▪️يسود في الوسط التربوي اليمني - مثله مثل الوسط العربي - نوع من الهوس نحو تعليم الأطفال " اللغة الأجنبية" بدءاَ من مرحلة ما قبل "المدارس"، أقصد مرحلة "رياض الأطفال"، حيث تتسابق العديد من الأُسرإلى إلحاق أطفالها في المدارس الأجنبية الخاصة دونما مبالاة أو اكتراث بتأثير ذلك على تعلُّم اللغة العربية أو على الهوية الثقافية للطفل.
▪️وبالرغم من أننا في بلادنالدينا بعض المشاريع الرائعة، مثل إنشاء بعض مراكز اللغة العربية، وبعض المجمعات اللغوية، وتنفيذ بعض البرامج الهادفةألى دعم اللغةالعربية، لكن التوجُّه العام الرسمي والشعبي في بلادنا بل وفي الوطن العربي، يسير - وللأسف الشديد - نحو المزيد من تعزيز مكانة اللغة الأجنبية، والمزيد من تهميش اللغة العربية!!
▪️إن ضعف حركة الترجمة وندرة الكتب الأكاديمية والعلمية والتخصصية باللغة العربية، والتوسّع في استخدام اللغة الأجنبية في الحياة العامة، يؤكد بأنه لا توجد في الأفق مؤشرات حقيقيةتدعو للتفاؤل نحو مستقبل اللغة العربية سوى جعلها لغة دينية أدبية شخصية هامشية ليس إلا !!
▪️إن هذا الواقع الذي تعاني منه اللغة العربية كونها لغة علمية غنية، تعكس حضارةعريقة عالمية، وتمتلك إرثاًناريخياً عظيماً، وترتبط وقوميتها ارتباطاً لا يمكن فصله، ومع ذلك تعيش عزلة علمية، وتواجه إقصاءً شاملاً، وتصارع من أجل البقاء في الساحة العلمية لواقع يدعو للحيرة والحسرة.
⏹️قبل فترة أهداني صديقي العزيز أ. د. سمير عبدالرحمن الشميري ، كتابه بعنوان: مقالات أدبية بنكهة سوسيولوجية، والذي طُبع أواخر العام الماضي، في العاصمة المصرية - القاهرة - في دار النخبة للطباعة والنشر والتوزيع .. يقول صديقي في كتابه هذا في صفحة رقم 169 : (اللغة العربية بيتي وهويتي وأداة تفكيري وتحليلي السوسيولوجي، ووسيلتي في إتقان حرفة الكتابة والتأليف وإنارة مضائق الأذهان وإيقاظ الأفكار وتنوير البصائر وتفتيق الأذهان، إنها تسكن كل أرجائي وتجعلني مُندمجاً مع الشعر والأدب والفن والثقافة ومع أهل الذوق والتبصُّر والبلاغة .. اللغة العربية مغموسة في كياني تهمس نغماً وبرنينها الأنيق تسكن خافقي ولُبّي، وتلامس بأناملها روحي، فهي أداة تفكيري نجد فيها سلامة الذوق واللذة الفنية والعاطفية والحسية والصفاء الروحي والنشوة النفسية وجذوات الفكر وإشراقات الروح).
▪️لقد صدق المُفكر العربي "إبن خلدون" حين أشار إلى نزوع الشعوب"المغلوبة: إلى التبعية للأمم "الغالبة" وتحسين ما حسّنوه،وتقبيح ما قبّحونه،حتى ولو كان الأمر يتعلق بركن من أركان هويتهم الثقافية والعقائدية، فمتى نفيق من هذه التبعية اللغوية؟!
▪️أختم مقالي المتواضع هذا وأقول بأننا نمارس عُقوقاًفي علاقتنا مع لغتنا العربية، بما لا يُماثله عقوق أمة من الأمم للغتها، هذا إن
وجد مَن يعقّ لغته غيرنا نحن العرب!!.
▪️فيا ترى متى تأخذنا الحماسة لنشر لغتنا العربية الأصيلة والحفاظ عليها، وبثّ الوعي بقيمها ، وقيمة التمكُّن فيها وفي آدابها ؟!
▪️والسلام ختام.