آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:30ص

أدب وثقافة


الجذب (قصة قصيرة )

الأربعاء - 20 مارس 2024 - 06:44 م بتوقيت عدن

الجذب  (قصة قصيرة )

كلمات / عصام مريسي



تكشف الصبح و انطوت اخر خيوط الفجر وبدت الشمس سافرة عن حجابها تغازل الزرع والكائنات وترسل أشعتها تدغدغ النائمين وتقطع حبال أحلامهم وتدعوهم للمشاركة في احداث اليوم الوليد.
خرج أهالي القرية نحو بساتينهم وحقولهم لمن كان يعمل في الزراعة ومنهم من يسوق ماشيته من الاغنام أو الابقار نحو المراعي المحيطة بالقرية الحالمة على شاطىء البحر الذي يعبق القرية بالنسمات القادمة من المحيط وهي تخالط رائحة الزرع فالخير في القرية وفير فقد جمعت بين خصوبة التربة ووفرة العيون التي تفيض على الارض خضرة ونظارة وانتشار الزراعة والمراعي الخصبة والبحر الذي يمدها بالكثير من العطاء ويمنح كثير من رجالها فرص الرزق الوفير
وقف الفلاحون في حالة من الذهول لقد جفت العيون وانقطعت المياه عن الجريان وتعالت الاصوات تتساءل عن سبب انقطاع جريان الغيول( الجدول الصغير) :
لماذا توقف جريان الغيل
وأخر يحاول تعليل سبب الانقطاع:
ربما وقعت صخرة وانجرفت إلى مجرى الجدول
ومن جهة شاطىء البحر يتردد صوت مرتعش غير مفهوم:
البحر - - ابتلع
يقف شاب يافع معرف عن صاحب الصوت:
إنه شيخ الصيادين وعاقلهم(كبيرهم)
ومن بين الزحام يتردد صوت حائر:
ما الذي حصل للصيادين ايضا؟
يقترب صوت الشيخ المسن اكثر من زحام الفلاحين ويتضح ما يقول:
ابتلع البحر قوارب الصيادين ؛فلم يعد الصيادون حتى الآن
يندفع جزء من الجمع نحو شاطىء البحر يستطلعون الامر بينما يقف البعض الاخر يبحثون عن أسباب انقطاع ماء الجدول يعاود الشاب التعليل:
علينا تتبع مسار الجدول لمعرفة ماهي معوقات جريان الغيل
شيخ القرية التي تضم الفلاحين والصيادين ينهض من مكانه متحدثا:
قبل أي شيء علينا تفقد الضيوف الذين نزلوا القرية في مضيفتها وتقديم واجب الضيافة بتقديم وجبة القراع ( الفطور) ثم تحري اسباب المشاكل التي حلت بالقرية
حضرن مجموعة من نساء القرية يحملن اطباق من الطعام الذي أعددنه للضيوف.
صوت حارس دار الضيافة يملأ صداه القرية:
لقد غادر الضيوف الدار؛ وجدت باب المضيفة مفتوح ولا يوجد أحد في الدار.
سيدة القرية (الجدة)،،؛
لماذا غادر الضيوف ولم يدعونا نقوم بواجب الضيافة
ينطلق صوت من بين الحضور؛
لم نتعرف على الضيوف من أين هم ؟ ولماذا قدموا؟, ولماذا رحلوا خلسة؟,
صوت الشاب اليافع يتردد؛
لقد رحل الضيوف :دعونا نبحث عن الصيادين الذين لم يعودوا إلى الان وسبب انقطاع الجدول .
سيد القرية وكبيرها يوزع المهام بين شباب القرية ويقسمهم إلى فريقين فريق يبحث عن اسباب انقطاع الماء وفريق يتجه نحو البحر يبحث عن الصيادين واسباب تأخرهم و غيابهم
يتجه الفريق الاول نحو البحر بقيادة الشاب اليافع لارتياد البحر والبحث عن الصيادين المفقودين.
تتحرك القوارب المنقذة وتخوض عباب البحر بقيادة الشاب وتتحرك جموع الفلاحين بقيادة كبير الفلاحين نحو عين الجدول وعند وصولهم إلى عين الماء تلوح صخرة كبيرة في مجرى الماء يقف حولها الضيوف الذين غادروا القرية خلسة وقبل أن يصل جموع الفلاحين عين الماء يقف أحد الضيوف ويبدو أنه زعيمهم ويقدم التحية لشيخ الفلاحين:
اهلا بك ايها الشيخ لقد منحناك منصب رئيس القرية وجهزنا لك هذه الاموال لتصرفها لك ولمن سيقوم بمساعدتك في توزيع المياه على قريتكم والقرى المجاورة على أن يكون نصيب قريتكم يومان في وصول الماء اليها.
بسرعة تسأل الجدة. بصوتها المرتعش:
كيف لكم أن تتحكموا بأمور قريتنا من أذن لكم بذلك
يحاول زعيم الضيوف استمالة الجدة؛
لا تقلقي أيها الجدة لقد منحناك راتب من النقود الذهبية
ثم أخذ الزعيم يشير بحفنة النقود في كفه ويلوح بها نحو الجدة؛ سرعان ما ترفع الجدة صوتها بالصراخ:
خذوا أموالكم وذهبكم وارحلوا
يتقدم شيخ الفلاحين لاخذ الذهب الذي وعده به زعيم الضيوف؛ لكن الجدة تطلب من الجموع الثائرة التقدم لدفع الصخرة واخراجها من مجرى الوادي؛
هيا أدفعوا الصخرة بعيدا عن المجرى ؛ فالماء لنا ونحن أصحاب الحق في تحديد استخدامه ؛, هيا ارفعوا الصخرة
قبل ان يعم الجذب ويعطش الزرع و يذبل؛؛ الماء لنا يمر في قريتنا ولا أحد يملك الحق في تحديد كيف نتصرف بما هو لنا
تندفع الجموع التي اثارها حديث الجدة وتسقط السلال المملوءة بالذهب ومن حنا ظهره ليلتقط ما وقع من تلك السلال داسته أقدام الجموع وهي تزحف في طريقها لرفع الصخرة من مجرى الماء
الاولى