عملية تعليمية كاملة تخرج بأكبر نتائج وأعظم مخرجات التعليم جمعها الله تعالى في هذه الآية ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الله الكتاب الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
ففي قوله تعالى ( هو الذي بعث في الأميين رسولا ) تحديد لبيئة التعليم وأنها البيئة العربية المعروفة والمشهورة بين الأمم بالأمية ، ومعرفة بيئة التعليم مفيدة في العملية التربوية والتعليمية
وفي قوله ( منهم) بيان للعلاقة بين المربي والمتربي بتعرف كل منهم على الآخر بما يزيل الإشكالات التي تحول دون تلقي المعلومة كأن تجهل حال المتعلم ولا تثق بأهليته وقد كانت قريش على معرفة تامة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن هو أيضا يجهل حالهم ، ولو كان المعلم جديدا على بيئة فبإمكانه تسديد الخلل بجمع المعلومات عن البيئة والتعرف عليها عن قرب
( يتلو عليهم آياته) فيها تحديد منهج التعليم وهي آيات الكتاب وطريقة التعليم وهي تلاوة الأيات وقراءتها وتردادها بالسماع والمشافهة والمحافظة على نقلها سليمة كما نزلت
( ويزكيهم) وهذا هدف التربية وهو تهذيب الأخلاق وتطهير النفوس واستقامة السلوك بتعاليم الكتاب وطبع المتعلمين بصفات المعلمين ، وهو ما يعنى ترجمة العلم والمعلومة إلى عمل ونقلها من المجال النظري إلى العملي وأكثر ما تفشل في تحقيقه المناهج هو هذا الأمر
( ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال ) وهذه حقيقة المخرجات التعليمية الناجحة التي حولت هذا الجيل العظيم الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - من الأمية وأجرت عليهم تلك العملية التعليمية والتربوية لتخرج منهم قادة ومربين امتلكوا الخبرة وبرعوا في الاجتهاد ونطقوا بالحكمة وصارت حياة كل منهم مدرسة كاملة تستطيع أن تتعلم منها الأجيال وتفتخر بها البشرية
محمد العاقل