آخر تحديث :الأربعاء-18 سبتمبر 2024-04:33م


لا تنتصر لمن لم ينتصر لنفسه

الأربعاء - 21 فبراير 2024 - الساعة 04:56 م

د. عبدالعزيز صالح المحوري
بقلم: د. عبدالعزيز صالح المحوري
- ارشيف الكاتب




النضال في سبيل الذين ألفوا التبعية وارتضوا الانقياد، طيش وحماقة، والكفاح لإحياء كرامة من لم يجرب الحياة الكريمة ولا يريدها، مجازفة لايقتصر خطرها على أهل النضال وحدهم وأنما ينطلي حتى على أهل الخنوع والخضوع.
غيٌ وغواية، أن يسرق لحظاتك ويستنزف طاقاتك قوم لا يرومون الأنفة ولا يرونها، ولا يفقهون عزة النفس ولا يعرفونها.
عقولهم فارغة إلا من المواتاة والإذعان وأفئدتهم خاوية إلا من الاستكانة والامتثال.
استظلوا بالرضوخ عن شموس الرفعة واستكنوا بالاتباع من أعاصير الإباء.
يرون أجورهم المقصوصة وحقوقهم المنقوصة نعم توهب وأفضال تعطى.

في ثقافة هؤلاء، يكون التسلط والابتزاز الإداري حرصاً وعناية، وتكون الإهانة والشتم أمام الزملاء في مرافق العمل وأمام الطلاب والطالبات في الكليات هي نصيحة وإرشاد، أجبرت ظروف العمل القاسية رؤساء المؤسسات عليها وألجأتهم لها.

يصنفون كفاحك مغنم ونضالك ارتزاق وصراعك لأجلهم اكتساب ومصلحة. إشفاقك وحرصك على هؤلاء هو سلوك غير منطقي وتصرف غير مبرر حتى في نظرهم، بل هو تمرد وشقاق مكتمل الأركان والجوانب، وانحراف عن مسار العدالة المؤسسية، غير أن بعض الطيش لايسوؤهم وحدهم بل ينعكس أذاه على الكل.

الوقاحة الإرشادية والانحطاط التوعوي -في أزهى هندام- يبرز في احتراف طرائق التحقير والتصغير من قبل عمداء بعض الكليات واستخدلمها تجاه الهيئة التربوية الأرقى والأيقونة الأكاديمية الأسمى؛ في الوطن.

عندما تجبر الظروف القهرية التي يمر بها عمال الوطن عموماً والتربويون خصوصاً، هذا الأستاذ المغلوب على التأخر عن زمن المحاضرة أو أن تدفعه الحاجة إلى ارتداء القميص عوضاً عن البدلة الرسمية أسوة ببعض المسموح لهم من الخاصة وأهل الود، ليجد هذا المسكين عميداً مترصدا، عابس الوجه، مشمر السواعد، مكشر الأنياب فاتحاً لقفه عن مصراعيه، فاغراً فاه عن جزأيه وفردتيه، وبلسان لا يجاريه اهتزازاً غير ذيل الأفعى المجلجلة؛ لينهال عليه بالشتم والصراخ على مرأى ومسمع من الكل، كائن من كان " زملاء، طلاب وطالبات، إداريين وغيرهم".

بأي طلعة وبأي محيا سيقف هذا المدرس محاضراً لطلابٍ أهين وشتم أمامهم؟

أي مكانة واي منزلة تركتم لهذا المعلم في نظر زملائه وطلابه؟ وأي هيبة وأي وقار أبقيتم له؟

التصرفات الرعناء التي يقدم عليها مفتقرو أبجديات العمل الأكاديمي وجاهلو أساسيات الضبط الإداري من عمداء مرحلة الانفلات هي شنار ونقيصة في تأريخ المؤسسات الجامعية وأكاديمييها.

جبل الأكاديميون على الظلم وتجلدوا وتصبروا عليه، وبقاؤهم مستقيمين خلال هذه المرحلة الظالمة والظالم أهلها خير دليل على ذلك، ولكن الأمور فاقت الظلم وتخطت الجور وتعدت الاستبداد وتجاوزت الإجحاف لتصب في مفهوم لاتسمح به ولا تجيزه الأخلاقيات الأكاديمية يسمى الإهانة.

إن لم تنتصروا لأنفسكم فلمن ستنتصرون؟ ولأجل من ستغضبون إن لم تغضبوا لها؟.