع أن نقول بأنه قد نقش تاريخه النضالي بنفسه وقد أنصف نفسه من أي تقصير لنا في الكتابة عن مسيرته النضالية.

*من حرص الفقيد ومتابعته للكتاب بعد الطباعة فقد نوه الفقيد بأن هناك أخطأ مطبعية من مركز طباعة الكتاب،حيث اوردت أسماء مغلوطة للمشيخات والسلطنات باسم المشائخ والسلاطين وكذلك طباعة الصور باللون العادي بخلاف ما تم التوقيع عليه من اتفاق بين الطرفين، هذا ما يجب التنوية اليه بأن الكتاب سيطبع مجددا بعد تصحيح هذه الأخطاء.*