آخر تحديث :الجمعة-04 أكتوبر 2024-02:01ص
أخبار وتقارير

الأكاديمي محمد مسعد إزاء تهديدات التصفية.. قلمٌ يحاصره الرصاص

الخميس - 04 يوليه 2024 - 09:34 م بتوقيت عدن

الأكاديمي محمد مسعد إزاء تهديدات التصفية.. قلمٌ يحاصره الرصاص

الضالع ((عدن الغد)) خاص:


فؤاد مسعد
منذ نحو 5 سنوات يواجه الأكاديمي والأديب اليمني الدكتور/ محمد مسعد تهديدات مستمرة بالتصفية، وقد تعرّض لأكثر من محاولة اغتيال، وقد تعرضت كلية التربية بمدينة الضالع للاقتحام من قبل مسلحين ملثمين يهددون بقتله.
وإزاء ذلك يعيش الدكتور وأسرته في حالة من القلق والمخاوف، وأصبح لا يستطيع الحضور إلى الكلية التي يعمل فيها منذ تأسيسها قبل أكثر من 20 سنة، بسبب التهديدات الواضحة والعلنية من قبل مسلحين في الغالب يقومون بتغطية وجوههم لكن أعمالهم وتهديداتهم لا يمكن تغطيتها أو التستر عليها.
وهنا لابد من التساؤل: حتى متى سيظل هذا الأكاديمي الكاتب والناقد، محروماً من ممارسة حياته الطبيعية، والحضور إلى كليته التي يحبها وتحبه، وتدريس طلابه الذين يرون فيه معلماً استثنائياً قادرا على نسج العلاقات المتينة بين الطالب وأستاذه، وبين الطالب وتخصصه الأكاديمي.
إن المعركة التي يخوضها الدكتور محمد مسعد- مع المسلحين معركة غير متكافئة، طرفاها القلم والرصاص، الأدب والبلطجة، الثقافة والسلاح، معركة تقف فيها الكلمة في مواجهة البندقية والقنبلة والعبوات الناسفة، ولقد اعترف أحد المشتبه بهم في عملية اغتيال الدكتور/ خالد عبده الحميدي- عميد كلية التربية، أنه مكلف بقتل الدكتور محمد مسعد، دون ذكر الجهة التي كلفته بهذه المهمة، ما يعني أن الأمر غاية في الخطورة، خاصة وأن هناك كثير ممن طالتهم الاغتيالات في مدينة الضالع خلال الفترة الماضية.
وفيما يسرح الجناة والمسلحون على هواهم ووفق رغبتهم، فإن الشاعر والروائي محمد مسعد لا يستطيع الخروج إلا متخفياً، ولا يزال محروماً من ممارسة مهنة التدريس التي يعشقها وقضى فيها أجمل سنوات عمره، وما يثير الأسى والأسف أن الكاتب والناقد الذي صدر له عدد من الكتب والدراسات النقدية يبقى تحت طائلة التهديد والملاحقة والاستهداف، دون أن يشفع له كونه مدرساً تخرج المئات من الطلاب على يديه، وصار بعضهم من حملة الشهادات العليا.
لقد كتب الدكتور مسعد ونشر 15 رواية، و٦ دواوين شعرية، فضلاً عن رسالة الماجستير التي تناولت (الصورة في شعر المقالح)، وأطروحة الدكتوراه (التناص في شعر البردوني)، ونشر ١١ كتابا نقديا أهمها سحر شعرية النص ومناهج قراءته الذي نشر مؤخرا من عمان/ الأردن وهو من ضمن الكتب النقدية التي تدرس لطلاب الدراسات العليا في جامعة الأمام محمد بن سعود في الرياض فهو روائي وشاعر وناقد، إلى جانب كونه أستاذاً في النقد العربي، ومع ذلك فإنه لم يحصر نفسه في العمل الأكاديمي والكتابة الأدبية، بل تجده مشاركاً في أوساط مجتمعه، يعيش معه الهموم والآلام، وحينما تعرضت الضالع للغزو والاجتياح الحوثي في العام 2015- كما تعرضت كثير من المحافظات اليمنية، لبى نداء الواجب وحمل سلاحه وكان على رأس إحدى الجبهات مقاتلاً يتصدى لمليشيات الانقلاب الحوثية، حتى انقشعت سحابتها وتحطمت أحلامها وانكسرت على صخرة صمود الضالع وأبطالها.
وما كان أحد يتصور أنه بعد الانتصار على المشروع الحوثي المعادي للفكر والثقافة والسلام، سيظهر من يعلن الحرب على المفكرين والكتاب والأدباء والمبدعين بهذا الشكل الذي يثير الخوف والقلق، وبما يدعو جهات الاختصاص والعقلاء وقادة الرأي للمراجعة والتقييم ومواجهة هذه الظاهرة التي سفكت في طريقها الكثير من الدماء البريئة وأزهقت أرواحا طاهرة.. ليس من العدل أن يترك هذا الآكاديمي قاعة الدرس ويشتغل مزارعا في الحقل مكتفيا بالإشراف على الأطاريح العلمية ومناقشتها ولا يحضر المناقشات إلا متخفيا
والخلاصة: سيظل الدكتور محمد مسعد يواجه الخوف والخطر، وقد وجد نفسه في مواجهة مكشوفة، يسعى الرصاص من خلالها لإسكات القلم، ولابد أن ينتصر القلم مهما بدا أن الرصاص قادرٌ على كتابة المشهد بالرعب والدم.