آخر تحديث :الخميس-21 نوفمبر 2024-11:53ص

الجماعة الحوثية سؤال بلا إجابة!.

الثلاثاء - 23 يوليه 2024 - الساعة 08:56 م
منصور الصبيحي

بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


رغم كل ما جرى ويجري من التسهيلات والمساعدات لها، لازالت الجماعة الحوثية لا تفهم إلى الآن بأنّها عبارة عن قصة أبتدعت من العدم، وما وصلت إليه من صناعة متقنة وما بلغته من مكانة عالية ومرموقة ليس من عمل يدها لوحدها، بل تناوب على حراستها والسهر على رعايتها أطراف محليًة وخارجيّة، أرادت عن طريقها إيجاد واقع بديل معاكس لكل عملاً سلمي ناهض نظام صنعاء سواءً في الشمال أو الجنوب، ونتج عنه في الأخير تنحي صالح من الحكم.

فالثورة التي أناخت خيل المؤتمر الشعبي العام ( الحزب الحاكم)، وسلخت جلد ديمقراطيته الموسومة 99,9 لتترك أبطالها الحقيقيين في إنطواء مستمر منهم من يحتضر ومنهم من ينتظر، فما هي إلا شهوراً وأياماً قلائل حتى أدخلتهم الحوثية من الباب الخلفي على شكل ثوار مستلهمة تجربتهم في الإلتفاف على المعاهدات ومستهلّة بهم رفض الجرعة، وما لبُث إلا وشتعلت الحروب والصراعات في كل مكانٍ وزاوية، وعلى نمط ما يجري في بلدانٍ عربية مجاورة سامها الربيع العربي بالخسف وبالعذاب.

فالفاتورة المدفوعة لمدة عشر سنوات ويزيد يبدو بأنّها شبه محاسبة، والمخطط من نشر ثقافة العنف والفوضى وتهميش الإنسان وما إليه من إفشا ثالوث الفقر والجهل والمرض قد ربما اكتمل أو قرّب للاكتمال، ولم يعد ما يتوجٌب من أجله تمديد الصراع وتأجيل السلام، عملاً بالمبدأ القائل (الشئ لو زاد عن حده أنقلب ضده)... إلا أنّ العودة لصنعاء جزافياً هكذا بلا تعريفة استئذان أو بينة شرعية مرفوعة أمام المجتمع الدولي تعني بالمفهوم السياسي رافعة لثوار فبراير وعودة ما سمي بالحوار الوطني مارس 2013م ومخرجاته إلى الواجهة من جديد؟. وهذا ما يفسر تراجع الجبهات واحدة تلو الأخرى، فمن الشمال تجاوزت بوابة فرضة نهم ومن الغرب باتت على مشارف مرفئ الحديدة، وللعدول بحجة وقوف الإمريكان والبريطانيين حائل أمام النصر خشية حصول كارثة إنسانية، ومن ثم طلب المصالحة وتفكيك شعار تحرير صنعاء، مؤداها الرغبة لإطلاق حوار يطغى على ما سبقه من حوارات، ويمهد بشكل أو بأخر لطمس ما سلف من معالم النضال السلمي للشمال بمطالبه واستحقاقاته الثورية، ولإعتماد من حينه استراتيجية جديرة بحسم ملف الجنوب المستعصي على الحل وهي التجويع والحصار الغير معلن.

وما العمل والحوثية أصلاً منذ الاستعانة بها لخلط الأوراق لا تفهم إلا لغة العنف، وغير جاهزة سياسياً لقصر هدفها عند حدود تحوًلها كمكون حزبي بديل عن جماعة الإصلاح الإخوانية، ولازالت تقبع خارج نطاق دائرة الإحتكام الوطني المويًد بقدسية التحالف العربي والرباعية الدولية، وما نراها من يوم بروزها كلاعب نشط على الساحة اليمنية إلا في تباعد مستمر واحتكاك لا يكل ولايهدى، وعلى كل مرة يتم فيها محاورتها تزداد طيشا ورعونة، وكما يقال بالمثل الشعبي ( أقبض لك على ماء مغلي) كنًهه فوق ما يتفلت من قبضة يدك يخلس جلدك ويحرق أصابعك؟.

من هنا كان لابد من اتخاذ خطوات رادعة لها تعدّل من سلوكها وتفهمها حقيقة أمرها وبآلية هذه المرة اكثر صلابة تجاهها، بدءاً بإلغاء تصاريح عمل المصارف التي تقع خارج تصرّف البنك المركزي وتعود بالنفع عليها، ومن ثم ضرب الموانئ الواقعة تحت قبضتها وتعطيل عملها في حدود النصف، وقد يأتي الدور إذا تطلب الأمر على المنظمات الدولية والمحلية المتخذة من صنعاء مقراً لها وصولاً لشبكات الهاتف النقال وإلى كل ما يوفّر الأمان النقدي.

لكن فمن المعلوم أن الحوثية جماعة منحرفة تتغذى على الأزمات وتقتات على المآسي والويلات، وبما أنًها تسبح في هذا البحر المتلاطم من الدماء والدمار المادي والمعنوي وهي كالسمك إذا خرجت منها لا يمكنها أن تعيش، ماذا لو ركبت رأسها وأصرّت وهي المتشرّبة تماماً لسياسة من تسميهم خصومها والمدركة للعبة من أولها ولنقاط القوة والضعف لديها على موصلة موقفها متحديّة جميع الاجراءات والعقوبات؟.