آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-05:00م

منجزات في مهب الريح

السبت - 27 يناير 2024 - الساعة 12:51 م

احمد الجعشاني
بقلم: احمد الجعشاني
- ارشيف الكاتب


مجانية الصحة والتعليم والإنجاز الذي احتفى به الوطن ،أصبح في مهب الريح وذكرى قديمة يتغنى بها الاجيال .

كم كنت أتمنى ألا نصل الى ما وصلنا اليه اليوم ، الشاهد اننا كل سنة ومنذ غداة الثورة أصبحنا نتخلف عن كل منجز ومكسب حققته الثورة والوطن وأهمها مجانية الصحة والتعليم لكل مواطن ، ولكن لا يبقى الحال من المحال ، تغير الحال ودخلت الدولة في حروب متتالية حتى وصلنا الى وضع أسوأ مما كنا فيه .

أن تتأخر رواتب الموظفين في كل شهر بل هناك ممن لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر في الجهاز الحكومي ، وهذا قد القى بظلاله على الكثير من المرافق الخدمية ، وخاصة مجال الصحة و التعليم الحكومي والتى تفتقر الى اي موارد ماليه ذاتيه ، تساعد المعلمين في احتياجاتهم المعيشية والظروف الصعبة التي يعانيها المعلم أو المواطن من غلاء الاسعار وارتفاع سعر الدولار، وهي إشكالية يعاني منها موظفي الدولة جميعا ، بسبب تأخر الرواتب وهم لايملكون دخل أخر يساعدهم في اجتياز هذه المحنة التي اوجدتها الحكومة بسبب اجراءات روتينية اتخذتها البنوك أمام هؤلاء الموظفين ، وأيضا عجز الحكومة عن توفير السيولة المالية للبنوك التجارية المنوطة بصرف الرواتب .

ولعل أسوأ ما يمكن أن نراه اليوم ، هو أن إدارة التربية والتعليم في عدن ، قد سمحت للمدارس بأن تفرض رسوم أو جباية غير شرعية تحت مسمى المساهمة المجتمعية ، على الطلبة والطالبات في المدارس الحكومية ، وذلك لسد احتياجات المدارس المالية ، من دفع رواتب المعلمين المتعاقدين الذين توقفت رواتبهم المدعومة من المنظمات ، وأيضا تأخر رواتب المعلمين المنتظمين بسبب تأخر رواتبهم الشهرية ، حيث فاجأتنا بعض المدارس الحكومية في الشيخ عثمان ، بطلب من واولياء الأمور المساهمة بدفع رسوم مبلغ ألف ريال شهريا وبعض المدارس الفين شهريا والبعض أكثر من ذلك ، على كل طالب يدفعها ولي الأمر الطالب او الطالبة إلى المدرسة ، تحت مبرر أن المعلمين المتعاقدين لم يستلموا رواتب منذ أشهر ، والمعلمين المنتظمين تأخرت رواتبهم في البنوك وأنهم عاجزين عن مواصلة التعليم للطلبة، وهي سابقة خطيرة وإنذار مبكر يكشف عن سوء مستوى الحال الذي وصلت إليه مهنة التعليم الحكومي في عدن .

وهي ظاهرة قد سبقت إليها وزارة الصحة وهي رسوم المساهمة المجتمعية على المواطن ، والتي بدأت بخمسين ريال يمني فقط ، وعندها كانت الرواتب تكفي المواطن وسعر الدولار منخفض جدا ، بينما اليوم أصبحت مستشفيات الحكومة تنافس مستشفيات القطاع الخاص ، الكشف بألف ريال يمني وكل فحص تدفع فيه ثمن الفحص الذي لا يقل عن الف ريال يمني ، واذا كان هناك عملية جراحية عليك إحضار مستلزمات العملية على حسابك .

مجانية الصحة والتعليم والإنجاز الذي احتفى به الوطن ، أصبح في مهب الريح وذكرى قديمه يتغنى بها الاجيال .

قد لا ألوم المعلمين عن طلبهم هذا من أولياء أمور الطالبات ، لأنهم يعانون ولا يستطيعون مجابهة ظروفهم المعيشية الصعبة ، ولكني أحمل الدولة سوء إدارتها ، أمام تأخر الراتب أكثر من نص شهر وأحيانا ربما أكثر من ذلك ، وراتب المعلم المحدود الذي لا يكاد يكفي متطلبات معيشته ، أمام الغلاء الواقع في بلدنا وما تشهده من انفلات كبير في الأسعار بسبب ارتفاع الدولار الذي يضعف من قيمة الريال اليمني ، ألا أن ذلك أيضا هو حال جميع موظفي الدولة في المرافق الخدمية .

هم وحدهم الفقراء المدقعون من يرسلون أبناءهم إلى المدارس الحكومية ، هم الموظفين في المرافق الخدمية والمتقاعدين عن الخدمة الذي لا يستطيعون دفع رسوم المدارس الخاصة ، ولا يستطعيون حتى توفير لقمة العيش بسلام ، والذين يعانون في كل لحظة الافراج عن رواتبهم الزهيدة من البنوك ، مثلهم مثل المعلمين الذي يعانون ، هولاء سوف يحجمون غدا عن إرسال أبنائهم الى مدارس الحكومة ، لانهم لايستطيعون توفير لقمة العيش بسلام أمنين ، فكيف سيدفعون ثمن تعليم أبنائهم في مدارس الحكومة ، لا يمكن أن أطلب الرجاء من خايب الرجاء.