من المتوقع أن يكون للرسوم الجمركية الجديدة، التي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء تأثير عالمي كبير، وقد أدانها الاتحاد الأوروبي وحلفاء رئيسيون آخرون للولايات المتحدة.
لكن يمكن أن تلقى هذه الرسوم رد فعل مختلفاً في الصين، إذ قد يعتبرها زعيمها هدية أو منحة.
في هذا المقال، يستعرض مراسلو بي بي سي في أكبر خمسة اقتصادات حول العالم، كيف استقبلت تلك الدول إعلان ترامب.
وقالت إنه "لا يوجد طريق واضح للخروج من التعقيد والفوضى" التي ستُطلقها الرسوم الجمركية الجديدة في جميع أنحاء العالم.
لكن المفوضية وعدت بحماية شركات الاتحاد الأوروبي، التي سيتضرر بعضها أكثر من غيرها، مثل صناعة السيارات الألمانية، والسلع الفاخرة الإيطالية، ومنتجي النبيذ والشمبانيا الفرنسيين.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماع طارئ لكبار المسؤولين في قطاع الأعمال الفرنسي في وقت لاحق من يوم الخميس.
ونظراً لأن الاتحاد الأوروبي أكبر سوق موحدة في العالم، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يضر بالولايات المتحدة، باستهداف السلع والخدمات، بما في ذلك "شركات التكنولوجيا الكبرى" مثل آبل وميتا، بإجراءات مضادة.
لكنه يقول إن هدفه ليس رفع سقف المطالب، بل إقناع ترامب بالتفاوض.
مساء الأربعاء، صرحت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، بأنه على الرغم من أنها تعتبر الرسوم الجمركية خاطئة، إلا أنها ستبذل قصارى جهدها لمحاولة التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
ولكن من جهة أخرى، تُعدّ هذه الخطوات من ترامب بمثابة هدية للرئيس الصيني شي جين بينغ.
إذ يُصوّر شي بلاده على أنها مناصرة للتجارة الحرة، وداعمة للمؤسسات متعددة الأطراف، ويُجري مقارنات مع القوة العظمى الأخرى في العالم التي يُنظر إليها على أنها تُقوّض كلا الأمرين.
خلال الأسبوع الماضي، كان الرئيس الصيني يجلس مع الرؤساء التنفيذيين لشركات دولية كبرى، بما في ذلك العديد من الشركات الأوروبية، وكانت الصورة واضحة. الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب أصبحت تعني الفوضى، وتدمير التجارة، ومصالح وطنية خاصة، أما الصين في عهد شي جين بينغ فأصبحت تعني الاستقرار، والتجارة الحرة، والتعاون العالمي.
وحشدت الحكومة الصينية بالفعل قطاعها الإعلامي الحكومي لمهاجمة الإعلان الأخير لإدارة ترامب.
وقد يختلف الناس مع تفسير الحزب الشيوعي الصيني لموقف العالم، ولكن في كل مرة يتخذ فيها ترامب إجراءات كهذه، يُسهّل على شي تنفيذ خطابه التسويقي.
وقد تؤدي الضرورة الاقتصادية إلى تقريب العديد من الدول من الصين وإبعادها عن الولايات المتحدة.
تُعدّ الاقتصادات الآسيوية من بين الأكثر تضرراً من رسوم ترامب الجمركية الجديدة. سيتعين على الأمريكيين دفع ضريبة بنسبة 46 في المئة على السلع المستوردة من فيتنام، و49 في المئة على السلع المستوردة من كمبوديا.
وبصورة نسبية، كان أداء الهند أفضل.
لكن بريانكا كيشور، من شركة الاستشارات "آسيا ديكويد"، تقول إن معدل الرسوم الجمركية الشامل البالغ 26 في المئة لا يزال مرتفعاً، وسيؤثر بشدة على "الصادرات كثيفة العمالة" الرئيسية.
تضيف كيشور، "من المرجح أن يكون لذلك تأثيرٌ غير مباشر على الطلب المحلي والناتج المحلي الإجمالي" في حين يتباطأ النمو بالفعل.
لكن صادرات الهند من الإلكترونيات قد تستفيد على الأرجح، إذ إن فرض رسوم جمركية أعلى على منافسين مثل فيتنام قد يؤدي إلى إعادة توجيه التجارة.
ولكن من غير المرجح أن يخفف ذلك من الأثر السلبي العام لعقوبات ترامب على النمو.
وعلى عكس كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، اعتمدت الهند حتى الآن نهجاً تصالحياً تجاه ترامب، وهي تتفاوض حالياً على اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة. وسيُتابع العالم عن كثب ما إذا كان هذا سيؤدي إلى رد انتقامي في دلهي.
ولكن ستتنفس صناعة الأدوية الصعداء، وهي أكبر صادرات صناعية للهند بنحو 13 مليار دولار سنوياً، إذ تمّ إعفاء الأدوية من هذه الرسوم الجمركية "المتبادلة".
تستهدف "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي فرضها ترامب عشرات الدول الأفريقية، بما في ذلك 30 في المئة لجنوب أفريقيا و50 في المئة لليسوتو.
تُعاني العديد من هذه الدول بالفعل من آثار خفض المساعدات الخارجية الأمريكية، التي كانت تُقدم مساعدات صحية وإنسانية للدول الأقل حظاً.
لجنوب أفريقيا، شأنها شأن بعض أكبر اقتصادات القارة، بما في ذلك نيجيريا وكينيا، اتفاقيات تجارية مفتوحة مع الولايات المتحدة، وقد تُؤثر الرسوم الجمركية الجديدة بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية القائمة.
تُدرَج جنوب أفريقيا ضمن قائمة طويلة من الدول التي تُوصف بأنها "أسوأ المُخالفين" والتي تُواجه الآن رسوماً أمريكية أعلى، رداً على سياساتها التجارية غير العادلة، كما يقول ترامب.
وقال: "هناك أمور سيئة تحدث في جنوب أفريقيا. كما تعلمون، نحن ندفع لهم مليارات الدولارات، وقد خفضنا التمويل لأن الكثير من الأمور السيئة تحدث في جنوب أفريقيا"، قبل أن يُسمي دولاً أخرى.
وفي بيان لها، أدانت الرئاسة في جنوب أفريقيا الرسوم الجمركية الجديدة ووصفتها بأنها "عقابية"، قائلة إنها قد "تشكل حاجزاً أمام التجارة والازدهار المشترك".