كان صباح هذا اليوم أجمل من ذي قبله بكثير ؛ البحر هادئا ، والشاطئ نظيفا ، والجو لطيفا ، والشمس ساطعة ، غير أنني بعد أن مشيت قليلا ، جلست على الشاطئ ، أنظر في آيات الخالق ، وشيء من عظمة مخلوقاته ، فالذي أذهلني تلك الصورة التي تعبر عن الظلم والتظالم في هذا الكون الرحيب ؛ إذ رأيت طيورا جارحة ، تحلق في السماء فوق سطح البحر على ارتفاع مائة متر تقريبا ، تزيد هذه المسافة أحيانا ، وتنقص في أحايين أخرى ، هذه الطيور وهي تحلق في السماء تنظر إلى سطح البحر بعيون ثاقبة ، وبصر يغور في الأعماق ، وتردد شيئا من الأصوات التي تشبه في إيقاعها تلك الزوامل التي يرددها العمال والمقاتلون ، وكلما أصاب نظرها فريسة من الأسماك الصغيرة ، انطلقت نحوها كالسهم حتى تختفي في الماء لثوان ، ثم تنبعث من جديد مسرعة نحو السماء وقد التهمت فريستها بسرعة البرق ، الأمر الذي جعلني أفكر في التظالم إذ لم يكن من هذه الطيور الجارحة وحسب ، بل هناك كثير من البشر من هو أشد ظلما وبطشا بأخيه الإنسان من تلك الطيور التي تلتهم فريسة ضعيفة - ليس من جنسها - لتشبع بها جوعها ، أما الإنسان في بلدي فظلمه أشد قسوة ، وأكثر رعبا ، فضلا عن أن ظلمه لايذهب إلى فريسة من غير جنسه ، بل يقتصر ظلمه على الاتجار بدماء أخيه الإنسان ، وسرقة رزقه ، والثراء على حساب شقائه وبؤسه ...