آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-12:17م

وَأْهْديْتَه مَعَ (إبْريل) كَذِبُ السِياسةِ وحَواجبُ العزانيّ! ... سَمَكةُ نيسانَ وعَزُومة اللحجِي.

الأحد - 31 مارس 2024 - الساعة 04:24 م

د. مجيب الرحمن الوصابي
بقلم: د. مجيب الرحمن الوصابي
- ارشيف الكاتب


يُغَنّيْ العَزّانِي فيُطرِبُ: " أنته ... أنتَ أهديتني منديل لُه أطراف مغزوله... ذوبتهْ مِن التقبيل في عرضه وفي طوله.... وأهديته مع (إبريل) مع كلمات معسولة هذا صدق او تضليل قل لي إيش مدلوله؟!

يُلاعِبُ حاجبيهِ ويُراقصهما كالمُرشدي، لكنْ دون مستوى عوض أحمد، ما أحلى الطربَ في بلادي والرقصُ بالحواجبِ! ...فلا أحدٌ يُجاريهم في هذا اللون من الإبداع ـ إلّا فنونَ الساسةِ كذبا وتضليلا فكلُّ أيامُهم نيسانَ، وعودهم والمواعيدُ، إنّما راقبوا حواجبَهم بينَ الطول والعرض/السماكة... تقويسا وتفريشا أثناء خطاباتهم تشعرون أنّهم لا يكذِبون! ... دعونا من سيمائية الحواجب فلنا حديثٌ عنها بإذن الله؛ والزعماء بعضهم بلا حواجب أتعبوني وأحبطوا الناس! .

لَكنْ هلِ الساسةُ في بلادي يكذبونَ من أجلِ مصالح الناس استشرافا لمستقبلهم المنشود والضامن لرفاهيتهم وكرامتهم؟ أم يلاعبون حواجبهم، ويدقون صدورهم من أجلِ ذواتِهم وغرامِهم بالسلطة وشهوتها، سطوة المناصب ومغانمها... وفي المثل الغبي " الكذبُ ملحُ الرجال" ... وسُنة مكافيلي، لا معاريض السلفيّة!

هَكَذا ضَللَ الموتورونَ مِنَ اليهود يسوعَ المسيحَ، وفي ظني هذا سببٌ رئيس تتحرج الكنيسة في إذاعته لتفسير هذا التقليد
السنوي لكذبةِ نيسان/ إبريل ( April Fools' Day)

إذ تُشيرُ المصادرُ إلى جماعةٍ من أعداءِ المسيحِ قصدوا إيذاءه فعمدوا إلى إرساله في جولةٍ عبثيةٍ لا طائلَ منها؛ مرّ بها على الحكام والمسؤولين الرومان عندما حُكم عليه بالموت على الصليبِ.

تُوثقُ مسرحياتُ القُرونِ الوسطى الغربية هذا الأمر، لأنّها جسّدت تلك الأحداث برحلةِ المسيح من (حنّان إلى قيافا) وهما من كبار الكهنة ورؤسائهم، ثُمّ إلى بيلاطس فهيرودوتس والعودة أخيرا إلى بيلاطس "عُرفت هذه العادة قديما في حضارات متعدّدة قبل المسيح، وهي عادة إرسال الناس في مهمات سخيفة لا طائل منها".

ثمّةَ تفسيرٌ آخرُ يبدو أكثرَ جاذبيةٍ عن كذبة إبريل وأصلها ترجع لفترة حكم الملك " شارل التاسع " في فرنسا بدايات القرن السادس عشر. لقد كان الناس آنذاك يحتفلون برأس السنة في 25 من مارس وهو موعد بدء فصل الربيع، وكانت الاحتفالات تتضمن تبادل الهدايا، وتستمرُ مُدة أسبوع تختم في نهايته بإقامة حفل عشاء في الأول من شهر إبريل مثلما هو التقليد اليوم برأس السنة.

يُقال أنّ الملك شارل قد قام عام 1564، وهو عام بداية التقويم الغرغوري، بإصدارِ قرارٍ ينقلُ بموجبه يوم رأس السنة إلى الأوّل من يناير/ كانون الثاني، ويُقالُ أنّ هذا القرار لاقى مقاومة العديدين؛ فتناسوه وظلوا يحتفلون برأس السنة طيلة الفترة الواقعة بين 25 مارس إلى الأول من أبريل.

سخر أصحابُ النكات مِن أولئك المتعصبين الذين التزموا برأس السنة القديم وبدأوا بإرسالِ هدايا سخيفة ودعوات إلى حفلات خيالية من تنطلي عليه الحيلة يسمى " سمكة إبريل" وهي سمكة ورقية تلصق على ظهر الضحية مثلما كنا نلصق (حمار للبيع) فيما مضى ... كما أنّ الشمسَ فعليا تقوم بمغادرة برج الحوت ومن المعروف أنَّ أحدا لم يسلم من نكات هذا اليوم الساخرة، فلُّقب نابليون الأوّل امبراطور فرنسا ذات مرة بـ(سمكة نيسان) عندما تزوج للمرة الثانية من ماري لويز النمساوية.

تقبّلَ معظمُ الناس بمرور السنين اعتبار الأوّل من كانون الثاني يوم رأس السنة الجديدة، لكنهم تمسكوا بولع بيوم كذبة نيسان الممتع وجعلوا منه يوما تقليديا شمل كل بلدان المعمورة.


قبلَ أكثر مِنْ عقد من الزمن أشاعَ اثنان من الظرفاء العرب الدبلوماسيين (كذبة إبريل) موتي، وأكدوا قدر الله وأجله؛ فسرت الإشاعة من مصدرها كليةِ الآداب كالنار، لأتلقى اتصالا هاتفيا على غير العادة

يطمئنُ فيهِ رئيس قسم الإعلام علي ؛ إلى مدرسة الموهوبين في دار سعد حيثُ كنت أدرّس أغلب أيامي، استغربتُ أن يأتي الاتصال إلى إدارة المدرسة، وكنت أغلق هاتفي حينها، وعندما فتحته لأرى عشرات الاتصالات ورسالة رائعة تمنّى فيها صاحبُها الّا أموت... وهو يتهيأ لإلقاء قصيدته أمام الطلاب في محاضرتي ... هو اليوم إعلامي معروف.

بعض الظرفاء والمتفيقهين، زعم لي أنّ المزاحَ يجوز وضرب لي مثلا بالصحابي اليماني نعيمان بن رفاعة ومقالبه! إنّما في نفسي من الكذب شيءٌ اختصره بقول رسول الله

(ويلٌ لمن يحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم ويلٌ له، ويلٌ له) رواه أحمد والترمذي وأبو داود.