آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-02:42ص

أدب وثقافة


الغرق ( الموجة الثالثة) قصة

الأربعاء - 24 يوليه 2024 - 02:15 م بتوقيت عدن

الغرق ( الموجة الثالثة) قصة

بقلم / عصام مريسي



تستقر السفينة فوق الماء و ربان السفينة بصوته الجهوري يضج محيط السفينة مطمئنا الركاب على سلامة السفينة:
نكاد نغادر المحيط باتجاه سواحل البلاد
صراخ إمرأة يملأ سطح السفينة صداه :
إه.. ٱه .. اكاد الد
يقبل الكثير من المسافرين نحوها بعضهم يحاول المساعدة وتقديم العون والبعض الأخر يريد استطلاع الموقف ومعرفة الخبر اليقين عن مصدر الصراخ؛ تتقدم المرأة العجوز نحو موضع الصراخ وهي تدفع الجموع وتطلب منهم المغادرة :
اتركوا المكان الأمر يخص النساء فقط انصرفوا
رافعه صوتها:
هيا انصرفوا
وتبدأ تباشر مهام القبالة وتطلب من النسوة الحاضرات:
قليل من الماء النقي والفوط الصحية
ماتزال المرأة تصرخ وتطلق زفرات الوضع والولادة
ينقطع أنين الأم وصراخها ليعلن المولود الجديد عن قدومه ببكاء متقطع وتعلن العجوز عن قدومه:
أول مولود على السفينة قبل وصولنا البلاد
تهنئ الأم:
مبارك سلامتك وقدوم المولود
تتلقى الأم التبريكات من بعض المسافرات وهي تحتضن مولودها وتقبله؛ من الجانب الأخر من سطح السفينة يدوي بكاء طفل وهو يصرخ:
قطتي .. لقد وقعت قطتي في البحر
يتجه جموع من الحاضرين فوق سطح السفينة نحوه وهم ينظرون نحو القطة وهي تغرق في مياه المحيط ويحاولون الإمساك بالصبي الذي يحاول متابعة قطته والسعي نحو الولوج في المياه:
حاول أن تهدأ .. أن تبعت القطة سوف تغرق.
مازال الصبي ابن السابعة يبكي ويصرخ :
قطتي .. إنها ثمينة وهي هديتي لاختي الكبرى
صوت من الحاضرين:
لكن القطة قد غرقت وإن حاولت متابعتها سوف تغرق أنت
تتقدم العجوز محاولة تهدئة الصبي وهي تعده:
عند وصولنا أراضي البلاد عليك زيارتي ولك أن تختار من الحيوانات التي اربيها ما تشاء هدية لأختك
يتقدم الطفل نحو الجدة سائلا لها:
هل لديك في مزرعتك قطط
تجيبه الجدة بصوت حنون:
كل الحيوانات الاليفة تتربى في مزرعتي
ترتسم الفرحة على ملامح الصبي وهو شاكر الجدة:
شكرا لك ايتها الجدة.
يتقدم منها ليقبلها وهي تضمه نحوها وتبادله القبل
مذياع السفينة يضج بصوت الربان وهو يعلن عن حفل ينظمه طاقم السفينة وبعض المسافرين بمناسبة اقترابهم من المياه الإقليمية:
بمناسبة اقتراب دخولنا المياه الاقليمية سيقام مساء حفل وعلى الجميع التزين باللباس الشعبي لمنطقته.
يهرع الجميع نحو كبائنهم في الدور السفلي من السفينة للاستعداد بالملابس والازياء الشعبية لمدنهم والقرى فمنهم من جهز الإزار والقميص والحبوة،( شريط من القماش يوضع عند الجلوس القرفصاء) ومنهم من تجهز بالثوب والجنبية ( خنجر مع غمده مطرز بالاحجار الكريمة) وتجهز النسوة بالكراتة ومنهن بالدرع والجميع اصبحوا جاهزين للاشتراك بالحفل.
واصبحت السفينة محاذية لمياه البلاد وأضيأت السفينة بالأنوار والإضاءة الملونة وصفت الموائد بالوجبات الشعبية لكل منطقة أطباق الزربيان وأقراص الملوج و السلتة والصيادية ومعطف الخبز والتميس والعصيد وعلى غير موعد اشتعلت السماء بالوان نارية وأصوات الصواريخ وارتجت المياه فتأرجحت السفينة يمنة ويسرة وتناثرت الموائد العامرة على أرضية سطح السفينة وهرع المسافرون يبحثون عن ملاذ من القذائف المنطلقة نحو السفن العابرة للمحيط باتجاه المياه الاقليمية وهم يصرخون:
النجدة.. ايها الربان كيف المخرج
يوجه الربان طاقم السفينة بالعودة نحو مياه المحيط فرار من وقع القذائف المنطلقة من المجهول نحو السفينة وأصوات المستنجدين مازالت تدوي في أرجاء السفينة والربان يحاول تطمين المسافرين بسلامة السفينة والابتعاد عن مصدر النار.
عصام مريسي