شهد العام 2024 تحولًا نوعيًا في أداء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في اليمن، مما عزز مكانته كأحد الركائز الأساسية لحماية المال العام ومكافحة الفساد. وقد أسهمت هذه التحولات بشكل ملموس في ترسيخ ثقافة الشفافية والمساءلة داخل مؤسسات الدولة، بفضل التوجيهات المباشرة من القيادة السياسية، ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وبالتنسيق مع مجلسي النواب والشورى.
أبرز الأنشطة خلال العام
ورغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، تمكن الجهاز من قيادة مسار إصلاحي طموح حاز على ثقة المجتمع اليمني، ويهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز الأنشطة التي نفذها الجهاز خلال العام، والتي ركزت على تعزيز دوره في مكافحة الفساد وضمان حماية المال العام، وشملت هذه الأنشطة حملات رقابية موسعة استهدفت تقييم الأداء المالي والإداري للمؤسسات الحكومية، بما يحقق أعلى معايير الكفاءة والشفافية.
تعزيز النزاهة والشفافية
تحت قيادة القاضي أبو بكر السقاف، تمكن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من الحفاظ على استقلاليته وحياديته كهيئة رقابية عليا تضطلع بمسؤولية الرقابة على المال العام، وحماية الممتلكات العامة، ومكافحة الفساد، وفي هذا السياق وضع الجهاز خططًا استراتيجية محكمة ركزت على تعزيز النزاهة والشفافية المالية، مع توجيه اهتمام خاص إلى المؤسسات ذات التأثير الأكبر في الاقتصاد الوطني.
مؤسسة رقابية محايدة
وقد تضمنت هذه الخطط تنفيذ عمليات تدقيق ميدانية معمّقة أسفرت عن كشف قضايا فساد كبيرة، تمت إحالتها إلى القضاء لضمان محاسبة المتورطين وفقًا للقانون، كما حرص الجهاز على تعزيز دوره كمؤسسة رقابية محايدة، تعمل بحزم وشفافية لتحقيق العدالة المالية وحماية الموارد العامة، بما يسهم في تعزيز ثقة المجتمع اليمني بمؤسسات الدولة.
تطوير الأداء الرقابي
اعتمد الجهاز على تقنيات حديثة ومتطورة لتحليل البيانات المالية، مما مكّنه من كشف اختلالات جوهرية في أداء العديد من المؤسسات الحكومية، وقد أسفر هذا النهج عن إعداد تقارير شاملة تضمنت توصيات عملية ومبنية على أسس علمية، تهدف إلى تحسين كفاءة تلك المؤسسات، وتعزيز إيرادات الدولة، وضمان استدامة الأداء المالي، وهذه الجهود تأتي في إطار رؤية الجهاز لتعزيز دوره الرقابي والارتقاء بمستوى الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة.
تعزيز الشراكات المؤسسية
عمل الجهاز على بناء شراكات استراتيجية فعّالة مع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، إلى جانب مجلسي النواب والشورى، بهدف تحقيق التكامل بين المؤسسات الرقابية والتنفيذية والتشريعية، وأسهم هذا التعاون المثمر في تطوير السياسات الرقابية وتنفيذ توصيات الجهاز بشكل عملي وفعّال، لا سيما مع إعلان عام 2024 عامًا لمكافحة الفساد، كما عزز الجهاز علاقاته مع الجهات الدولية، لاستفادة من أفضل الممارسات الرقابية العالمية وتطبيقها بما يتناسب مع احتياجات الواقع اليمني.
تعزيز ثقة المجتمع
بفضل التزام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالشفافية في عرض تقاريره وإحالة قضايا الفساد إلى الجهات القضائية المختصة، نجح الجهاز في كسب ثقة المجتمع المحلي والدولي بدوره الرقابي، كما ساهمت اللقاءات الدورية مع القيادات التنفيذية في تعزيز الالتزام بتوصيات الجهاز وتفعيل الإجراءات الرقابية، مما ساعد على تحقيق نتائج ملموسة في مجال مكافحة الفساد وحماية المال العام.
زيارة رئيس الوزراء لمقر الجهاز
في 13 فبراير 2024: استهل رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك نشاطه الرسمي بزيارة مقر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في العاصمة المؤقتة عدن، وخلال ترؤسه اجتماعاً ضم رئيس الجهاز القاضي أبو بكر السقاف، إلى جانب الوكلاء ومديري عموم الإدارات، تم مناقشة سبل تعزيز النزاهة وحماية المال العام، مع وضع أولويات واضحة لمراجعة أداء المؤسسات الاستراتيجية.
إشادة برلمانية بدور الجهاز
في 3 مارس 2024: قام نائب رئيس مجلس النواب المهندس محسن باصرة بزيارة مقر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حيث أشاد خلال لقائه برئيس الجهاز القاضي أبو بكر السقاف بالجهود الرقابية المبذولة لتحسين أداء المؤسسات الحكومية، كما أكد أهمية تعزيز الشراكة بين الجهاز والسلطة التشريعية لضمان متابعة التوصيات وتنفيذها بما يخدم الصالح العام.
دعم رئاسي لمحاربة الفساد
في 14 مايو 2024: التقى عضوا مجلس القيادة الرئاسي عبد الرحمن المحرمي وعثمان مجلي برئيس الجهاز القاضي أبو بكر السقاف، الذي قدم شرحًا مفصلًا حول خطط الجهاز للعام الجاري، وخلال اللقاء تم التأكيد على إعلان عام 2024 عامًا لمكافحة الفساد، مع التركيز على تكثيف النزول الميداني ومحاسبة المتورطين، بما يسهم في تعزيز الشفافية وإصلاح مؤسسات الدولة.
تقارير مراجعة هامة
في 12 نوفمبر 2024: سلّم رئيس الجهاز القاضي أبو بكر السقاف تقارير مفصلة لرئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، شملت مراجعة أداء عدد من المؤسسات الحيوية، منها: (المنطقة الحرة عدن، شركة مصافي عدن، المؤسسة العامة لموانئ خليج عدن، شركة النفط اليمنية وفروعها في المحافظات، مؤسسة موانئ البحر العربي، الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية، الهيئة العامة للشؤون البحرية، الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية).
إحالة القضايا إلى النيابة
وشدد رئيس الوزراء خلال تسلمه تقارير الجهاز المركزي الخاصة بـ(الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، الشركة اليمنية للغاز مأرب، إضافة الى تقييم الأداء الضريبي في رئاسة مصلحة الضرائب ومكاتبها والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وفروعها في المحافظات) على أهمية إحالة القضايا الجسيمة إلى النيابة العامة ومحاسبة المتورطين، بما يسهم في تعزيز النزاهة وحماية المال العام.
الجهود في المحافظات
عدن: ركز الجهاز على تقييم أداء المؤسسات الاقتصادية الكبرى، بما في ذلك المؤسسات والهيئات والشركات العامة والموانئ، وقد تم تقديم توصيات مهمة لتحسين العمليات وتعظيم الإيرادات، بما يعزز من دور هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني.
تعز: ناقش المكتب التنفيذي تقارير الأداء السنوية وشدد على محاسبة المقصرين وتحفيز المتميزين، كما عقدت قيادة السلطة المحلية اجتماعات مع قيادة فرع الجهاز لمناقشة تعزيز جهود مكافحة الفساد وضمان الالتزام بالدورة المالية القانونية.
حضرموت: عمل فرعا الجهاز في الساحل والوادي على مراجعة أداء المؤسسات وتصحيح الاختلالات المالية، وقد شهدت الفترة من (مارس إلى مايو) اجتماعات مع المحافظ بهدف تطوير التنسيق الرقابي وتعزيز الانضباط المالي في المؤسسات.
المهرة: عقدت اجتماعات تنسيقية بين فرع الجهاز المركزي والنيابة العامة، حيث تم التركيز على متابعة المخالفات المالية وإحالة المتورطين إلى القضاء، كما جرى مناقشة سبل تطوير الكوادر القانونية لتسريع الإجراءات وتحقيق العدالة المالية.
تطبيق مبدأي المحاسبة
لن يشهد اقتصاد هذا البلد نهضة حقيقية، ولن تتحقق التنمية المستدامة والرخاء المنشود، إلا من خلال انتهاج سياسات شفافة وفعّالة في تحصيل الموارد العامة، وضمان استثمارها بصورة مثلى تخدم المصالح الوطنية، ولتحقيق ذلك يتطلب الأمر تطبيق مبدأي المحاسبة والمسائلة بشكل صارم، عبر تعزيز دور المؤسسات الرقابية وتفعيل مخرجاتها بشكل كامل، كما ينبغي تقديم الدعم الكافي وتوفير الإمكانيات اللازمة لهذه المؤسسات، بما يضمن قدرتها على أداء مهامها بكفاءة واستقلالية، ويعزز الثقة العامة في إدارة موارد الدولة بما يحقق العدالة والنمو الشامل.