آخر تحديث :السبت-26 أكتوبر 2024-08:18ص
رياضة

إيمان خليف تنتصر على التنمر بالذهبية في أولمبياد باريس

السبت - 10 أغسطس 2024 - 09:06 ص بتوقيت عدن
إيمان خليف تنتصر على التنمر بالذهبية في أولمبياد باريس
(عدن الغد) متابعات:
يمان خليف تنتصر على التنمر بالذهبية في أولمبياد باريس

تمكنت الملاكمة الجزائرية إيمان خليف من الفوز على الصينية يانغ ليو، لتحصد الميدالية الذهبية في نهائي وزن أقل من 66 كيلوغراماً للسيدات بدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، والذي أقيم مساء الجمعة،على ملعب «فيليب شاتريبه» في رولان غاروس.
ووصلت إيمان للنهائي بعد فوزها في الدور الأول على الإيطالية أنجيلا كاريني، قبل أن تتجاوز في ربع النهائي المجرية لوكا هاموري، ثم التيلاندية جانجايم سوانيفينج، في نصف النهائي.
ما مشكلة ترامب وميلوني مع إيمان خليف؟
ماذا يقول العلم عن الجدل حول الجندر في الملاكمة؟
وكانت خليف، الحائزة على الميدالية الفضية في بطولة العالم 2022، في دائرة الضوء في ألعاب باريس وسط جدل جندري هيمن على عناوين الأخبار.
وشهدت مدن جزائرية عدة احتفالات كبيرة بعد الإعلان عن فوز إيمان بالميدالية الذهبية، حيث احتشد الآلاف من الجزائريين أمام الشاشات لمتابعة المباراة.
من هي إيمان خليف؟
إيمان خليف ترتدي سترة رياضية بلون بيج يميل إلى الأصفر مخططة بلون أبيض، وعلى رأسها طاقية رياضية وبجانبها مدربها وقريبها يرتدي سترة رياضية حمراء مخططة بالأبيض والأسود
التعليق على الصورة،إيمان خليف مع رشيد وهو أحد أفراد عائلتها
في ولاية تيارت شمالي غرب الجزائر، ولدت إيمان خليف، في نهاية التسعينيات، لعائلة جزائرية بسيطة، وهي الأخت الكبرى لستِ شقيقات وأخ وحيد.
ترعرعت اللاعبة الأولومبية في قرية نائية، تُعرف ببيوتها القديمة من القرميد والجدران غير الأسمنتية، شوارعها واسعة، وفيها الكثير من المساحات التي تسمح للأطفال باللعب خارج المنزل، إلا أن هذا اللعب مقتصر على الأطفال الذكور، فالثقافة الشعبية لا تسمح للفتيات بالخروج من المنزل كثيراً.
أحبت إيمان كرة القدم ومارستها في شوارع قريتها مع الصبية، حيث عُرفت بأنها كانت تتعارك مع بعضهم، خاصة من لم يرق لهم أن تنافسهم فتاة في لعبتهم المفضلة، ولحسن حظها أنها تعرضت لمثل هذا المناوشات، حيث ساعدها ذلك في اكتشاف موهبتها في الملاكمة، كما لوحظ عليها القدرات البدنية الفائقة بشكل متميز عن بقية أقرانها.
هل تتمتع إيمان خليف بقدرات بدنية تتجاوز المألوف لدى الملاكمات النساء؟
إيمان خليف تجهز على منافستها الإيطالية في ثوان ورئيسة وزراء إيطاليا "مستاءة"
كانت بيئة إيمان متشددة، ولكن قدراتها البدنية، لم تسمح لها بالجلوس في المنزل، وفي إحدى المرات التي كانت تلعب فيها في أحد الشوارع، لاحظها أحد الأطفال الذين يلعبون في جمعية الحماية المدنية، حيث أخبر مدرب النادي محمد شعوة بأن هناك فتاة تلعب كرة القدم بشخصية متميزة وبنية جسدية قوية، ليطلب شعوة مقابلة والدها.
مواجهة التحديات لتحقيق الحلم؟
إيمان وقريبها رشيد يحملان كأساً ذهبية حصلت عليه بعد فوزها في إحدى المباريات..
لكن في القرية التي تقطنها إيمان، شكّل الانتقال والسفر لمسافات بعيدة عائقاً، في ظل خوف والدها على سمعتها كفتاة في قرية شبه ريفية، ووجد المدرب شعوة صعوبة في التوصل لحل مع والد إيمان، لكنه وافق في النهاية.
عشرة كيلومترات كانت تفصل قرية إيمان عن مقر تدريبها الجديد، فاضطرت لبيع الخبز بالطرقات وباعت والدتها الكسكس، حتى يتحملا نفقات المواصلات، ولكن مع عودتها بسيارات مختلفة كل يوم، كان الكثيرون يتحدثون عنها في القرية، وهو ما جعل والدها يعترض على سفرها ويطلب منها أن تتوقف عن ممارسة الرياضة.
فكرت إيمان في اعتزال الرياضة مؤكدة على انضباطها وعدم رغبتها في أن يكثر الحديث حولها في بلدتها، لتتواصل عمتها مع شقيقها، وتعرض عليه أن تتولى مسؤولية ابنته.
كانت إيمان تحب زيارة عمتها منذ أن كانت صغيرة، فزوجها كان أيضا ابن خالة والدها، وأطفالهم أشقاء إيمان بالرضاعة، وكانت طفلة محرومة من امتلاك الألعاب بحكم تواضع مستوى الأسرة المالي، فكانت تزور منزل عمتها لقضاء الوقت للّعب بألعاب أبناء عمتها.
يقول رشيد زوج عمة إيمان: "تدّخلنا واستقبلناها في منزلنا بالمدينة، واعتنينا بها وبوجباتها المخصصة من أجل الرياضة، وشجعناها كفرد من العائلة، ووافق والدها وأكد على تفهمه بأنني سأرعى ابنته بالشكل المناسب ورحب بانتقال إيمان لمنزلنا، حتى لا يصطدم بكلام الناس عنها وبعاداتنا".
رحلت إيمان لمنزل عمتها وهي لا تملك ديناراً واحداً، وكانت تعاني، لكنها لم تكترث بما حولها، بعدما وجدت الدعم من سكان منطقتها الجديدة التي لم تكن تعرفها جيدا، وكان زوج عمتها وأبناؤه يصحبونها لمقر تدريباتها، حتى أنها باعت النحاس حتى توفر نفقاتها.
ثلاث سنوات من التدريب تحلت فيها خليف بالإيمان، حتى برزت موهبتها وبزغت في الجزائر، وانضمت للمنتخب الوطني، وشاركت وهي في التاسعة عشرة من العمر في بطولة العالم 2018.
يقول رشيد: "مع الوقت وفي 2019 انقلبت الأمور، بدأت تحقق الانتصارات وتحصد الجوائز، اشترت لنفسها ما يلزمها، وأصبحت هي من تشتري لنا وتهتم لأمرنا، وباتت تزور المستشفيات والمرضى وكبار السن وتقوم بأعمال خيرية، وأخذت تدعم أهل بلدتها".
وبعدما كانت إيمان تخشى من الأقاويل للعبها في الشوارع مع الصبية بقريتها القديمة، استخرجت رخصة قيادة في المدينة، وباتت تقود السيارات والدراجات النارية وتحب امتطاء الخيل.
يقول زوج عمتها: "إيمان توقعت التنمر الذي تعرضت له، وخضنا معاً هذه التجربة في 2023، واعتدنا عليها، ثم ساندتها الدولة الجزائرية ودافعت عنها، وهي تحاول التغلب على التنمر بالضحك، أغلب من حولها يساندها وهي لا تؤمن بالهزيمة".
ويضيف: "إيمان خلقت أنثى وعاشت كأنثى، وكان أولادي يرافقونها في مشوار التدريبات ذهاباً وإياباً خوفاً عليها".
عانت إيمان خليف من الكثير من التقلبات النفسية في حياتها، لكن الصدمات لم تؤثر عليها، فكان الاستبعاد من بطولة العالم بعد الوصول للنهائي الثاني على التوالي بمثابة الضربة القاصمة لأي رياضيٍ آخر، لا يتحلى بالإيمان، إلا أن الملاكمة الجزائرية بعد الاستبعاد خرجت قائلة إنها فخورة بنفسها لرفع علم الجزائر، وإن ما حدث مؤامرة، وعادت لمواصلة الاستعداد لقادم المنافسات.
خليف التي أصبحت سفيرة وطنية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، أكدت في حوار بمكتب المنظمة في العاصمة الجزائر، على أهمية الرياضة في بلد كالجزائر، الفرص الرياضية للفتيات فيه شحيحة، خاصة في القرى الصغيرة التي تواجه كذلك تحديات كالسمنة وزيادة الوزن ومشكلات بالصحة العامة.
قصة إيمان خليف وتقلباتها، من رفض والدها ممارسة الرياضة خوفاً من المجتمع، لانتقالها لبيت عمتها، لصعودها في عالم الملاكمة، لنهائي بطولة العالم، ثم الاستبعاد والتعرض للتنمر، ثم العودة من جديد، تكللت في النهاية بميدالية تاريخية.
ضمان إيمان الفوز بميدالية في الملاكمة، أمر طال انتظاره في الجزائر لقرابة ربع قرن، وهو الثمرة التي تحصدها ابنة تيارت بعد مشوار طويل، وقصة ستتركها للمشككين في قدراتهم، ومن لا يتحلون بالإيمان.