آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-11:15م

أزمة الهوية

الجمعة - 12 يناير 2024 - الساعة 12:36 ص

عبدالعزيز الحمزة
بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


 
عشر سنوات منذ الانقلاب الحوثي على الدولة اليمنية ، هذا الانقلاب الذي جعل اليمن تمر بأخطر منعطف يهدد اليمن في عمقها الحضاري والتاريخي وهويتها الوطنية ، مثلما قوض الأمن والاستقرار ، ومزق النسيج الاجتماعي ، واصاب الوطن بكارثة اقتصادية خطيرة .
وما تشهده الساحة السياسية  اليوم من إنشاء كيانات سياسية على اساس مناطقي  أو جهوي في مناطق متعددة في الشرق أو الجنوب  أو الشمال ، بأسماء تعمق أزمة الهوية الوطنية،  ستكون له أثر كارثية ، تحول اليمن إلى دويلات متناحرة ، ضعيف ، تجعل اليمن مطمعا للقوى الخارجية .
ان طمس الهوية هو مظهر خطير من مظاهر الازمة السياسية التي يعيشها اليمنيون شمالا وجنوبا ، فالعوامل التي تشكل الهوية هي التاريخ والثقافة والعلم والمعرفة ، وهذه العوامل تتعرض للتزييف والاختزال والنحت والعبث ، من خلال قوى سياسية مغامرة في شمال اليمن وجنوبه ،لا تدرك خطر ذلك التزييف الذي تمارسه ، ومنذ اكثر من عشر سنوات  تقوم هذه القوى المغامرة  بممارسة دورا خطيرا في تضليل النشء وتزييف الوعي الجمعي ، لخلق هوية وطنية يكون الولاء فيها لهذه القوى السياسية ،لا للدولة بمفهومها الشامل الذي يعني الارض و الشعب والسلطة و الايدولوجيا الحاكمة .
هذا التزييف يهدف الى تكريس المناطقية والطبقية والفئوية باسم الوطنية المزعومة لهذه القوى السياسية المغامرة ،لإضفاء الشرعية على كل ممارساتها غير الشرعية .
 فالتاريخ اليمني لا يمت بصلة للتاريخ الذي تزعمه هذه القوى ، فالتاريخ الذي تروج له هو تاريخ مزيف يختزل التاريخ والحضارة  في سلوكيات هذه القوى السياسية المغامرة في الشمال والجنوب ، حتى اصبح الشعب اليوم يعيش حالة اشبه بفقدان الذاكرة ،فتاريخه يبدأ بتاريخ هذه القوى ، فهي التاريخ والشعب والدولة ولا شيء غيرها .
كل ذلك من اجل ترسيخ هوية ترضى بالخضوع المطلق لسلطة هذه القوى السياسية المغامرة ،والاعتراف بمشروعية استفرادها بالسلطة والثروة .
هذا الوضع من التشظي والتشرذم في مفهوم الهوية الوطنية هو الضامن الوحيد لهذه القوى لتجد لها موطئ قدم في الحكم والسيطرة .
وتكمن اهمية الهوية الوطنية بأنها الرابط المشترك الموحد الذي يصهر الامة والمجتمع في بوتقة واحدة ، وهي مصدر فخر لكل مواطن في هذه الامة .
ان الهوية الوطنية التي تريدها هذه القوى السياسية المغامرة أشبه بالمولود الخداج الذي يولد مشوها غير قادر على الحياة مهما حاولت هذه القوى تزيينه بوسائل اعلامها المُزيِّفة للحقيقة ، لان هذه الهوية المزيَّفة تعيش اشكالية الاستلاب وإشكالية الانتقاص وإمكانية مصادرتها ، فهي نتاج عن مشاريع استعمارية خارجية ،تهدف الى استلاب الهوية والوطنية القومية الاسلامية لشعوب المنطقة العربية الاسلامية .
وهي بخلاف الهوية الوطنية اليمنية العربية التي تولد مع المواطن اليمني ، فهذا المواطن تعيش معه هويته في أي زمان ومكان ،سواء اكان في الوطن أوفي المهجر ،وفي ظل هذا النظام او ذاك ،بخلاف الهوية المسخ التي يراد لأبناء اليمن شمالا وجنوبا  اليوم ان يعتنقوها والتي قد تزول في أي لحظة ، وأنا على ثقة انه في المستقبل القريب وفي ظل الدولة اليمنية المستقرة لن يكون هناك احد يدعي هذه الهوية المزيفة .
ان اليمنيين يعيشون في جنوب الجزيرة العربية عربا اقحاحا كما كانوا منذ اقدم العصور التاريخية ،ومنذ عهد ابائهم عدنان وقحطان واسما عيل وإبراهيم ،وستظل هويتهم اليمنية العربية الاسلامية هي الهوية التي تجمعهم وتعبر عن كيانهم كشعب وأمة واحدة ،بخلاف الهوية المزيفة التي يراد لها ان تجعل ابناء اليمن شمالا و جنوبا مجرد رعايا وأتباع في دويلات تفتح الاطماع  لكل القوى السياسية  المغامرة التي تهدف  الى تفتيت اليمن الطبيعية الى  طوائف وإقطاعيات متنافرة ومتناحرة ، مما يجعل الحديث عن الحرية والديمقراطية في المنطقة حديث خرافة وترف ثقافي في ظل أزمة الهوية وإشكالية المواطنة في ظل دويلات الطوائف .
عبدالعزيز الحمزة .
الجمعة ١٢ يناير ٢٠٢٤م