ماذا يعني "الاقتصاد في حالة حرب"؟
يتعين على الاقتصاد الحربي أن يجري تعديلات جوهرية على إنتاجه الاستهلاكي لتلبية احتياجات الإنتاج الدفاعي ، وفي الاقتصاد الحربي يتعين على الحكومات أن تختار بعناية شديدة كيفية تخصيص موارد بلادها من أجل تحقيق النصر العسكري مع تلبية المطالب الاستهلاكية المحلية الحيوية في نفس الوقت ( مقتبس ) .
إيران لا تمتلك أقتصاد حرب حتى اللحظة بسبب العزلة والعقوبات المفروضة عليها ، وبالتالي إستراتيجيتها مبنية على نشر الفوضى والاقتتال الداخلي في الدول الهشة والضعيفة وتحديدا التي سقطت أنظمتها وتفككت جيوشها وأجهزتها الاستخباراتية والامنية بأقل التكاليف كاليمن وسوريا والعراق ، وحلت محلها مليشياتها المحلية التي تحاول جاهدة فرضها كأمر واقع معترف به اقليميا ودوليا .
سبب نجاح إيران في تلك الدول وغيرها يعود إلى تكتيكها المغامراتي التوسعي والتوقيت السليم والنفس الطويل ( بينما بعض دول الخليج تنفق أموالها في الترفيه وتغييب شعوبها عن الخطر الأكبر القادم ، لم يتعلموا من درس إحتلال الكويت ) ، من خلال الدعم المباشر بالمال والسلاح والخبراء لوكلائها خارج أراضيها ، الذي قابله دور سلبي مهزوز ومتخوف من قبل دول الإقليم والعالم بالنأي بنفسها من أي مواجهة أو صدام مباشر مع رأس الافعى إيران ، وبالتالي أفسحوا المجال للسيطرة الإيرانية عبر وكلائها المسيطرين أو المهيمنين على المشهد السياسي والعسكري والأمني في تلك الدول المنكوبة .
أحد أهم أسباب تخوف إيران من أي حرب حقيقية تقليدية قادمة تشن عليها هو اقتصادها الهش الذي لن يصمد عام واحد وستؤدي تلك الحرب إلى نهاية النظام فيها وتقسيمها ، لن تبادر إيران مطلقا بشن حروب مباشرة بقواتها مع إسرائيل أو غيرها بالوقت الحالي أو بالمستقبل ، وستقصف إسرائيل أهداف إستراتيجية وحيوية في العمق الإيراني متى شاءت ، ولن يكون الرد الإيراني مؤلما كالعادة .
مشروع إيران الإستراتيجي وهدفها ليس إسرائيل وتحرير القدس كما تدعي ، بل إحتلال دول الجوار من أجل السيطرة على منابع النفط الخام الخليجي كمرحلة أولى ، وبنيت عقيدتها العسكرية والأمنية والاستخبارتية على أساس ذلك ، وتعلم جيدا بأن تلك الدول نقطة ضعفها أمنها وإستقرارها وسلامة أراضيها ورفاهيتها ،
وللاسف الشديد دائما ما تصرح بعض من تلك الدول بعدم رغبتها بخوض أي حرب مع إيران وتتودد لها بصورة مذلة ومخزية ، بإستثناء دعم صدام في حربه مع إيران وتحرير الكويت .
وهذا خطأ إستراتيجي فادح وقاتل وجسيم ترتكبه بعض من دول الخليج عندما تكشف عن نقاط ضعفها وثغرتها لاعدائها ، ما وصلت إليه مليشيات إيران بالدول المجاورة للخليج من سيطرة وتهديد وإستهداف عسكري محدود لبعض من دول الخليج والعالم وتهديد الممرات الملاحية العالمية ، ماهي إلا مرحلة أولى في مشروع احتلال دول الخليج لاحقا .
على دول الخليج أخد درس بليغ من التكتيك الإسرائيلي رغم عدائي الشديد للعدوا الصهيوني ، فرغم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية والعسكرية التي طالت إسرائيل ، إلا أنها قررت مرغمة أن تغلق هذا الملف الإيراني الذي بات يؤرقها ويهدد أمنها وإستقرارها وسلامة أراضيها إلى الأبد مهما كان الثمن ، نستثني القتال المقدس بين الفلسطينين وإسرائيل الذي لن يتوقف حتى قيام الساعة .
على دول الخليج من الان وصاعدا تهيئة شعوبها وجيوشها وأجهزتها الاستخباراتية لأي حرب قادمة مع إيران أو غيرها وتأمين مواقعها الإستراتيجية والحيوية ، لأن الشرق الأوسط أصبح بؤرة صراع ونفوذ دائمة ستؤرق المنطقة بأكملها لعقود قادمة ، بسبب الاطماع الإقليمية والعالمية على حد سواء ، وعليهم التحول من عقيدة الدفاع والسلام المذل إلى الهجوم في عقر دار العدوا بشتى الطرق والوسائل الممكنة وغيرالممكنة ، مع الشروع في تشييد ملاجئ محصنة لمواطنيها .