آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:36م

ضُرِبَ المعلم وبكى وأُهين.. فماذا تبقى من كرامته؟

الخميس - 22 فبراير 2024 - الساعة 05:34 م

د. أنور الصوفي
بقلم: د. أنور الصوفي
- ارشيف الكاتب


ظهر الطلاب في يوم الاعتذار لمعلمهم كالفرسان الأبطال، فقد وقفوا أمام الميكرفون كالزعماء، ليحدثوا زملاءهم أنهم تسرعوا في ضرب معلمهم، بمعنى أنهم لم يعدوا العدة الكافية لضربه، فتمنى كل طالب في ذلك اليوم أن يكون هو مكان زملائه الذين ضربوا معلمهم وجاءوا ليخبروا زملاءهم بتسرعهم، فانتشرت صورهم كالأبطال، فمن هنا أقولها لكم: إننا سنسمع مثل هذه الحكايات الكثير والكثير، وسيُجلد المعلمون، وسيهان المعلم بعد لجنة لملس التي أهانت المعلم.

من المفروض أن يحال المحافظ ومدير المديرية ومدير التربية بالمحافظة والمديرية ومدير المدرسة والمدرس للتحقيق في التفريط في قيمة ومكانة المعلم، فقد جعلت هذه اللجنة من المعلم أضحوكة على كل الألسن.

ضُرِبَ المعلم في عدن، وبكى آخر في أبين، وكادت معلمة أخرى تنتحر بسبب الجوع، فماذا تبقى للمعلم؟ أين الرئاسة والحكومة من معاناة المعلمين؟ أين الجميع من ورثة الأنبياء؟

مهما حشدت من مفردات في يوم ضرب الطلاب لمعلمهم فلن أستطيع أن أعبر بتلك المفردات عن الوضع الذي وصلنا إليه، فكل المفردات لن تفي بنعي المعلم في هذا اليوم، فاليوم تم الإجهاز على المعلم من أبنائه، نعم اليوم ضُرِبَ المعلم، وتكالب عليه طلابه، وأشبعوه ضربًا، فأي مفردات تستطيع وصف ذلك الموقف؟!

أهين المعلم من حكومته، فتجرأ عليه طلابه، وخاصمه المجتمع كله، وطالبوه بالاستمرار في أداء واجبه، فصدق المسكين فثبت، فتمرد عليه طلابه بعدما رأوه هزيلًا متهالكًا، فضربوه، فاضرب أيها الطالب أستاذك، اضربه لعل ضربك يوقظه، اضرب فقد ماتت عند المعلم المطالبة بحقوقه، ولكنه مازال يعلمكم كيف تطالبون بحقوقكم، فاضربوه فهو أهل للضرب.

اضرب أيها الطالب أستاذك، فهو يعلمك كيف تأخذ حقوقك، وكيف تقاوم، وهو لا يستطيع أن يضرب من أجل حقوقه، فاضربه لعله يضرب، ولعله يستمر في إضرابه، ليأخذ حقه، اضرب أيها الطالب أستاذك، فهو جدير بالضرب، لأنه فقد مكانته.

أكبر إهانة للمعلم من ضربه اعتذار طلابه الذين ظهروا كالفاتحين، وظهر كل الذين من حولهم كالمعجبين بهؤلاء المشاهير، وتمنوا أن يلتقطوا صورة معهم، فقد قالوا: إنهم قد تسرعوا في ضرب معلمهم، وأنا أقول لهم: لم تتسرعوا حبايبي الطلاب في ضرب معلمكم فهذا هو أفضل وقت لضرب المعلم وتأديبه، فاعتذاركم أكبر إهانة للمعلم، فمن المفروض أن يكون يوم ضربكم للمعلم هو يوم المعلم في هذا الوطن المضروب من رأسه حتى أخمص قدميه.