آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:30ص

المعلمون يعيشون تحت أقدام الفقر !

الإثنين - 26 فبراير 2024 - الساعة 08:10 ص

الخضر البرهمي
بقلم: الخضر البرهمي
- ارشيف الكاتب




 كم يبدو هذا الوطن ضيقاً رغم اتساعه تشعر وكأنك في علبة تحاول قدر الإمكان الخروج منها لكن لاتستطيع ، حين تلاحقك همومك قبل هموم الأخرين ، آلآف من المُعلمين على امتداد مساحة هذا الوطن الجريح تحصد أرواحهم الفاقة ويفترسهم الفقر والجوع والمرض ، وهم ينامون ويصحون على حلم ضائع في زمن الممنوع اسمه رغيف الخبز !

لعب الوقت بدل الضائع دوراً بارزاً في تدمير شخصية المعلم ، وساعد في تدميره عوامل كثيرة ، ليظن المسكين أن الأزمة قد وضعت أوزارها وهي بداية مفتعلة لأزمة كبرى خانقة دفع ثمنها بسخاء وجنى ثمارها الطغاة والمغامرون ، والنتيجة هلاك هذا المعلم واتساع مساحات الشقاء والعناء امامه ليتحول التعليم معه إلى استعمار وكتابة التاريخ من جديد !

يمضي عام ويأتي آخر ، واعمارنا المقصوفة تتسرب بحثاً عن لقمة مفقودة وأحلام تتبخر في السماء  لايتحقق منها شيء ، دفعت قلوبنا وأدمغتنا وصحتنا ثمناً لذلك بسبب حماقات ارتكبت لا للمعلم فيها ناقة ولا جمل ، لنقول بكل سخرية غداً وغصباً عنا نجحت العملية ومات المريض ! 

نأمل من الرئيس أن يخرج من هذا الصمت المُخيف وينادي من مطبخه السياسي على أقل تقدير تضامناً مع ذلك المعلم الذي نكلوه وضربوه ومسحوا به بلاط أرضية المدرسة ، ويطلب من أمير حكومته أن يبتسم فقط أمام عدسات الكاميرات ليطمئن الناس من أن القادم أجمل ، حتى لايُقال عليه هو الآخر من أنه الجبل الذي تمخض وولد نملة ، وأن الأمر قد تجاوز حدود الوطن !

لقد ضُرب المعلم وذهبت كرامته وفقد هيبته ووقاره وإستبدلوا إزاره بقميص ممزق من دون جيوب ، هذا ماكشفته لنا معطيات الكارثة ونفاق الساسة الذين قادوه إلى الهاوية معلناً بذلك عن فداحة الجريمة ، ابتداء من أفكار الرئيس المستوردة مروراً بالوزير الذي لم يبلغ سن الرشد والعقل السياسي ، وليس ببعيد عن هذا السياق أن تأتي أفكار المحافظ البليد الذي يتوقع  متى يتم إستبعاده من مكانه !

 وفي الأخير كل ماتبقى من آرث التعليم في يمننا السعيد معلم مخلوع جوعان على شكل هيكل عظمي ، وهوامش وطلاسم في المناهج حرفوها الجماعة سُتكتب في تاريخنا اللاحق بأحرف من فحم ، وستظل إطلالة مرسومة محفوظة في مكتبات الحُسين بصعدة ، لتُباع من بعد وبالمزاد في أسواق شوارع التحرير وشعوب ونقم وباب اليمن بصنعاء القديمة !