آخر تحديث :الخميس-19 ديسمبر 2024-02:08ص
أخبار وتقارير

فيصل عبداللطيف الشعبي ، القائد الذي فرط به غدر الرفاق .

الأحد - 13 أكتوبر 2024 - 09:45 م بتوقيت عدن
فيصل عبداللطيف الشعبي ، القائد الذي فرط به غدر الرفاق .
كتب : محمد البذيجي


انجبت ثورة 26 سبتمبر قائداً بحجم ابراهيم الحمدي ، أبت 14 اكتوبر إلا ان تنجب فيصل عبداللطيف كقائد استثنائي وبطل لا يهاب ..


بين الحمدي وفيصل عبداللطيف روابط كثيرة تجمعهما في طريقة الأداء والإدارة والحنكة السياسية ، رغم أن الحمدي كان قد اكتسب هذه الأشياء من مراسهِ السياسي والثوري إلا أن فيصل عبداللطيف اكتسبها من طريقة أداءهُ الثوري مع رفاقهِ أبطال ثورة 14اكتوبر الخالدة .


فيصل عبداللطيف هو رئيس الوزراء في أول حكومة بعد الإستقلال خلال حكم الرئيس الشهيد قحطان الشعبي ، حينها لم يعجب " اخوة الجبل " ذلك البطل فدشنوا به مرحلة السفك والقتل وكان فيصل عبداللطيف بداية لمرحلة صراع طالت كثيراً ونالت من ابرز القادة الوطنيين ..


كان العائدون من تعز الذين انشقوا عن حركة " 14 مايو 1968

" بقيادة علي صالح عباد " مقبل " وعبدالفتاح اسماعيل وسالمين وغيرهم ، قد عادوا الى عدن بناءاً على تنسيق مسبق بواسطة فيصل عبداللطيف وسيف الضالعي ومحمد علي عنتر ومحمد علي هيثم بشرط " المحاسبة التنظيمية في الحركة " وهو ما قبلوا به وحين عادوا تحولوا الى طعنة غدرت بفيصل اولا ورفاقه في حكومة قحطان الشعبي ثانياً ..


استغل القادة بعض أخطاء وزراء حكومة فيصل الشعبي ، فاخذوا على محمد علي هيثم الذي كان يشغل وزير الداخلية انه يتدخل في مهام خارجية ليست من اختصاصاته ، رغم ان ما قام به هيثم عن حسن نية وبمنطلق الحرص الوطني - كما قال عبدالقوي رشاد وهو نائب وزير الخارجية في تلك الحكومة ..


استدعى الرئيس قحطان وكبار القادة انذاك وزير الداخلية والجلوس معه في حضور بعض القيادات العليا للدولة وأثاروا له انعكاسات ما قام به ولكن هيثم لم يتقبل الأمر وتطورت النقاشات إلى مشادات ، واقترح البعض على هيثم الإعتذار الشخصي على ما بدر منه، فرفض هيثم أن يعتذر وأصر على موقفه ورفض تقديم استقالته من الوزارة مما أضطر الرئيس قحطان الشعبي بإصدار قرار إقالته من وزارة الداخلية .


وهنا تحول ما يصفون انفسهم حينها " باخوة الجبل " الذين ساءهم فعل هيثم سابقا الى متضامنين معه حين تمت اقالته من الوزارة ، وعللوا ذلك ان القرار غير دستوري رغم ان النظام الرئاسي يتيح للرئيس اتخاذ أي قرار يراه بعد التشاور مع قياداته ..


بدأت تبرز وبقوة محاولات الإنقلاب ضد حكم قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف ، - اجتمعوا في ليلة 22 يونيو 1969م في قصر السلطان علي عبد الكريم (متحف الآثار حالياً) كمحاولة لجس نبض النظام خوفاً من قمعه لهم ، يقول عبدالقوي رشاد : زرتُ مكانهم وهم مجتمعون وطفت عليهم وخرجت لأتصل بأخي فيصل عبد اللطيف وقلت له "الجماعة" يتآمرون ضد النظام وأنتم صامتون رد عليه فيصل : خليهم يتآمروا ويأخذوا السلطة ونحن سندعمهم ويجربوا كيف الحكم" وبعدها بساعات قدم الرئيس قحطان استقالته من تلقاء نفسه وليس كما اشيع بأنه تمت إقالته .


استولى الاخوة على السلطة حينها ، وعرضوا علي قحطان الخروج خارج الوطن فرفض ، وطلبوا من فيصل عبداللطيف الشعبي بتحمل مجلس رئاسة قيادة النظام الذي سيشكلونه ورفض وقال لهم "لقد قمتم بالتآمر على النظام في عمل جبان وسلمناكم السلطة سلمياً ولن أشارك معكم". كما نقل لي عبدالقوي رشاد الذي تحدث معي في حوار سابق عن طبيعة هذه المرحلة .


يتحدث رشاد وهو الاخ غير الشقيق لفيصل عبد اللطيف :

" عرضوا على فيصل وقحطان ومن معهم في التيار الوطني الذي كنت فيه الإقامة الجبرية في منزلين صغيرين في حوش الرئاسة ومنعوا عنهم الزيارات، وبعدها أدعت سلطة 22 يونيو باكتشاف مؤامرة بالانقلاب عليها فقامت بإنزالهم إلى سجن فتح ووضعتهم في زنازين وأعطوا لكل واحد منهم "بطانية" وقرص روتي وملعقة فاصوليا ، وهذا يعطي مقارنة واضحة لنظام 22 يونيو لتعامله المشين والتسامح اللامحدود لنظام ما قبل حركة "إخوة الجبل" الذي لم يتعامل معهم بأي سوء وهو يعرف نيتهم السوداء .. علماً أن زنازين فتح استخدمها الاستعمار لحجز جنوده المخالفين لساعات فيها فقط واستخدمها الإخوة لحجز القادة الأبطال حتى الموت "


تم اغتيال فيصل عبداللطيف في زنزانته في ابريل عام 1970 م ، لتدشن مرحلة جديدة قتل فيها زملاء ورفاق فيصل عبداللطيف وقتل القادة والكوادر الوطنية ، خصوصا في ما عرف بحادثة قتل الدبلوماسيين وهم قيادات الصف الأول للثورة وكوادر مجربة في العمل الدبلوماسي ، وتم استدعاؤهم من الخارج وحاضروا بهم في مدينة الشعب وتم ترحيلهم إلى مطار عتق وأخرجوا قائمة منهم فيها أسماء من يراد تصفيتهم وهم (سيف الضالعي، محمد علي الشاعر، عبد الباري قاسم، ومحمد صالح عولقي، وأنور قاسم، والأخوان فضل وعبد القادر سلامي، البيشي، محمد ناصر محمد صاحب جريدة الطريق، عبد الله بن سلمان، عبد الكافي عثمان و غيرهم.


طارت الطائرة بهم إلى حضرموت وتفجرت بفعل عبوة ديناميت تم وضعها على متنها لتنفجر بعد إستقرارها في الجو وقتلوا جميعا ، يقول عبدالقوي رشاد " هذه الجريمة لن تفلت من تاريخ تلك الحقبة " .