كتب /سعيد عولقي
(سالمين) من له اذنان للسمع، فليسمع.. حيث تكون الجثة، تتجمع النسور"لوقا" كان يوماً بهيجاً من ايام1978م لم نعلم حينها انه سيكون له ما بعده.. الرئيس سالم ربيع علي-- سالمين -- في اتصال تليفوني مع رئيس اتحاد الفنانين قال : كلهم.. كلهم ياعيديد معزومين.. قال له : ولكنهم كثيرون اخي الرئيس.. اكد له : لا بأس.. قلت لك كلهم.. تلك كانت دعوة كريمة علئ حفل غداء ومقيل في دار الرئاسة.. اكبر حفل رأيناه في ايامنا تلك على الاطلاق.. لم يكن سالمين يعلم حينها انه حفل وداع.. ولا نحن نعلم الغيب.. وذهبنا.. كل اصناف المأكولات التي لم نكن نراها من قبل، كانت حاضرة.. وكذلك اجود انواع القات. في المقيل، وفي ختام الكلام سال الرئيس جموع الحاضرين اللذين كانوا يمثلون الادب والفن والاعلام عن طلباتهم ان كانت لهم طلبات.. ماذا يريدون.. اذكر ان الفنان محمد عبده الزيدي كان يريد منحة للعلاج في الخارج.. وفيصل عبدالله يريد دعماً مالياً لمسرحية كان يعمل على اخراجها.. وغيره كثيرون قدموا طلباتهم.. وكان سالمين يرفع يده مشيراً الى كبير المحاسبين في الرئاسة لتنفيذ الطلب.. تلك كانت وكأنها ليلة القدر لتحقيق الاماني.. على مائدة الغداء قال لي الاستاذ عبدالواسع قاسم : لا تشغل نفسك كثيراً بالرز والخبز.. صحيح بسمتي اصلي، ولكن لا يهم.. فقط ركز علئ اللحم.. بالذات من هذا الجدي الرضيع المشوي. !! نرجع الى ليلة القدر.. في آخر اجتماع لفرقتنا المسرحية"المسرح الحديث"كنا نطمح الئ بناء مسرح الجيب داخل مقر فرقتنا الكبير الجميل بكريتر المجاور لمباني البلديات.. كنا قد اخترنا الاخ نجيب عبدالرحمن الدبعي رئيساً للفرقة.. وفوضناه للطلب من سالمين في ليلة القدر تلك.. وفعلاً اجاب علئ سؤال سالمين.. قال له : كم تطلبون لبناء مسرح الجيب ذاك؟ قال له نجيب : خمسة الاف شلن !! قال سالمين متسائلاً : خمسة او خمسين؟؟ فأكد نجيب وهو يبتسم : لا فقط خمسة.. وتمت اشارة سالمين للمحاسب.. وبنينا المسرح في مقر الفرقة.. وكانت تنقصنا الكراسي، فمنحنا تفويضاً للنقل البري ليعطينا الكراسي.. كانت كراسي جميلة ومتينة مأخوذة من باصات النقل البري المجرية التي استوردها باصرة.. والغيت بخروجها لعدم صلاحيتها للخدمة.. والقيت في صحراء العند.. وجهزنا مسرحنا بكراسي باصات الايكوروس المجرية المكنسلة.. وافتتحنا لاول مرة مسرح جيب مكيف ومريح في الطابق العلوي لمقرنا، وفيه كذلك جهاز لعرض افلام السينما تابع لنادي السينما الذي استحدثنا. كان بن ربيع يرتدي فوطة حريرية راقية.. ومعه كنا علئ وشك توديع الفقر والعوز، وبناء دولة الكفاية والعدل.. في آخر خطاب متلفز له اختتمه بقوله علئ غير العادة :والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. !! كان الناس يقولون، ونحن معهم نظن بانه: لو تزحزح هذا الجبل -- شمسان -- فسالمين لن يتزحزح.. في اخر انفاس معركته مع الرفاق قبل بالتنازل، وتسليم نفسه في وجه رفيقه علي عنتر علئ ان يترك البلاد الى منفى، في اثيوبيا.. وتعهدوا له بذلك.. وخلفوا العهد.. وقتلوه بطريقة لا تليق بالرجال