آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:36م

السورة التي بدأت بحلم وانتهت بتحقيقه.!!

الثلاثاء - 26 مارس 2024 - الساعة 04:54 ص

منصور بلعيدي
بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


هي السورة الوحيدة في القرآن ، التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها .. لذلك قال الله تعالى عنها : أنه سيقص على النبي ( صلى الله عليه و سلم ) " أحْسنَ القَصَص " .
وهي أحسن القصص بالفعل كما يقول علماء الأدب ، وخاصة المتخصصون في علم القصة ..
فهي بدأت بحلم ، وانتهت بتفسير ذلك الحلم ..

نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة .. وكأنك تراها بالصوت والصورة .. وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به ..

لكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص .. وهدفها جاء في آخر سطر من القصة وهو :
{إنَّهُ مَن يتَّقِ و يَصبر، فإنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين} .
فالقصة تدور حول ثلاثة محاور :
- الثقة في تدبير الله .
- الصبر وانتظار موعود الله.
- لا يأَس من روح الله .

الملاحظ أن السورة تسير بوتيرة عجيبة .. مفادها أن الشيء الجميل ، قد تكون نهايته سيئة والعكس ..!
- فيوسف أبوه يحبه ، والحب شيء جميل ، فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى به في البئر ..!
- ثم الإلقاء في البئرشيء فظيع .. فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز ..!
- ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع .. فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن ..!
- ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع .. فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر ..!

الهدف من ذلك :
- أن تنتبه أيها المؤمن ، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك .. فلا تشغل نفسك به ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء .. وفق عِلمه وحِكمته .
- فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها فلا تيأس ولا تتذمَّر .. بل ثِق في تدبير الله ، فهو مالك هذا المُلك وهو خير مُدبِّر للأمور ..

ونستنتج من ذلك:
- أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة لكنه يحمل في طياته العذاب أو العكس.

العجيب أنك في هذه السورة ، لا تجد ملامح يوسف النبي ، بل تجدها في سورة " غافر " .
- أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان .. الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ولكنه نجح .
- ليقول لنا: إن يوسف لم يأتِ بمعجزات .. بل كان إنساناً عاديَّا مثله مثل اي واحد منا ولكنه اتَّقى الله فنجح ..!
- وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى أو عاطل ويبحث عن عمل .
- وهي أمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير .

هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس .
- قال تعالى :
{فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوا نَجِيَّا } 80 .
{ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله .. إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون } 87 .
{حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنَّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا }١١٠ .

- وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن :
• إن اللهَ قادر على كل شئ .
• فلِمَ اليأس ؟

إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة ، لم ييأس ولم يفقد الأمل . . فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة :
- في الدنيا : حين استطاع بفضل الله ثم بحكمته في التعامل مع الملِك ، أن يُصبح عزيز مصر ..
- وفي الآخرة : حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ونجح ..

لقد نزلت هذه السورة في عام الحزن على رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشد أوقات الضيق وهو على وشك الهجرة وفراق مكة .
هذه السورة كما قال العلماء :
ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه .
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ.}

من العجيب أن { قميص يوسف} :
- استُخدم كأداة براءة لإخوته .. فدل على خيانتهم .
- ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه مع إمرأة العزيز فبرَّأه ..!!
- ثم استخدم للبشارة .. فأعاد الله تعالى به بصر والده ..