آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-10:53م

ينفع للمستقبل

السبت - 23 مارس 2024 - الساعة 02:49 ص

صلاح الطفي
بقلم: صلاح الطفي
- ارشيف الكاتب


رمضان كريم وبعيد عن السياسة وحواليها هذه قصتي مع عروض فوانيس النازحين في عدن.
عدن سوق حرة مفتوحة للنازحين وذويهم الجاثمين وكل فتحة باب دكان في عدن الكبرى هم من يشغلها وبجدارة ويحولون أسبوعيا ملايين الدولارات من (وطننا إلى وطنهم) منها من عرق جبينهم ومنها مخصصات اللاجئين التي أعانهم بها معين واقتطعها من أيدي القائمين على إيرادات الجنوب مقابل عين وتعيين!
وكلنا نشاهد النازحين مواسم الهجرة إلى الجنوب والعودة قبيل رمضان والأعياد إلى حمى سيدهم! فهم على عهد الوحدة او الموت الذي عاهدوا به اسيادهم الزيود انهم أصحاب الوطن الأصليين والجنوبيين مولدين! أمال أيه على قول إخواننا المصريين وحكم الجنوب بأيدي (رجالهم الأسى وش):
رئيس المجلس الرئاسة المثمن منهم ورئيس مجلس الأنياب القراطة ورئيس مجلس الوزراء إلى الأمس القريب منهم, يحكمون (ورجالنا الأشاوس يحرسونهم!)
ودولتهم العميقة تتحكم بكل مفاصل الدولة والقرار وتتحكم (بالانتقالي وهو شريكها) فكيف بنا ونحن في نظرهم مولدين وفي نظر قيادتنا على دكة الانتظار!
وإلى الحكاية وآفاق المستقبل:
من منتصف شهر شعبان إلى هلال شهر رمضان الفضيل وجحافل النازحين يزاحمون عند كل جولة ومنعطف ورصيف وسيف بحر مدججين بالفوانيس وأهمها (الفانوس الأزرق العتيق الذي قال ظرفاء عدن ان المقاومة أعادته للخدمة)
حتى أصبح الفانوس له رمزية مرتبطة بالتضحية والصمود والصبر على عذاب الخدمات وفاء لتعليل القائد ذات يوم باننا على طريق استعادة الجنوب حتى على فانوس.
وبتوظيف خبيث كيف استعد من يفوج النازحين لبيع عشرات الألوف من الفوانيس!
وكيف تستثمر مصائب اهل الجنوب غنائم لأهل الشمال!
وهذه قصتي مع أحد الشباب النازحين الذي استوقفني ليلة ثبوت هلال شهر رمضان الفضيل في أحد مطبات شارع التسعين وكله فوانيس معلقة!
وكما تعود النازح على الجرأة والالحاح دفع بأحد الفوانيس إلى داخل السيارة يساومني ولاحظت ان الفانوس هو ذلك الفانوس الأزرق بشملي الزجاج الطويل أبو ذبالة بوقود الكيروسين (الجاز) الذي كان نوارتنا سبعينات القرن العشرين.
قلت له عجيب فانوس حقيقي فرد مباشرة (ينفع للمستقبل)
ولحظتها طلعت برأس المقرون قرون وقلت أيش عرفك بالحكاية يا سفيه القول؟
فاستغرب وقال يا عم ما غلطت عليك انا طالب الله؟ فانتبهت للزلة واخذت منه الفانوس بالفلوس التي طلبها دون مساومة!
فعاد براسي دوار القران وفعلا قصة (ينفع للمستقبل) لم يعرفها إلا جيلنا وبعض أبناء القرى المجاور زمان!
وإلى حكاية ينفع للمستقبل:
كان زمان الفرح بالمولود الذكر يحتفي فيه أهل القرية جميعا كرافد قوي يضاف للقبيلة ومستقبلها ويوم الختان تعم الفرحة ويشارك أهل القرية بالحضور ورفد المولود بدفع النقود (النقطة) لحظة الختان يأخذها المختص بالختان مقابل أتعابه وزيادة.
في الربع الأخير من القرن الماضي رزق أحد أبناء السيل البعيدة بمولود ذكر بعد علاج نزول وطلوع وحراك 10 سنوات بين القرية وعدن الثورة!
فعمت الفرحة الجبل والوادي وفي خضم الفرح لم يتحروا عن أفضل من يقوم بجراحة القلفة الذي غالبا تكون في اليوم السابع، فعلم أحد الطارئين على مهنة الختان فذهب واقنع أهل المولود انه سليل أشهر المختصين بالختان.
يوم الختان سن الشفرة وقطب! وبسرعه لف وغلف الجرح بقطن وشاش وضمده ببولستر حتى يخفي النزيف! ولم (النقطة) وغادر وجيبه عامر بالدنانير الجنوبية الخضراء والحمراء والزرقاء.
بعد أسبوع من بكاء وحمى الطفل احضروا أهل المختون مساعد صحي وفك الضماد وكانت المفاجأة ان الختًان قطع الغلاف العلوي للقلفة وجراح الرأس الحيوي فظهر ورم فوق الرأس أكبر من الرأس الطبيعي وتدلت القلفة السفلى بطول الباقي!
فاستدعوا الختان الفضولي وكان بطبعه سليط اللسان: ومجرد ما شاف الحالة قال:
زيادة ممتازة (با تنفعه في المستقبل)!
ولهذا كان غيظي من بائع الفوانيس انه يضمر رسالة سياسية عن مستقبل كهرباء عدن والجنوب!
ورمضان كريم مقدما لم يقرأ ويقول رمضان كريم