آخر تحديث :الثلاثاء-17 سبتمبر 2024-09:59م


"المستشفيات الخاصة في عدن .. ترف للأغنياء وكابوس للفقراء"

الثلاثاء - 27 أغسطس 2024 - الساعة 08:27 ص

محمد المسيحي
بقلم: محمد المسيحي
- ارشيف الكاتب



عدن، تلك المدينة الساحلية التي طالما كانت رمزاً للتعايش والتنوع، تعاني اليوم من أزمة صحية خانقة، حيث يواجه سكانها تحديات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة. في السنوات الأخيرة، أصبحت المستشفيات الخاصة الوجهة الأولى للمرضى، ولكن ليس للجميع، بل لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها الباهظة. أما الفقراء، فهم يواجهون مصيراً محتوماً في ظل تردي الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية.

حيث تحولت المشافي الخاصة في عدن إلى مشاريع تجارية تهدف إلى تحقيق الأرباح قبل كل شيء. لم يعد الأمر يتعلق فقط بتقديم الرعاية الصحية، بل أصبح يعتمد على قدرة المريض على الدفع مقدماً قبل الحصول على العلاج. هذه السياسة المالية القاسية تضع حياة الكثيرين على المحك، حيث يجد الفقراء أنفسهم عاجزين عن الوصول إلى تلك المستشفيات التي تقدم مستوى عالياً من الخدمات، لكن بتكاليف لا تتناسب مع قدرتهم الشرائية.

 فيما المستشفيات الحكومية، التي كانت يوماً ما محط فخر المدينة ونموذجاً يحتذى به في الرعاية الصحية، تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية والمادية ، الأطباء والممرضون المتخصصون، الذين كانوا يعملون في هذه المستشفيات، لجأوا إلى القطاع الخاص بحثاً عن رواتب أفضل وحوافز تحفزهم على تقديم أفضل ما لديهم. هذا النقص في الكفاءات أدى إلى تردي الخدمات الطبية المقدمة في المستشفيات الحكومية، مما زاد من معاناة المواطنين البسطاء الذين لا يملكون خياراً آخر.

يجب أن يكون هناك تحرك جاد لإعادة تفعيل دور المستشفيات الحكومية في عدن. يتطلب ذلك توفير الموارد المالية اللازمة لتحسين البنية التحتية الصحية، وزيادة رواتب العاملين في القطاع العام لجذب الكفاءات مرة أخرى. كما يجب توفير الأدوية والمعدات الطبية اللازمة لضمان تقديم خدمات صحية تلبي احتياجات المواطنين.

في المقابل، يجب على المستشفيات الخاصة أن تدرك مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع . يمكن للمستشفيات الخاصة أن تلعب دوراً مهماً في تحسين الوضع الصحي من خلال تقديم خدمات مدعومة أو مجانية للحالات الحرجة، وأن تكون جزءاً من شبكة تعاون مع المستشفيات الحكومية لتخفيف الضغط عليها.

ختاما، تبقى الصحة حقاً أساسياً لكل إنسان، ويجب أن تكون الأولوية الأولى للجميع، سواء كانوا من مقدمي الرعاية الصحية أو متلقيها. إن التحديات التي تواجه القطاع الصحي في عدن تتطلب تعاضد الجهود بين القطاعين العام والخاص، والعمل من أجل مستقبل صحي أفضل للجميع.