آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-12:42م

ملفات وتحقيقات


أحور اليتيمة في الذكرى الخامسة لرحيل أبيها

الثلاثاء - 12 فبراير 2019 - 06:21 م بتوقيت عدن

أحور اليتيمة في الذكرى الخامسة لرحيل أبيها

بقلم :عبدالله مهدي الحامد

قد تعجز الأحرف عن صياغة جمل تترجم حقيقة رحيل عظيم من عظماء رجال الأمة بقامة ومقام الحبيب/،محمدبن علي المشهور_رحمه الله_والذي اجتمعت فيه مجامع صدق خصال رجولة الرجال،ماتوزعت وتعددت وظائفها في شخوص متعددة،فكان _رحمه الله_محتواها وفهرسها.

غير اننا نجد في كتاب الله العزيز مايصور لنا سبحانه وتعالى عظم وفداحة مصاب الآرض بفقدها خيار أهلها،فتنتقص من أطرافها،وتنكمش فتقل خيراتها،وتذهب بركاتها،وتحبس ثمراتها..قال ابن عباس في قوله تعالى: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها)..قال:ذهاب خيارأهلها،وعلمائها وفقهائها.

فالحبيب محمد بن علي المشهور_رحمه الله ورضي الله عنه_بماحظي به من إجتماع القلوب على محبته،والإجماع على خيريته..لم يكن سلطانا ولاحاكما،أوشيخا قبليا،أوأميرا..لايحمل أيا من هذه الألقاب ذات الرتب والتوصيفات الدنيوية..ولكن جمعهاالله له في حقيقة مامنحه الله من مقام روحي سام.

كان رجلا،عالما صالحا ورعا،تقيا،وليا داعية،مصلحا،معلما،مربيا،تربى في بيت يحوي إرث النبوة،وسموصلاح الأبوة..يصف في مذكراته المحيط والوسط الأبوي الذي عاش وترعرع فيه بقوله:

(لقدكان سيدي الوالد__رحمه الله_حريصا على تعلمنا للعلم والقرآن،والسير في خط الآباء والأجداد الذين رسموا لناطريق الهداية والصلاح،وسار سيدي الوالدعلى هذا النهج ،وأحب أن يكون لأولاده سلوك هذا الطريق المستقيم،وخاصة في هذاالبلد الذي حل عليه الوالدضيفا،وتحول بعدها الى مواطن لتعليم أهلهاوأولادها_حيث انهم في جهل ويداوة لاتطاق......وكانت الوالدةخيرمعين في تربيتنا مع الوالد،حيث كانت لاتتدخل في شؤون تربيتنا،ولاتعترض على التأديب مهما كان قاسيا،وفيها من الحزم والصرامة ما يجعلها أمامحبة لأولادها،ومراعية لمصالحنا التي أنجبت ثمارا يانعة من العلم والتعليم والإنارة لهذا البلد،الذي كان يقصده الناس من البلدان المجاورة للتزود بالعلم والتربية الحسنة....) اه

فسر معدن هذه الرجولة معمل صياغتها وصقلها هذا البيت النبوي الأبوي والتنشئة الصالحة الفاضلة،ومنها أنطلق،وحمل الرأية،وأردف هم أحور على كاهله،وأعاد الى البلاد كيانها وعزها،وأشرقت شمسها،فألتف حوله أهلها،فتح قلبه وبيته لهم،وصرف وقته في تصريف شؤونهم،صدق مع الله ،وصدق معهم ،وصدق الناس في محبته..وصارت أحوردارا كان هو صاحبها،وأسرة هو أباها...الكل تحت رعايته ونظره،كبيرها وصغيرها،نساءها ورجالها،غنيها وفقيرها،كان المرجعية العليا والمثلى...يحتاج الى رأيه ومشورته وتوجيهه المسؤول في مسؤوليته،والمدير في دائرته،والعامل في مرفقه،والشيخ في قبيلته،والتاجرفي متجره،والداعية في دعوته،والأبن والأم والأب في اسرته

كان حزامها الأمني الروحي،وأمينها العادل التقي،وعينها الساهرة الحانية،لايرق له جفن ان تعثر وصول الماء الى المنازل،أوانقطع التيار الكهربائي،فيبذل وقته وماله،ونفسه،في متابعة إصلاح الخلل..يفزع لنجدة البلاد عند تدفق السيول،وقطع الطريق،فيرتب الآليات،ويشرف مباشرة على تنفيذ ذلك،ولاينام حتى يطمئن بأن الناس أصبحوا في مأمن..يتابع مشاريع حفر الآبار في القرى والبوادي،وينزل إليهاداعية ومرشدا وفاعلا خيريا

 

..أمنت البلاد بوجوده،الكل ينام قرير العين،لايخش طوارق الليل والنهار...هناك أب يحرس الجميع بعين الله وإخلاصه لمولاه،جند كل وقته لخدمتهم..

كان بيته ديوانا،ومدرسة،ومشفى،ومأوى للغريب،والجائع ،ومكرمةللضيف،ودار إفتاء،قبلةوفناراللبلادوأهلهاومن يفدإليهامن خارجها

يطرق بابه ذووالجاه والسلطان،لحاجتهم إليه،كمايطرق بابه ذووالفقروالعوزوالحاجة،والمريض،ومن أحكمت أبواب اليأس مغاليقهافي وجهه..العجوزوالكهل والشاب والطفل،نساءورجالا،فيجدواقلبامفتوحا،ووجهابشوشا،فيجبرالكسر،ويضمدالجراح،ويجلي الهم،ويعيدلهم الإبتسامة،ويفتح لهم بتواضعه ورحمته وعطفه وجوده منهج السلامة،وطريق الأمل..