آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-10:46ص

هل سينجح بن مبارك في معركه ضد الفساد؟

الإثنين - 26 فبراير 2024 - الساعة 11:33 م

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب




لن تقوم دولة في الشمال او الجنوب او الأتحادية مالم تسبقها معركة شاملة و ممنهجة و حاسمة للقضاء على الفساد ، و قد كنت غيري أظن التباينات السياسية هي احد عوامل أزدهار و ترسخ الفساد في مفاصل و لكن من الواضح انها واحدة من العوامل و ليست كلها و الدليل في الأنظمة الغربية و الديمقراطية غالبا ما تكون الحكومات ناتجة عن تحالفات لأكثر من جهة و حزب و الأمور تسير فيها على مايرام طالما كان هناك دولة و نظام و نية و مشروع وطني تسعى إلية هرم القيادات و حتى و لو في جزئية و فترة مرحلية تمهد على الأقل لإستقرار إقتصادي و الذي سيتبعه حتميا إستقرار سياسي متين و ليس هشا..

في حرب 1994م أوكلت مهمة تمويل الحرب من قبل الرئيس صالح إلى مجموعة من التجار من بينهم هائل سعيد انعم و مجموعة البيوت و الشركات التجارية و كان ذلك في مقابل انهم سيحصلون على امتيازات فيما بعد الحرب و حتى و الحرب كانت في اوجها فقد بدأت هذه الشركات بالإستحواذ على كل ما يقع في أيديها و لا يفرقون في ذلك مابين المال العام او غيره ، و طبعا انضم إلى هؤلاء مجموعات كبيره من السياسين و القيادات الحزبية و العسكرية و شكلوا ما يشبه الفرقة و التي تهتم بتسهيل السيطرة ليس على موقع في أيديها فقط زمن الحرب و لكن حتى الصفات الإقتصادية و الأراضي و لم يسلم من ذلك شارع او متنفس عام و كذلك كانوا يستحوذون على صفقات المشاريع و التنمية و النفط حتى حرب 2015م ، و أستمر البعض على نفس النهج بعد الحرب و على نفس الطريقة و الأسلوب و أنضم إلى ذلك مجموعات كبيره من القيادات السياسية و العسكرية و التي تسهل لهم ذلك في أعلى و أدنى هرم الدولة و حتى و إن أختلفت الأهداف السياسية الا ان مصالح التبادل و المنفعة بين هؤلاء أستمرت و حتى عشعش الفساد كل مفاصل الدولة و خلال السنوات الماضية فقد أبتعدت الدولة عن المواطن و كانت كل مواردها مخصصة فقط لمجاميع من التجار و القيادات السياسية و العسكرية بما في ذلك المضاربة بالعملة على حساب غذاء و حياة المواطن و الذي كانوا ينظرون إليه السنوات الماضية ككائن فضائي دخيل و خارج حساباتهم.. و بفضل من بعض مسؤولي الدولة و بعض من القيادات السياسية و بعض الجهات الحزبية توطن هؤلاء الفاسدون في كل مكان و مرفق ، بل و صار الفساد ثقافة عامة تمارس في كل المرافق و المصالح الحكومية و من بينها الخدمية و الأمنية و بات هؤلاء و كأنهم يعيشون في عالم خارج عالمنا و لا يطالهم عقاب او قانون و حتى مشاكلهم تحل بتسويات في أطار فلكهم و يكفي عقر ثورين امام أحدهم حتى لو لم يكن بحجم الدولة او الدستور..

تابعنا الزيارات الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الجديدة الدكتور بن مبارك إلى بعض المرافق الحكومية و بصراحة فقد أحيت لنا آمال ربما كنا قد نسيناها او ربما ان اليأس قد غلب علينا في ان نرى رئيس حكومة او مسؤول حكومي يزور مرفق و لم يكن هدفه فقط اخذ و التقاط صورة السيلفي و يتركها لمطبليه ليتتفننوا في كتابة موضوع تعبير الإنشائي عنها ، لم يكن في بال او خلد أحدنا ان في أول زياراته الميدانية يسحيل مجاميع للتحقيق معهم لتقصيرهم كان او فسادهم و ان دل دلك على شيئ فأنما يدل على اننا قادمون على نهج جديد ستكون فيه الدولة و القانون حاضرتان..

نتمنى أن تكون خطوات بن مبارك تلك تمهيد لخوض معركة شاملة للقضاء عن الفساد و ان لا تتوقف عند حد او جهة او أشخاص و انها منهجية ستستمر حتى النصر و ان لا تكون مؤقته و لمجرد لفت النظر إلى حكومته ليس إلا..

للأخوة في المجلس الإنتقالي أظن أنكم قد أستنفذتوا مرحلتكم بحوافزها و لم تقدموا شيئا يمكننا الأخذ عليه فيما يخص الفساد و الدولة و نتمنى أن تنتهزوا فترة بن مبارك للإنخراط فيها دون عرقلتها طالما لا يزال رفعا راية معركة الفساد و لأن الفساد هو من أصابنا في مقتل حتى كان تأثيره السلبي علينا أكثر ما خلفه لنا الحوثي من دمار و دماء و شهداء.. و للتذكير فقد كان الرئيس سالمين يعرج على المستودعات و مرافق الدولة ليبحث بنفسه عن لصوص المال و عن المخالفين للقانون و لو كانت إشارة مرور بأحد الشوارع الفرعية و حتى قيل انه نفذ الأعدام في حق أمين مستودع أطاج بتنكة سمن و ليست عقارات او اراضي او أموال كثيرة من المال العام و لهذا أسس دولة يهابها الطير المهاجر قبل العدو و ليست مهرجانات و شعارات خاوية..

بالبتوفيق لبن مبارك في معركة مكافحة الفساد ان كان جادا بها و له كل قبلات و بركات و دعوات جوعاننا التي يملئ صداء و قرقرة بطونها الخاوية الفضاء.