آخر تحديث :الخميس-21 نوفمبر 2024-11:20ص

ولكم في لبنان عبرة ودرس !!

الخميس - 25 يوليه 2024 - الساعة 07:15 م
محمد علي محسن

بقلم: محمد علي محسن
- ارشيف الكاتب




لبنان شعبا وحكومة يرزحان لوطأة اللاستقرار السياسي منذ بروز أصحاب العمائم السود . المحاربون باسم الله ، وكلاء إيران الذين جلبوا لهذا البلد العربي الجميل الويلات والخراب .

كان اللبنانيين قد استبشروا بإتفاق الطائف في هزيع الثمانينات ٣٠ سبتمبر ١٩٨٩م - وعلى مساوئه طائفيًا - كي ينهي الحرب الأهلية المستعرة بين الفصائل المختلفة منذ ربع قرن .
لكنهم وبعد ثلاثة عقود ونصف يجدون انفسهم في أتون حروب وأزمات وتصفيات حسابات واغتيالات سياسية ، بل وأكثر من ذلك ، يكتشفون أن دولتهم ورقابهم ومصيرهم يستحكم بهم هذا المسمى حزب الله .

فلم يكن الإتفاق إلَّا فاتحة لحقبة مظلمة برز فيها للوجود كيان طائفي يدعي المقاومة لإسرائيل وامريكا ، وهذا الحزب أخذ يتغلغل في بنيان الدولة اللبنانية الهشة نتيجة ما لحق بها من خراب ودمار .
وبمضي الأعوام يهيمن ويسيطر ، تاركا البلد وأهله في أحلام السلام والتنمية والاستقرار ، ومن وقتها ولبنان مختزلا بعمائم سود ، وبمليشيات محاربة بالوكالة عن ايران ، وبخطب وقنوات سماحة السيد الحامل لراية تحرير فلسطين .

فبإسم المقاومة والممانعة خابت كل المحاولات السياسية لإصلاح حال البلد سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا ، فكلما ارتفعت أصوات المقاومة والممانعة انحدرت مؤسسات الدولة اللبنانية إلى حضيض الضعف وفقدان الهيبة والفاعلية .

وكلما ضعفت الدولة ومؤسساتها السيادية والاقتصادية والعسكرية ؛ زادت العمائم السود نفوذا وقوة وهيمنة في كيان الدولة الرخوة ، والنتيجة أن لبنان اليوم مسلوب القرار والإرادة والرؤية بسبب وكلاء إيران المستميتين في خنادق المقاومة في جنوب لبنان .

في واقعنا العربي السيء والمحبط للغاية ، يكفي أن تدَّعي مقاومتك لإسرائيل لتجد ملايين من الجهلة والمخدوعين يحملون صورك ويهتفون باسمك .

لقد احدث السيد نصر الله وأتباعه ما لم تستطع اسرائيل فعله ، فالدولة اللبنانية لم تقم لها قائمة ، فلا جيش ولا أمن ولا حكومات ولا رئاسة ولا ولا اقتصاد ولا خدمات ولا رخاء ولا استقرار ولا ديمقراطية ولا يحزنون .

فكل هذه المكاسب السياسية والاجتماعية كانت موجودة وملموسة في حياة الناس قبل نصف قرن ، وأضحت الان في عهد سماحة السيد نصر الله مجرد قوالب عبثية موسمية لا تأكل جائعًا أو تلبس عريانًا أو تصنع أملًا لأجيال الحاضر أو المستقبل .

وإذا كان لبنان بلد المدنية والمعرفة والثقافة والإعلام بهذه الشاكلة السوداوية ، فماذا عسانا سنقول ونوصف حال اليمن واليمنيين إذا ما بقت هذه الجماعة الحوثية وقائدها الآتي من كهوف صعدة إلى سدة الرئاسة في صنعاء مهيمنة وجاثمة على رقابهم ودولتهم ؟! .

في كلا الحالتين هناك قاسم مشترك بين الجماعتين ، فكلاهما يحاربان لتحقيق أجندة طائفية عفى عنها الوقت ، كما وكلاهما يخوضان حربًا بالوكالة إنابة عن دولة الملالي في إيران .

وما هو مهم من كل ذلك أنهما كائنان طفيليان يعيشان على حساب الدولة وقوتها ونفوذها وقدراتها ، كما ومصدر حضورهما في الساحة ليس الشعارات أو الخطب او الهتافات المدغدغة لمشاعر الجماهير فحسب ، وانما بما لديهما من عتاد وسلاح ، فدون هذه القوة العسكرية لا يستطيعان البقاء .

وعلى هذا الأساس يستحيل أن تكون هناك دولة قوية مهابة في ظل وجود هذه المليشيات المسلحة المحاربة أصلًا للدولة والنظام .
ومن يظن أن جماعة الحوثي مختلفة عن حزب الله أو الحشد الشعبي في العراق اعتقد انه يجهل تماما حقيقة النشأة والتكوين والأهداف المرسومة ، فهذه المسميات تتماثل مع بعضها عقيدة ووسيلة وأسلوب .

الذين يعتقدون أن الجماعة الحوثية ستذعن يوما ما وتسلم سلاحها للدولة ، فهؤلاء أما سذج أو أنهم يخادعون أنفسهم ، فالسلاح أداة وجودها وفرض إرادتها على الدولة ومؤسساتها النظامية .
فأي حديث عن تسوية سياسية في ظل النسخة المصغرة من سماحة السيد وحزبه في جنوب لبنان ، أو عن تسليم الجماعة الحوثية سلاحها للدولة ؛ فهذا يتنافى ويتصادم مع حقيقة وجودها ككيان متمرد استولى على مقدرات الدولة ، ويناهض بضراوة كي تبقى الدولة ومؤسساتها النظامية ضعيفة ورهن سيطرته ..

محمد علي محسن