آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-05:48م

آداب البكاء على «رابعة»

الجمعة - 16 أغسطس 2013 - الساعة 02:14 م

مشاري الذايدي
بقلم: مشاري الذايدي
- ارشيف الكاتب


الضربة الشديدة التي وجهتها الدولة المصرية للإخوان أفقدتهم القدرة على التركيز والتنسيق.

هذا ليس كلامي، بل كلام جندي مخلص من جنود الإخوان، هو جهاد الحداد، أحد أبرز المدافعين، خصوصا في الاعلام الغربي، عن مشروع الاخوان. وذكر الحداد، حسب الموقع الاخباري الفلسطيني (دنيا الوطن) إن: «الجماعة وحلفاءها تلقوا (ضربة قوية جدا) من حملة قادتها أجهزة أمن الدولة، وإنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي». هذه الضربة لطمة مدوية على رأس الاخوان، ليس فقط بسبب سرعة وقوة تشكيلات الأمن، في إنهاء «معسكرات» الاخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة، بل بسبب المساندة الشعبية العريضة من الناس في مصر لهذه الحملة. كنت أشاهد عمليات انهاء ما سمي بالاعتصام«السلمي» للاخوان ومعهم «المجاهدون» في الميدانين، أشاهدها في بث مباشر،عبر أكثر من قناة، وأرى الحدث لحظة حصوله، وشاهدت التابوت المسلح لحظة فتحه، وشاهدت الخيم وأكياس الرصاص تخرج منها، وشاهدت المسلحين داخل الميادين، وشاهدت ايضا قوات الأمن المركزي، والشرطة، والجرافات، وسمعت صوت قنابل الغاز، وشاهدت دخانها، وسمعت صوت الرشاشات و«الخراطيش».

خرجت بانطباع أن العملية كانت اقل دموية مما توقعت، عطفا على الحشد والتعبئة، والروح «الانتحارية» التي بثها إعلام الاخوان. تظل عملية أمنية عسكرية لا فسحة في القناطر الخيرية!

اللطمة المدوية أفقدت آخرين من غير الاخوان صوابهم، فهذا صديقهم أردوغان رئيس الحكومة التركي، يدعو مجلس الأمن للانعقاد لمعاقبة الدولة المصرية، بل ويذهب به الأمر، في مؤتمر صحافي عقده قبل أيام في مطار أنقرة قبل سفره إلى تركمانستان، الى استحضار قصة فرعون وموسى في مصر!

ويعزف (فقيه الإخوان) الشيخ القرضاوي، من الدوحة، على نفس المقام الكربلائي، واصفا هذا النظام بـ«المستكبر المتجبر على خلق الله الظالم للناس». ويسخر من الجيش المصري لأنه ترك الإسرائيليين، ناسيا او متناسيا شيخنا القرضاوي، أن حكومة مرسي الاخواني هي من عقدت صفقة الهدنة بين حماس واسرائيل، وفاخرت بهذا علنا ولقيت عليه الثناء من الإدارة الأميركية!

نحن أمام ضغط دولي، غربي بالخصوص، و«نفير» اقليمي أصولي، لإنقاذ الإخوان من هبة الشعب والجيش والشرطة، والدولة كلها، في مصر ضدهم. هذا النفير و«النصرة» لسلطة الإخوان يستخدم فيها كل سلاح وكل حجة، من سلاح الدين، الى سلاح الديمقراطية، وهما سلاحان أحدهما من نار والآخر من ماء «عمرك الله كيف يلتقيان»!؟

بوضوح المواجهة سياسية لا علاقة لها بالمقدس، بدليل أن ثمة اصحاب لحى ودعاة وفقهاء، بل و«مجاهدين» مكثوا سنين عددا في سجون «الطواغيت» حسب التعبير الشهير، كلهم ضد الاخوان ومع تصرف الجيش والشرطة في مصر.

حسنا.. كيف نفهم «النفير» الذي يحاوله أنصار «إمارة رابعة» في دول الخليج؟! نفهم نصرة ونفير ابناء الثقافة الإخوانية، ولكن كيف نفهم نصرة من يصف نفسه بالمدني والتنويري؟!

نحاول الفهم في مناسبة مقبلة.

*الشرق الاوسط