(عديلة) كان ذهني خال من الخبابير.. فتحت الجهاز، وفوجئت بسيل من التعليقات تدور حول الاخت عديلة ابراهيم، زميلة مسرحنا، ثم المذيعة الشهيرة، ثم الزوجة الصالحة الئ خارج عدن.. ما فوجئت به واحزنني حقاً هو التعازي بموتها الذي ما سمعته من قبل ولا كان في حسباني رحمها الله ان كانت قد غادرت دنيانا فالموت حق.
لكن المعلقون خلطوا بين العديلتين، عديلة بيومي، ارملة رئيس وزراء عدن الاول، حسن علي بيومي، وعديله ابراهيم الحاج زميلتنا هذه.. وهما مذيعتان. عديلة ابراهيم من بنات المعلا.. خليط عدني صومالي هندي.. وكانت فاتنة.. عملت كمضيفة في طيران عدن Aden Airways
ثم التحقت للعمل بالاذاعة.. واشتهرت كمذيعة ومقدمة برامج، بالذات برنامج الاطفال الذي منحها لقب ماما عديلة.. ودخلت عالم المسرح معنا في فرقة المسرح الحديث.. ولعبت ابرز ادوارها في بطولة مسرحية" الام " لمكسيم جوركي التي اخرجها الصديق فيصل عبدالله.. كان الرئيس سالم ربيع علي قد دخل المسرح تلك الليلة وسال مراسيمة عن الحفل فقالوا له مسرحية روسية اسمها الام.. حك راسه، وقام.. قال : ظننتها ام يمنية. !! وغادر المسرح مع انه كثيراً ماشجع المخرج فيصل عبدالله في بداياته... كانت المسرحية ناجحة فقد كتب اناشيدها الشاعر الكبير عبدالله سلام ناجي، ولحنها محمد عبده زيدي.
عديلة ابراهيم اذن.. في ذروة تألقها كمذيعة قام الاستاذ راشد محمد ثابت وزير الاعلام مساه الله بالخير بما عرف وقتها بمذبحة الاعلاميين مجازاً : نقل عديلة ابراهيم للعمل كاوبريتور تلفونات في فندق امباسادور، واحمد ناصر الحماطي الئ مؤسسة بيع الفواكه والخضار !! وكذلك عبدالرحمن ثابت للدراسة في موسكو وغيرهم.. ومنع لنا مسلسل رمضاني اذاعي من تأليف محمد مدي اسمه"كركر جمل"كنا قد سجلنا منه عشر حلقات. !!
عديلة ابراهيم... كانت قد تزوجت بالموسيقار جميل غانم مدير ومؤسس معهد الفنون.. وانجبت له بنت صارت بعد ذلك مذيعة وانتقلت للعمل في تلفزيون صنعاء لتموت هناك في ظروف مأساوية غامضة. !!
عديلة ابراهيم.. ذات ليلة وهي تسجل معنا واحد من الاعمال الدرامية للاذاعة، وكانت تلك الاعمال كثيرة ومميزة.. دخل علينا زوجها جميل غانم وهو يرغي ويزبد في غضب عارم.. واوسعها لطماً وضرباً..وجرها من شعرها الى الخارج.. اظنه كان مخموراً..ولم يطل بهما الحال على ذلك المنوال فحدث الطلاق. !!
عديلة ابراهيم.. جرت مياه كثيرة تحت الجسور.. تزوجت عديلة من رجل فلسطيني يقال له ابو العز من رجال الجبهة الشعبية الفلسطينية.. ويملك كازينو القدس وفندق في التواهي.. ولان المفاجآت لا تنذر بوقوعها انفجرت احداث 13 يناير المأساوية.. وفرغت الفنادق ودور الضيافة من الاكل والشرب، وكان الانقلابيون يرتبون مهرجاناً احتفالياً لنصرهم يدعون اليه من العالم وجوه من الساسة المؤيدة لسلطتهم.. وكان ابو العز، زوج عديلة هو المنقذ.. تولئ ترتيب الحفل بنقل موائد الاطعمة وقوارير المشروبات جواً من بيروت الى عدن.. بما في ذلك مناديل الكلينيكس. !!
عديلة ابراهيم... تدفقت مياه اكثر تحت الجسور.. اخذ ابوالعز زوجته الحبيبة عديلة بيدها وسافر بها الئ بيروت تاركاً املاكه لوكيل يديرها.. وهناك انجبت له دزينة من الاولاد والبنات كما قيل لنا.. عديلة كانت ولادة.. صحتها تساعدها علئ فعل كل شيء، لكن اسوأ مافيها انها كانت ثرثارة جداً..وشديدة البخل..
كنت اجلس وصديقي المخرج فيصل عبدالله، وآخرون قدام نادي الفنانين كعادتنا كل ليلة.. وراجت اخبار اعادة الاملاك المؤممة الى اصحابها بعد الوحدة التي بدأت مباركة، وانتهت ابعد ما يكون عن البركة..
عديلة ابراهيم.. وجاءت الينا عديلة ابراهيم كطيف هيببي.. خارج من عباءة البوهيميين.. جلست بجنبنا علئ السور القصير قدام النادي، كولد عاق خارج عن طاعة والديه.. تلبس تي شيرت كأي ولد وتحته جونله اسكوتلندية.. وبيدها ملف كبير مليء بالاوراق.. تطالب في مساع يومية باستعادة املاك زوجها الكثيرة.. وتثرثر بالكثير من الكلام والتفاصيل المملة وغير السارة.. مسح فيصل دمعاً تجمع في عينيه من شدة الملل من ثرثرات عديلة.. وبكيت مثله.. لكن عديلة لم تتوقف عن الثرثرة.. ونشف ريقها من الكلام، وريقنا من الاستماع.. فطلبنا ماءً بارداً يبلل الريق من بيت الهنود الكرام خلفنا.. فجاءوا الينا بالماء ومعه دبة شاي احمر على الكيف.. قالت عديلة : هل هذا بلاش؟؟ فقاومت رغبة راودتني لخنقها. !! قام فيصل.. وقال: هذا كثير.. جداً كثير.. وفضينا السمرة.. فالسمرة بلا حنضل تجيب الفسو كما يقول الحضارم، والعهدة على البحاح..
نجلس كل ليلة بامان الله وسلامة.. واذا اقبلت عديلة يراها فيصل ويردد في فزع:
اجت.. اجت.. عديلة اجت.. فنفر الى مقهى كشر القريب لنشرب من يد القاضي المقهوي الذ ما تنتجة عدن من الشواهي الملبنة. !!
ماعدنا قادرين علئ احتمال ثرثرات عديلة زوجة رجل الاعمال الثري، في لبسها الذي لاتغيره:تي شيرت.. وجونلة اسكوتلندية.. ماكان اجمل وانجح تلك المذيعة.. والممثلة المتألقة في ايام التجلي !!! لكن ثرثراتها تسلب الرامي زلامه
