الأربعاء - 15 يوليه 2020 - 10:40 ص بتوقيت عدن
(عدن الغد)خاص:
- ما السر وراء هجومه على الرئيس هادي؟- لماذا اختار هذا التوقيت.. وهل للأمر علاقة بمشاورات الرياض؟- هل يريد تقديم نفسه كخليفة لهادي؟- كيف تنقل بين مربعات الوحدة.. الانفصال.. الشرعية.. ثم الانتقالي؟مقالته.. هل هي عن قناعة أم دفع من مناهضين للشرعية؟بحاح..القسم السياسي بـ(عدن الغد):تمتلئُ الساحة اليمنية بالعديد من الشخصيات السياسية ممن يمتلكون تاريخاًسياسياً عريقاً، وخبرةً في مجال إدارة الدولة، بعد أن تقلدوا الكثير منالمناصب على رأس هرم السلطة.وتتباين قدرات كل شخصية من تلك الشخصيات في الحفاظ على مكانتها ومنزلتهاالسياسية، بحسب ذكائها السياسي والإعلامي في التعامل مع الأحداث الكبرىالتي عصف وما زالت تعصف باليمن.وهذا التباين في التعامل مع الأحداث هو من يصنع مقدار ومكانة هذه الشخصيةأو تلك، أو ينسفها نهائياً، وفق قدراتها على اختيار التوقيت والحديثالمناسبين عند إبداء الرأي تجاه ما يدور في البلاد.ولدينا في المشهد السياسي اليمني نماذج كثيرة، تكون بعيدة عن مسرحالأحداث، غير أنها ما تلبث أن تنتهز الفرصة المناسبة للعودة بما تقتضيهالقضايا الجسمية التي تمر بها اليمن.وأحد تلك الشخصيات والنماذج مستشار رئيس الجمهورية خالد بحاح، ونائبالرئيس السابق، واحد رؤساء الحكومات السابقين في يمن ما قبل 2015.ولعل تصريحاته الأخيرة تعليقاً على مفاوضات الرياض الجارية حالياً بينالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، كانت أكثر تصريحات خالد بحاحإثارةً للجدل.مكمن الجدل أن هذا التصريح هو الأقوى في مسيرة تصريحات بحاح ضد الحكومةالشرعية، بعد خروجه منها، حيث كان واحداً من أبرز أعمدتها ورجالاتها قبيلوبعد حرب 2015.كما أن ما منح التصريح الأخير الذي خرج به بحاح قوةً وجدلاً تناوله رئيسالجمهورية عبدربه منصور هادي، والإشارة إلى أن هذا الأخير ينوي التشبثبكرسي الرئاسة، وأنه يمثل مشكلة أمام استقرار اليمن.وهو ما أثار موجةً من ردود الأفعال المتباينة تجاه هذه التصريحات التيصُنفت ضمن العديد من التصريحات المثيرة للسياسي اليمني خالد بحاح.ليست الأولىلم يكن المقال الأخير لبحاح والذي يهاجم من خلاله الرئيس هادي والشرعيةبرمتها، هو الأول في سلسلة تلك الهجمات، حيث سبق للرجل نشر تغريداتومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ خروجه من قوام الشرعية.وجاءت التصريحات السابقة حاملة في جعبتها كثيراً من الملفات والحساباتالتي لم تتم تصفيتها بعد مع قيادة الشرعية.وبدأ الرجل في شن هجوم كبير على الشرعية اليمنية، متوعداً بكشف كثير منالملفات والوثائق التي توضح حجم الفساد والنهب الكبير للمال العام الذيتم بإشرافها ورعايتها- بحسب ما يزعم- خلال الفترة الماضية.وتضمنت بعض تلك التغريدات التي كتبها بحاح اتهامات خطيرة للشرعية بنهبمبلغ 700 مليون دولار من عائدات نفط المسيلة بحضرموت خلال عام واحد،مضافاً لها مبلغ 400 مليار ريال يمني، مشيراً إلى أن الوثائق التي تثبتصحة الاتهامات بحوزته.كما أنه اتهم في تغريدات أخرى الشرعية بسرقة مليارات الريالات شهرياً عبرتزوير كشوفات المجندين في قوام الجيش اليمني، وإضافة آلاف الأسماءالوهمية إلى الكشف، مدعياً أن قوام جيش "الشرعية" يبلغ 425 ألف عسكري،وهو عدد ضخم، يناهز عدد جيش كامل.ولم يُخفِ الرجل امتعاضه من قرارات الرئيس هادي التي قضت بإقالة عدد منالمسئولين في عدد من المحافظات جنوب اليمن، واصفاً تلك القرارات حينهابـ"النزقة"، في تطور لافت لحدة الخطاب الذي بدأ بحاح ينتهجه ضد الشرعية،بعد أن كان سابقاً يغلف مواقفه بقوالب دبلوماسية وغير صريحة.الظهور اللافت والقوي في الساحة الإعلامية لبحاح دفع كثيرين للتساؤل عنسر هذا الظهور، وسبب اختيار بحاح هذه الفترة بالذات لشن هجوم كبير علىالشرعية والنيل منها.ولعل أكثر الآراء انتشاراً في فضاءات النقاش بين ناشطي مواقع التواصلالاجتماعي حول الأسباب الحقيقة التي دفعت بحاح للتحرك في هذا الوقتبالذات، هو أن هجومه جاء رداً على التحركات السياسية في مفاوضات الرياض،والتوقعات بالتوصل لحلول شاملة جنوباً ثم الانتقال نحو تصفية الأزمةاليمنية شمالاً.ويرى أصحاب هذا الرأي أن بحاح كان ينتظر سقوطاً مدوياً للشرعية في مدنالجنوب، لكن ما جرى في الآونة الأخيرة من مكاسب لها، تلوح في الأفق بناءًعلى أنباء عن تنفيذ اتفاق الرياض، دفعت رئيس الوزراء المقال إلى الخروجعن صمته والتصريح بما يحمله من أهداف سياسية خارج إطار المنظومة الشرعية.بحاح يهاجم هاديفي مقاله الأخير، يرى بحاح أن الرئيس هادي يبذل قصارى جهده لعدم التوصلإلى نهاية للصراع في اليمن، كما أنه يحرص على عدم تطبيق اتفاق الرياضالموقع في نوفمبر من العام الماضي بهدف رأب الصدع بينه وبين خصومه فيالمجلس الانتقالي الجنوبي جنوب اليمن.وأشار في مقالٍ له إلى أن هادي يتشبث بكرسي الرئاسة، بحنكةٍ سياسيةطفولية (بحسب وصفه)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل مضى بحاح في تحميلهادي مسئولية تفكيك اليمن وإغراقه في حروب ومواجهات عسكرية، وتحويله إلىساحة صراعات إقليمية ودولية.وقدم بحاح توصيفاً لاذعاً للرئيس هادي وقال إن هذا الأخير لم يمتلك صفاتالقائد الناجح، حتى أن الراحل علي عبدالله صالح عينه نائباً له بعد حربصيف عام 1994 كونه لا يشكل تهديداً على حكمه؛ نظراً لضعف كفاءته الإداريةوافتقاره إلى الحزم والكاريزما والبصيرة.كما شكك بحاح بشرعية هادي، وأشار إلى سلسلة من الأحداث منذ 2011، وحتى2015 والتي أدت إلى تمديد ولاية الرئيس إلى اليوم، معتبراً أن هادي يخططللبقاء على كرسي الرئاسة إلى أجل غير مسمى.ويرى مراقبون أن ما سرده بحاح في مقاله ينطوي على رغبة كبيرة في المطالبةبإزاحة هادي عن المشهد السياسي في اليمن، حيث ركز على مثالب الرئيس خلالفترة حكمه.رسالة بحاحالمحللون لم يتركوا مقال بحاح وشأنه، واعتبروا كلماته وتصريحاته بأنهاهجوم غير مبرر على الرئيس هادي.وأشار غير واحدٍ منهم إلى أن ثمة رسالة في المقال أراد بحاح أن يوصلهاإلى اللاعبين الفاعلين في الشأن اليمني، وتتمحور تلك الرسالة في أن رحيلهادي أساس لبناء السلام!.واعتبر مراقبون أن بحاح لم يُفق بعد من صدمة إقالته في 2016 من منصب نائبرئيس الجمهورية.لهذا فهو حريص في كل لقاء على سوق مبررات إقالته من نيابة الرئاسة،ويحاول أن يوحي أن الرئيس هادي أقاله حتى يُفشل مشاورات الكويت بينالحكومة والحوثيين، والتي توصلت إلى التوافق على شخص بحاح ليخلف هاديكرئيس لليمن، بحسب وصفه.وهو ما عبرت عنه مواقفه وتصريحاته التي دائماً ما كانت تهاجم الشرعية،وتتمثل ما بين مدح خصومها أو الوقوف إلى جانبهم على حساب الحكومةالشرعية.كتاب سياسيون شككوا في رواية بحاح تلك، حول أسباب إقالته، ونبهوا إلى أنبحاح لم يُشر إلى الأطراف المتوافقة على حل الأزمة اليمنية في مشاوراتالكويت بما أن رئيس الطرف الشرعي والحكومي في المشاورات لن يوافق عليها!.وأكد سياسيون أن ما كشفه بحاح يدينه، وهذا ليس سراً، فالجميع يعلم بسقوطمسئولين في مستنقع الاستقطابات والعمل ضد الرئيس، بل وقدموا أنفسهم بدلاءعنه ولم يكونوا يوماً عوناً له.محاولات استبعاد هاديمراقبون آخرون وضعوا مقال بحاح وتصريحاته في خانة الخطط والمحاولاتالمتكررة لعدد من الشخصيات المدفوعة بأطراف وجهات محلية وإقليمية؛لاستبعاد الرئيس هادي من المشهد، بل والانقلاب عليه.ولم يغفل هؤلاء المراقبون الإشارة إلى أن تلك المحاولات لم تقتصر علىشخصيات سياسية، بل جاءت أيضاً على شكل صور كيانات ومكونات سياسية وحزبيةذات أهداف وغايات ضيقة.فخطط ومحاولات استبعاد الرئيس والانقلاب عليه، بحسب المتابعين، ليستبجديدة بل تتجدد مع كل مرحلة سياسية، ورأى المتابعون أن محاولات بحاحلتولي الرئاسة منذ ما بعد 2015، لو كتب لها النجاح ما كانت اليمن ستشهدولادة كيانات ومكونات تحمل أجندات وأهدافا مناطقية وعنصرية، ولن تحتاجالدول والأطراف الإقليمية الداعمة إلى صناعة مشاريع موازية للدولة،تنافسها وتحد من نفوذها وهيبتها.ويرى قراء المشهد اليمني منذ نحو عقد من الزمان أن هناك العديد منالمشاريع والمخططات التي عملت على تفخيخ العمل السياسي في اليمن، وحاربتالدولة وحاصرتها واخترقتها وشتت وحدة الصف، وأدخلت اليمن في دوامة ولاتريد لها الخروج منها إلا بما يوافق مشاريعها ومصالحها المحدودة.ويبدو أن العديد من المقالات والكتابات لسياسيين جنوبيين ويمنيين والتيسخرت للرد على مقال بحاح حللت ما بين السطور، وكشف أن الرجل لم يكنليُقدم على كتابة ما كتبه إلا وهو مدفوع من صناع المشاريع المناهضةلمشروع الحكومة الشرعية.وبعض أولئك الكتاب تساءل مخاطباً بحاح: ألم يكن بمقدورك بعد أن سمح لكالحوثيون بمغادرة صنعاء أن تتخذ قرارك بعدم العمل مع رئيس ترى بأنه غيرشرعي وأساس المشكلة اليمنية؟.بحاح.. هل يقدم نفسه رئيساً بديلاً؟التاريخ السياسي لعدد كبير من الشخصيات اليمنية، تحاكمه مواقف ما بعدخروجهم من السلطة، فالحديث عن مشكلات وصعوبات أو حتى تجاوزات في ظل بقاءتلك الشخصيات في السلطة يكون حديثاً منطقياً ومقبولاً.لكن الحديث عن أية سلبيات بعد الخروج من هيكل السلطة يراه المراقبونوالجمهور حتى بأنه حنين إلى المنصب والكرسي أو نكاية بمن بقى واستمر فيالسلطة، ويفقد ذلك الحديث أية مصداقية من مصدر الحديث.هذا المنطق انسحب أيضاً على وضع وحال خالد بحاح، فبحسب محللين، فإن حديثهذلك في حق الرئيس هادي وشرعيته ينم عن رغبة لدى الرجل في تقديم نفسهبديلاً أو خليفةً لهادي.يأتي هذا التحليل في سياق حديث بحاح عن اتفاق الرياض، والمفاوضات الجاريةحالياً بين الشرعية والانتقالي، والتي تمهد- وفق تحليلات- إلى تسويةشاملة للأزمة اليمنية، يحاول بحاح تقديم نفسه كشخصية سياسية ضالعة فيتحليل مستجدات الأمور السياسية، ومعرفة دهاليزها؛ حتى يحظى بمنصب رفيع فيأية تسوية محتملة.وبعد تجاربه السابقة كوزير في حكومات يمنية سابقة، وتقلده منصب رئيسالوزراء بعد أحداث سقوط صنعاء بيد الحوثي في 2014، وتعيينه نائباً للرئيسعقب ذلك، ربما قد يكون الرجل يرى في نفسه أنه مؤهل لمنصب أكبر من كل تلكالمناصب، ألا وهو منصب رئيس الجمهورية.تجارب سياسية متعددةعلى الضفة المقابلة، يرى مناصرو الرجل أنه يمتلك من الخبرة والدرايةالسياسية القدر الكافي ليكون مؤهلاً لأي منصب سياسي رفيع.خاصة أن خالد بحاح اسم ارتبط بالجانب السياسي والاقتصادي معاً، كونه كانوزيراً للنفط في العديد من الحكومات المتعاقبة ما قبل 2011 وما بعدها،وهو بذلك جمع بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي.كما أن خبرته الحزبية في المؤتمر الشعبي العام لم تكن بذلك الجلاء أوالوضوح، وهو ما يضع الرجل في خانة السياسيين التكنوقراط، وهو الأساس الذيتم اختياره وفقاً له كرئيس لحكومة ما بعد سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين.وهذا ما يجعله متاحاً لدى الكثير من المتابعين والسياسيين، ومتوفراً فيأية تسوية سياسية، لكن بعض هؤلاء يجدون أن بحاح لا يمكن أن يقبل بمنصبرئيس الجمهورية، عطفاً على ما تقلده من مناصب وصلت أعلاها إلى حد رئيسالحكومة، ونائب الرئيس.غير أن بقاء هادي ومشاكل بحاح وتصريحاته المناوئة للشرعية قد تمنع الرجلمن تحقيق أحلامه ورغباته.تقلبات في المواقفلكن أبرز ما يُؤخذ على خالد بحاح، رغم كفاءته الاقتصادية وخبرته فيالجانب الاقتصادي، النفطي تحديداً، هو تاريخه السياسي ومواقفه المتنقلةوالمتعددة.فالرجل خاض غمار تجارب سياسية متباينة لدرجة التناقض أحياناً، جعلتانتماءاته غامضة وضبابية، وغير واضحة.حيث بدأ بحاح منتمياً لحزب المؤتمر الشعبي العام، هذا التنظيم السياسيالمتمسك بالوحدة اليمنية، والرافض لأي نزعات انفصالية، ومنحه هذاالانتماء فرصة لتولي حقائب وزارية في حكومات المؤتمر المتلاحقة.ثم ما لبث أن أصبح كفاءة تكنوقراطية ومرشحاً فوق العادة لتشكيل حكومةكفاءات بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية، وعلى ما يبدو هذا ماجعله يفوز بحظوة الحوثيين الذين أطلقوا سراحه بطريقة احتفالية بعد هروبهادي إلى عدن.ولم يمر كثير من الوقت حتى عاد منتمياً إلى حضن الشرعية التي منحته منصبنائب رئيس الجمهورية، ومضى في منصبه ذلك متمسكاً بالشرعية التي سرعان ماهاجمها عقب إقالته واتهمها بالفساد بعد خروجه منها، رغم أنه لم يقل شيئًاعن فساد الشرعية حين كان متواجداً على هرمها.وأخيراً.. كانت الانتماءات للجنوب، والضرب بكل قناعات الوحدة اليمنية،والميل أكثر نحو الانفصال، والتغني بإنجازات الانتقالي على حساب الشرعية.كل تلك التقلبات والتنقلات بين المكونات السياسية اليمنية المتناقضة،رسمت شخصية مبهمة وغامضة للسياسي اليمني خالد بحاح.