آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-12:33م

متى سيتوقف عبث الثأرات القبلية في مديرية مودية؟

الجمعة - 15 مارس 2024 - الساعة 01:27 ص

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب




فاجعة جديدة تُضاف إلى فواجع هذه المديرية ، ومصيبة تسجل إلى مصائها ، وبلاء يحل بأهلها إلى ابتلاءاتهم وما أكثرها !!!
وكل هذا الشر مصدره الثأرات القبلية البغيضة ،،
هذا الثأرات التي يصر البعض على اجترارها جيلاً بعد جيل ، حتى أصبحت ثقافة ينشٌأ عليها أطفال القبيلة ، ويرتشفونها مع حليب أمهاتهم لتصبح جزءاً أصيلاً من شخصيتهم القبلية.

هذه الثقافة النكدة _ للأسف الشديد _ سيطرت على كثير من العقول فتحولت إلى أحقاد دفينة امتزجت بشخصية القبلي ، بل أصبحت أصلاً أصيلاً من تكوينه الفسيولوجي ..
حتى صار التخلص منها بحاجة إلى جهد شاق، وعمل معقد .

هكذا يعبث أولئك الحمقى بأمنهم ، وهكذا يسترخصون أرواحهم وأرواح الغير في مسلسل درامي ممل ، تتكرر فيه نفس الشخوص ، ونفس الأفعال القبيحة ، ونفس الأدوار .... وربما يستمر هذا المسلسل القبيح لأكثر من مائة عام !!

وللعاقل أن يتأمل هذا المشهد التعيس ...
يحرم أولئك الأغبياء الأمن ، والأمان ، والسلم والسلام ، والسكينة وراحة البال لعشرات السنين...
هكذا لا لشئ ...إلا لحمية الجاهلية العفنة ،
فيا لسخافة العقول !!

إلى هنا وربما يكتوي بنار تلك الثأرات العفنة القبيلتان المتصارعتان ....
فهذا شأنهم ، وهذه نارهم أحرقوا بها أنفسهم،
فهم من يتحمل تبعات تلك الأعمال الإجرامية .

لكن أن يتعدى خطر ذلك الطيش والسفه .....للبطش بأرواح الأبرياء ، الآمنين ، الوادعين في الأسواق العامة . ....فهذا ما لا نرضاه ، ولن نقبل به .

قبل كم يوم فُجعت مديرية مودية بفاجعة أليمة هزت ضمائر
المواطنين ، كان نتيجتها وفاة أحد المواطنين الآمنين في سوق المدينة ، وإصابة أربعة آخرين بسبب إشتباكات لثأر قبلي .
هذه الجريمة البشعة تمت في وضح النهار ، وفي ذروة السوق ، وفي شدة الزحام ...
علماً أنَّ هاتين القبيلتين تنحدران من مرتفعات نائية وبعيدة جدآ عن سوق المدينة ، كان بإمكانهما أن يؤديا هذه المسرحية السقيمة هناك وبعيداً عن أذى الآمنين .
فمن يوقف هذا العبث ؟
من يوقف هذه التصرفات الخرقاء ؟
من يردع تصرف أولئك المجرمين الذين يتساهلون في إزهاق أرواح الآمنين في سوق عام ( الأصل أن تكون له حرمته ) ؟!!!
للأسف هذه ليست الحادثة الأولى التي وقعت في سوق المدينة ....بل سبقتها عشرات الحوادث لذات السبب ، وازهقت أرواح أبرياء ولم يتلق المجرمون أي عقاب رادع نتيجة تلك التصرفات الإجرامية إلى هذه اللحظة ، وهو ما دعاهم للتماهي في تكرار تلك الأفعال مرة ومرات في سوق المدينة !!

اتذكر أن آخر حادثة لنفس القبيلتين وقعت شرق
المديرية وبالتحديد تاريخ ( 2/14/ 2022م ) راح ضحيتها شاب في العقد الرابع من عمره ( حسين عبدالله الصوملي ) ليخلف وراءه أربعة أطفال ، وأم أرملة ، وأصيب في الحادث آخرون .

اليوم تعاود القبيلتان نفس السيناريو وفي وسط سوق مدينة مودية ، والنتيجة إزهاق أرواح أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل بهذا الطيش والسفه !!

إنني إلى هذه اللحظة مصدوم ولا أكاد أصدق ما يحدث !!!
أيعقل أن تُرتكب هذه الجرائم البشعة في سوق مدينة مودية المكتظ بالبشر ، بل وتتكرر بنفس السيناريوهات لحوالي عقدين من الزمن.....
ووجهاء القوم ، وعلية الناس ، ومثقفو المدينة ، وقادة الرأي ، ورؤساء الأحزاب ......صامتون ، وعاجزو ن عن فعل أي شيٍ حيال تلك التصرفات الوقحة ؟
ما قيمتكم في المجتمع إذا كنتم عاجزون عن إيجاد
حلاً رادعاً لمثل هذه التصرفات التي تعرض حياة رعيتكم للموت ؟
لماذا لا تجتمعون حول هذه القضية _ التي لا يختلف عليها اثنان _ وتضعون ضوابط رادعة لحقن دماء الناس الآمنة في السوق ، أسوة ببقية أسواق مديريات محافظة أبين ؟

إنَّ إزهاق أرواح الناس في سوق المدينة لعنة تلاحقنا جميعاً، ووصمة عار على جبيننا كلنا !!!

لذلك أدعو وجهاء القوم إلى سرعة وضع ضوابط قاسية جدا ، ومغلظة بشدة ، والتعاهد عليها ، وصياغتها كوثيقة مرجعية ملزمة للجميع .

وفي الوقت ذاته يجب معاقبة مرتكبي هذه الجريمة
بعقوبة الشرع الرادعة الواضحة حتى يرعوي أولئك
المجرمون ، وتكون عبرة للغير .
علماً بأنَّ دية الرجل في الشرع : ( هي مائة من الإبل. ..
تثليثها أن يكون ثلاثون منها حقه، وهي الإبل ما أكملت ثلاث سنين وطعنت في الرابعة، وثلاثون منها جذعة، وهي ما أكملت من الإبل أربع سنين وطعنت في الخامسة، وأربعون منها خلفة وهي الناقة الحامل)

وتثمن الإصابات بحكم شرعي قاس ، وكذلك تثمن حرمة السوق .

أملي كبير في سرعة التحرك لإنجاز هذه الوثيقة
والتوافق عليها ، وإخراجها إلى العلن

رحم الله فقيدنا ، وأسكنه فسيح جناته
ونسأل الله أن يمن بالشفاء العاجل للمصابين.