آخر تحديث :الخميس-21 نوفمبر 2024-12:08م

موقف مجلس القيادة الرئاسي من قرارات البنك المركزي اليمني كان مسؤولية وطنية وانحياز لمصلحة البلد والشعب

الأربعاء - 24 يوليه 2024 - الساعة 06:08 م
وحيد الفودعي

بقلم: وحيد الفودعي
- ارشيف الكاتب


كان موقف مجلس القيادة الرئاسي من قرارات البنك المركزي اليمني موقفًا شجاعًا وعلى قدر عالٍ من المسؤولية. المجلس أدرك حجم المخاطر الكبيرة التي قد تنجم عن تنفيذ قرارات كارثية قد تؤدي إلى إلغاء 70% من القطاع المصرفي وما يترتب على ذلك من تبعات خطيرة على الاقتصاد الوطني.

قرار المجلس بإلغاء قرارات البنك المركزي لم يكن نتيجة تدخل خارجي كما يُشاع، بل جاء بعد دراسة متأنية واستماع لآراء المختصين والخبراء اليمنيين الذين أبدوا قلقهم من كارثة اقتصادية محتملة حال تنفيذ القرارات. هذه الخطوة ليست دليلاً على ضعف المجلس أو ارتهانه للخارج، بل على إدراكه العميق لمصلحة الوطن والمواطنين، حيث أنه اتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب لحماية الاستقرار المالي والاقتصادي.

قرارات البنك المركزي التي تم إلغاؤها لا تستند إلى مسوغ قانوني، ولا تقع ضمن صلاحياته، سواء كان قرار 17 لسنة 2024 الذي ينص على نقل المراكز الرئيسية، فهو من صلاحيات الجمعية العامة غير العادية للبنوك، أو قرار 30 لسنة 2024 الذي ينص على سحب تراخيص ستة بنوك تمثل 70% من القطاع المصرفي. هذه القرارات تعد قرارات سيادية تتجاوز صلاحيات مجلس إدارة البنك المركزي، وكان يجب عرضها على مجلس الدفاع الوطني نظرًا لما قد تسببه من تصعيد وحروب، كما أن صلاحيات البنك تتعلق بسحب ترخيص واحد من البنوك نتيجة توفر شروط محددة لسحب الترخيص وليس سحب ترخيص جماعي لستة من أهم البنوك.

ولمن يتحدث عن الاستقلالية، لا توجد استقلالية مطلقة للبنوك المركزية، خاصه أثناء الحروب والصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية. تدخل مجلس القيادة أو رئيس الدولة لمنع حدوث كارثة بسبب قرار أصدره مجلس إدارة البنك دون غطاء سياسي وتنسيق مسبق خاصة في القرار الأخير (سحب تراخيص البنوك) ودون سند أو مسوغ قانوني لا يعد مساساً باستقلالية البنك، بل تصحيح مسار، وهذا من واجبات رئيس الدولة. كما أن من شروط الاستقلالية الشفافية والمساءلة.

مجلس القيادة لم يتنازل عن شروطه الثلاثة التي أعلن عنها سابقًا، بل ستطرح هذه الشروط في المفاوضات الاقتصادية القادمة تحت رعاية أممية. الالتزام بعدم اتخاذ أي قرارات مماثلة مستقبلاً يشمل الطرفين، الحوثيين والحكومة الشرعية، مما يعزز من أهمية الحوار والتفاوض لتحقيق تسوية سياسية شاملة.

المجلس لم يجرد الشرعية من أدوات القوة، بل بالعكس، قرارات البنك المركزي التي تم إلغاؤها كانت أداة ضعف في يد الشرعية وتخدم مصلحة جماعة الحوثي الإرهابية. هذه القرارات غير المدروسة كانت ستضر بالشعب والقطاع المصرفي أكثر مما تنفع الشرعية، حيث أن استهداف هذا العدد الكبير من البنوك كان سيؤدي إلى انهيار النظام المالي وزيادة معاناة المواطنين.

من الجدير بالذكر أن إلغاء قرارات البنك المركزي يقابله إلغاء الحوثيين لقرارات مماثلة ضد القطاع المصرفي، مما يعزز من أهمية هذه الخطوة في إطار التفاوض والتسوية السياسية. هذه الخطوة تعكس الحرص على تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي والتمهيد لمرحلة جديدة من الحوار البناء بين الأطراف المتنازعة، لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

باختصار، موقف مجلس القيادة الرئاسي تجاه قرارات البنك المركزي كان ضرورة لحماية الاقتصاد الوطني ومنع كارثة اقتصادية مع الحفاظ على مصالح الشعب والقطاع المصرفي وتقديم موقف قوي في المفاوضات السياسية المقبلة.