بعد مرور نحو عامين على الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي الانقلابية، أظهرت بيانات أممية أن مستويات العنف تراجعت خلال العام الحالي بنسبة 31 في المائة مقارنة بمستوياته خلال العام الماضي.
وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن مؤشر السلام العالمي، لا يزال يصنّف اليمن باعتباره الدولة الأقل سلاماً في المنطقة وأقل بلد مسالم على المستوى العالمي لهذا العام.
وأكد تقرير وزَّعه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن أحداث العنف السياسي داخل اليمن شهدت انخفاضاً بنسبة 31 في المائة خلال الربع الثالث من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين قدّرت المنظمة الدولية للهجرة نزوح ما يقرب من 6618 شخصاً لمرة واحدة على الأقل خلال الفترة الزمنية نفسها، وهو المستوى ذاته تقريباً المسجل في الربع الثالث من العام الماضي.
وبخلاف الصراع الداخلي، ذكر برنامج الأغذية العالمي أن التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدت إلى إدخال مخاطر إضافية على الوضع في اليمن، من خلال وقوع 385 حدثاً عنيفاً في البحر الأحمر وخليج عدن بين أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وسبتمبر (أيلول) الماضي، بما في ذلك 76 حدثاً تم تسجيلها خلال الربع الثالث من العام الحالي.
أظهرت بيانات الأغذية العالمي أن واردات الوقود عبر جميع المواني البحرية اليمنية ظلت دون تغيير منذ بداية العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأكدت أن واردات الوقود عبر مواني البحر الأحمر شهدت زيادة بنسبة 3 في المائة على أساس سنوي، في حين شهدت المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة انخفاضاً بنسبة 7 في المائة خلال الفترة نفسها.
وبشأن تعرّض ميناء الحديدة لغارات جوية إسرائيلية مرتين خلال الربع الثالث من هذا العام، أكد البرنامج عدم دخول أي ناقلة وقود إلى الميناء منذ الهجوم الأول، حيث يتم تحويل جميع شحنات الوقود إلى ميناء رأس عيسى. ونبَّه إلى ضرورة مراقبة الوضع من كثب في الأشهر المقبلة؛ لأن الميناء يعمل ميناءً رئيساً للوقود في البلاد وهو مركز استيراد مهم.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط الخام العالمية بنسبة 21 في المائة سنوياً، فقد وصلت أسعار الوقود المحلية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب انخفاض قيمة العملة المستمر. لكن برنامج الأغذية العالمي لم يتمكن من جمع بيانات أسعار السوق في مناطق الحوثيين منذ يونيو (حزيران) 2024 بسبب المخاوف الأمنية.
وعلى الرغم من أزمة البحر الأحمر، يؤكد البرنامج ارتفاع واردات الغذاء عبر المواني اليمنية بنسبة 18 في المائة خلال الأشهر التسعة من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. حيث ارتفعت واردات المواد الغذائية عبر مواني البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين بنسبة 26 في المائة، في حين شهدت المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة انخفاضاً بنسبة 8 في المائة خلال الفترة نفسها.
مع تأكيد البرنامج الأممي توافر المواد الغذائية الأساسية في الأسواق اليمنية خلال الربع الثالث من العام الحالي، قال إنها ظلت بعيدة عن متناول الأسر الأكثر ضعفاً بسبب ارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً وانخفاض القدرة الشرائية في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب ما جاء في التقرير، شهدت العملة المحلية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً بنسبة 25 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى 1902 ريال مقابل الدولار الواحد بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث فقد الريال حتى الآن أكثر من ثلثي قيمته (68 في المائة) على مدى السنوات الخمس الماضية. ويُعزى هذا الانخفاض بشكل رئيس إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي ونقص الإيرادات الناتج من تعليق صادرات النفط الخام بسبب هجمات الحوثيين على المواني.
أكد برنامج الأغذية العالمي أن انخفاض الإيرادات الحكومية أثر على تقديم الخدمات الأساسية في مناطق سيطرتها، بما في ذلك دفع رواتب موظفي القطاع العام. وتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1 في المائة نهاية هذا العام، بعد انكماش بنسبة 2 في المائة العام السابق.
وبالمثل، ارتفعت تكلفة سلة الغذاء الدنيا بشكل مطرد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة منذ بداية هذا العام، ووصلت إلى مستوى غير مسبوق في الربع الثالث منه. وأعاد التقرير أسباب ذلك في المقام الأول إلى انخفاض قيمة العملة المستمر وارتفاع أسعار الوقود.
وتوقع برنامج الأغذية أن تستمر أسعار المواد الغذائية الأساسية في الارتفاع حتى فبراير (شباط) من العام المقبل، وأن تظل أعلى من مستويات العام الحالي. وذكر أن محافظة مأرب شهدت أعلى زيادة سنوية في أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 10 في المائة و15 في المائة.