آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-11:59م

من وحي مسلسل ( دروب المرجلة) ،،

السبت - 20 أبريل 2024 - الساعة 11:22 ص

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب




بداية لن أتناول الموضوع من الناحية الدرامية ، ولا من الناحية الفنية ، ولا من ناحية الأداء والشكل والمضمون..

فقط سأتناول شخصية ( حابس ) .
هذه الشخصية التي أختزلت حقيقة قاسية ، وعبرت عن حال شريحة واسعة في المجتمعات عبر التاريخ البشري.
لقد استطاع الممثل المتألق سمير قحطان أن يؤدي دوره بمنتهى البراعة والمهنية ، وأن يجسَّد المعنى والهدف المراد إيصاله للمشاهد في قمة الروعة .

ف ( حابس) هو رمز للأنانية ، وحب الذات ،،
رمز للاهث وراء السلطة والجاه ،،،
رمز للخيانة الوطنية ،والتفريط في سيادة بلده ، وبيع مبادئه ، والتنازل عن قيمه،،،
رمز للشخص الوضيع المتعاون مع العدو الخارجي على حساب مصالح ديرته ،،
رمز للرجل التافه الذي لديه الاستعداد أن يستخدم كل الوسائل القذرة ( ولو كان ذلك قتل الأطفال الأبرياء كما فعل مع الطفلة قمر ) ...ما دام ذلك سيحقق له ما يصبو إليه ، وسيوصله إلى السيادة والريادة ، والجاه ، والسؤدد .
في الوقت الذي لا يملك فيه أدنى مقومات صفات القائد الناجح القادر على إدارة شؤون الناس .

وحتى انتصاراته الوهمية التي يتباهى بها أمام السذج من الناس ، ويظهر فيها أنه بطل قومي ، وأنه القادر على تحقيق مالم يستطع تحقيقه أحد غيره من أهل الديرة .....كانت من إعداد وإخراج وتنفيذ المتآمر الخارجي على أهله وعشيرته ، والتي ما كان له أن يحققها ...إلا أن يفرط في سيادة قبيلته ، وأن يبيع مبادئه ، وأن يتعاون مع من يضمرون لهم الشر .

المتتبع للتأريخ القديم والحديث يجد أنَّ ( حابس ) يتواجد في كل منعطفات الصراع البشري ، وأنه السبب الرئيس في خراب الدول ، وزوال الحضارات ، وسقوط الممالك ، وإيقاد الفتن ، والتعاون مع العدو الخارجي وتسهيل تنفيذ مخططاته على حساب مصلحة أهله وعشيرته.

فهذا الصنف _ القديم الجديد_ من البشر لديهم من المؤهلات والقدرات ، والصفات ما يمكنهم أن يلعبوا أدوار الخيانة ، والنذالة ...
وإن كان ذلك على حساب خراب مجتمعاتهم ، وإشعال الحروب ، وإثارة الفتن .

ولعلنا ونحن نتحدث عن الخيانة وبيع الأوطان ، والتفريط في السيادة ....تتداعى إلى أذهاننا صورة ( أبي رغال ) .
فأبو رغال هو ذلك الشخص التافه الذي باع مبادئه ، وتعاون مع العدو الخارجي وسهل مهمته للقيام بهدم الكعبة ، وتنفيذ مخططه الإجرامي ......مقابل وعود من قبل أبرهة الأشرم ، والحصول على لعاعة من لعاعاعت الدنيا التافهة .
ولمَّا لم يستطع أبرهة هدم الكعبة ، وتمت المعجزة الألهية وأبيد جيشه ، ومات الخائن مع من مات ،،
قيل أنه دُفِنَ في ذلك المكان وَبُنيَ على قبره مجسم ليكون شاهداً على الخيانة ، فكانت العرب إذا مرت بذلك المجسم ترجمه .
وقد قال فيه الشاعر جرير شعراً يهجو الفرزدق :            
  إذا مات الفرزدق فارجموه   ** كما ترمون قبر أبي رغال.

لقد أنفت العرب ذلك الفعل المشين الذي يتنافى مع قيم العروبة ، وشيم الرجال ، وعزة العربي ...... فوضعت مجسماً على قبره ليكون وصمة عار لكل من تسول له نفسه مثل هذا الفعل الخسيس .

فيا ترى كم نحتاج اليوم إلى قبور ( لأبي رغال )
من أجل أن نرجمها إذا مررنا بها ؟!!