"الطفلة لينا" قصة ألم ونجاح في زمن "الكورونا"
"أريد أن أكن دكتورة ، لكن بابا لايملك الكثير من المال حتى أتمكن من مواصلة دراستي" بهذه الكلمات تلخص الطفلة لينا محمود في العقد الأول من العمر معاناة أسرتها مع الفقر الذي يهدد ثلاثة أرباع السكان اليمنيين بالموت جوعاً وفقاً للأمم المتحدة.
"لينا التي تطمح أن تكون في المستقبل طبيبة، لم تكن تعلم أن شبح الفقر الذي يسيطر على أسرتها يقف حائلاً دون تحقيق ماتحلم به اليوم ومثلها يجد ما يقارب 2 مليون طفل يمني أنفسهم خارج أسوار المدارس".
مع تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمر بها البلد نتيجة الصراع وتفشي جائحة كورونا ازدادت معاناة المجتمع اليمني إذ عزف الجميع عن العمل نتيجة الحجر الصحي الذي فرضته الجهات المختصة حيث كان لوالد لينا نصيباً من هذا الإجراء القسري .
"يفترض أن تلتحق ابنتي بالمدرسة ولكن لظروف المعيشية الصعبة التي المت بنا جراء الصراع في البلد و جائحة كورونا حيث اغلق المتجر الذي كنت أعمل فيه واضطررت للعمل في مزرعة واتقاضى منها مبلغ زهيد لا يلبي احتياجات أسرتي من مأكل وملبس وغيرها" بحزن شديد يقول محمود والد الطفلة "لينا".
يضيف: " عندها أخبرت زوجتي بأني لا أستطيع توفير مستلزمات المدرسة ولرغبة أبنائي في التعليم اضطر أبني للعمل ببيع بعض الحلويات ليوفر مستلزمات المدرسة، بينما لم تستطيع لينا أن تحدوا مثل اخيها وتلتحق بالمدرسة".
لم يكن الفقر هو العائق لحلم لينا بل كان معتقد في مجتمعها أيضاً يكبل أحلامها " تشير زهراء علي والدة لينا بالقول: عندما اناقش زوجي بخصوص تعليم ابنته يقول لي لاحاجة لها للتعليم فهي لن تطال منه عنقود نفع فمصيرها للمنزل وانه يخلي مسؤوليته الكاملة من تعليمها ولا أعلم ما إن كان يرقع عجزه وفقره بحجج كهذه".
وأردفت "طفلتي لينا كل يوم كانت تبكي عندما ترى صديقاتها يذهبن للمدرسة ومرت ثلاثة أعوام وهي على هذا الحال ويفترض أن تكون في الصف الثالث لولا ظروفنا الصعبة".
بينما ظلت لينا ترتقب بصيص أمل لتحقق حلمها للوصول لمقاعد الدراسة كان للحياة أن تهديها ذلك فقد قامت صديقة والدتها بإعطاءها ملابس ابنتها التي لا تحتاج إليها فيما اشترى لها عمها بعض القرطاسية .
فيما لخصت الناشطة سماح القيسي اسباب العزوف عن تعليم الفتيات في الوقت الحاضر بسبب الوضع المادي للأسرة لأن اغلب الأسر لا يوجد لديها مصدر دخل ثابت كما ظهرت بالفترة الأخيرة في الساحة من جديد المعتقدات والتقاليد القديمة بعدم دراسة الفتيات بالاكتفاء بتعليمهم لحد معين وايضا تزويج الفتيات بسن مبكرة .
تظل الخدمة المقدمة من الجانب الحكومي ضعيفة ولاتلبي الطلب واصبحنا نعتمد على ماتقدمه المنظمات من خدمات لمجال التعليم عامة وتعليم الفتاة جزء مستفيد من تلك الخدمات والتي يندرج تحت مهامها العديد من الأدوار كالتوعية بين اوساط اولياء الأمور بأهمية التعليم والدفع ببناتهم للتعليم ومساعدة الفتيات الفقيرات وذوي الدخل المحدود بتوفير المستلزمات التعليميه بقدر المستطاع هذا ما قالته أ/ وفاء محضار مدير مكتب تعليم الفتاة بمحافظة لحج.
وتؤكد الاستاذة مريم زكي عباد ارشاد تربوي بأنه يجب تأهيل الأم أو الأب لحرفة مع تعليم تسويق منتجات الحرفة وذلك لتحسين دخل الأسرة لتتجاوز الفقر حد تعبيرها ذلك.
وعن برنامج تعليم الفتاة الريفية الذي ساعد الكثير من الأسر الفقيرة وشجعها للدفع ببناتها للتعليم يقول الاستاذ فهمي بجاش مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة لحج بأنه سوف يتم متابعة هذا البرنامج لتسفيد منه الاسر الفقيرة بالمحافظة .
وبحسب ممثلة اليونيسف في اليمن السيدة سارا بيسلو نيانتي : "لقد تسبب النزاع وتأخر عجلة التنمية والفقر في حرمان ملايين الأطفال في اليمن من حقهم في التعليم – وحرمانهم من أملهم في مستقبل أفضل"، مضيفة "بعد مرور ثلاثين عاماً على المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل، فمن غير المقبول أن يكون التعليم وغيره من حقوق الطفل الأساسية بعيدة المنال عن الأطفال في اليمن، وكل ذلك بسبب عوامل من صنع الإنسان".
وقالت السيدة نيانتي: "يواجه الأطفال غير الملتحقين بالمدارس مخاطر متزايدة من التعرض لكافة أشكال الاستغلال بما في ذلك الزواج المبكر كما يفقدون فرصة النمو والتطور في بيئة تحيطهم بالرعاية والتشجيع، ويصبحون عالقين في نهاية الأمر في حياة يملؤها العوزُ والمشقة".
وتشير إحصائيات منظمة الطفولة الأممية" يونيسيف" إلى
تسرب حوالي نصف مليون طفل من المدارس منذ بدء الصراع في مارس 2015، إذ أن هناك 47 في المائة من التلاميذ أسرهم لم تعد قادرة على تحمل نفقات تعليمهم وكان سوء الأحوال، وراء خروج نصف التلاميذ، ضمن فئة المتسربين، من المدرسة .
بملابس قديمة رثة ذات أكمام كبيرة وبظفيرتين تتدلى إلى اسفل ظهرها وبحقيبة مرقعة تسابق الطفلة لينا محمود الحياة بغية الوصول لتحقيق حلمها، لتلتحق مؤخرًا بالدراسة وهي الان في الصف الأول .
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".